هل تهب عاصفة التغيير ؟

10115 مشاهدة
08:29 - 2023-08-24
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز / تقارير وتحقيقات  

بعد عشرين عاما من تغيير النظام السياسي في العراق والاطاحة بدكتاتورية البعث الذي تسلط على رقاب العراقيين لعقود ، ومنذ انطلاقة ديمقراطية عرجاء ونظام سياسي هش اسسه الاحتلال الامريكي وامسك بعصاه ثلة من الفاسدين والمنتفعين وامراء الحروب ، لم يلمس العراقيون تغيرا حقيقيا في شكل الدولة والنظام الذي حلموا به، وباتت مصطلحات الديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد والخدمات والعدالة الاجتماعية تؤرق الشعب بدلا من ان تعطيه جرعة امل في تغير ملحوظ بعد ان ايقن ان هذا النظام السياسي لم ولن يبني بلدا او يحافظ على وطن . 

لحضة إسقاط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد يوم 9 نيسان 2003

يبدو ان نهاية وشيكة للنظام السياسي في العراق باتت تلوح في الافق في ظل معطيات تؤكد عدم رضا من اتى بهذا النظام الى السلطة العام 2003 ، بعد ايقنت الولايات المتحدة الامريكية بان تغييرا من الداخل بدا صعبا هذه المرة، حيث تلاشت احلام العراقيين مع انتهاء ثورة تشرين التي اشتعلت شرارتها في العام 2019 ،واطفأت جذوتها السلطة الحاكمة قمعا وقتلا وتغييبا ، وبدت ملامح هذا التغيير المرتقب جلية في ظل تصريحات المسؤولين الامريكيين وتوقعات المراقبين للشأن العراقي .. 
  
ظهرت في الاونة الاخيرة تسريبات وتحليلات تفيد بأن عام 2023 سيكون بداية التغيير في نظام الحكم في العراق أو على الأقل تغيير في الهيكل الحالي للحكومة وهذا الطرح لم يولد من فراغ بل اراد ترسيخه من يخطط فعلا لتغيير النظام الحالي اوقد  يكون جس نبض للعراقيين او تمهيدا لمرحلة جديدة قد تكشف عنها الايام القادمة، وسط تصريحات لشخصيات سياسية معارضة تؤكد هذا الطرح. 
   
السفيرة الامريكية لدى العراق آلينا رومانوسكي، اعتبرت ان مسألة تغيير نظام الحكم تعود للعراقيين أنفسهم، مشيرة إلى ان تركيزها ينصب باتجاه آخر، مؤكدة إن "‎ تركيز بلادها ينصب على توسيع اتفاقية الإطار الاستراتيجي للعام 2008 بين الولايات المتحدة والعراق بما يتجاوز الأمن إلى علاقة شاملة تحقق نتائج للشعب العراقي. 
المحلل السياسي الروسي فيكتور ميخين ، اشار الى إن أزمات العراق لا تنتهي، بسبب طبيعة النظام السياسي القائم منذ ما بعد عام 2003، مشددا على أن تحركات دولية تتكثف لإحداث تغيير جذري يبدو أنه بات حتميا ووشيكا في البلد الغني بالنفط. 

لم يلمس العراقيون تغيرا حقيقيا في شكل الدولة والنظام الذي حلموا به، وباتت مصطلحات الديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد والخدمات والعدالة الاجتماعية تؤرق الشعب بدلا من ان تعطيه جرعة امل في تغير ملحوظ بعد ان ايقن ان هذا النظام السياسي لم ولن يبني بلدا او يحافظ على وطن

وقال ميخين، في تحليل على موقع "نيو إيسترن أوتلوك" الروسي (NEO) أن "العراق يواجه أزمات لا تنتهي، مما يغذي التكهنات في الداخل والخارج بالحاجة إلى تغيير حقيقي يحل محل الشخصيات السياسية المهيمنة على الساحة منذ عقدين". 

السياسي العراقي سمير عبيد ، يقول إن  "التغيير المتوقع تأخر طويلا بسبب التماسك القوي لنظام الفساد وانعدام الوحدة في المجتمع لمحاربة الفساد بسبب بلاء الجهل الذي انغمست فيه الطبقة السياسية عمدا خلال العشرين سنة الماضية" ، معتبرا ان "التغيير حتمي لأن النخبة السياسية الحاكمة، التي أوجدتها واشنطن، أبعدت 90٪ من سكان العراق، ونبذتها دول المنطقة بسبب فسادها وخداعها، وقوضت الثقة في السياسية الأمريكية في العراق وبقية أنحاء المنطقة". 

السفير ة الامريكية لدى العراق آلينا رومانوسكي

ويرى عبيد ، أن "التغيير لن يأتي عبر الشوارع العراقية أو التدخل العسكري، لكن من خلال فضح مَن انتهكوا حقوق الإنسان وشاركوا في قتل العراقيين، كما سيساعد المجتمع الدولي والأمم المتحدة في الكشف عن قضايا الفساد الرئيسية، مشيرا الى "ان هذه الحركة ستنطلق قريبا وسيتخلص العراق من الفاسدين خلال العام 2023"، بحسب قوله . 

سيناريو جديد  
تحدث سياسيون عراقيون،عن سيناريو جديد سيتحقق خلال العامين  المقبلين، وقال النائب السابق فائق الشيخ علي ، في تصريح مثير ،إن "مخططا يدار الآن لإسقاط نظام الحكم في العراق خلال العامين المقبلين"، مؤكدا أن "قوة التغيير ستكون ساحقة مدمرة تطلق مرحلة صعود البلاد كمحور للمنطقة". 

وظهر الشيخ علي وهو سياسي ليبرالي، خلال مقابلة تلفزيونية في 5 تموز 2022 بمعلومات وصفت بأنها صادمة قال إنه اطلع عليها وهي مؤكدة، مشيرا إلى أن هذا الظهور الإعلامي له سيكون الأخير لحين وقوع "الأحداث الكبرى في العراق عام 2024 ، لتبدأ مرحلة مغايرة لعراق جديد يكون محور المنطقة"، مردفا أن "عام 2024 هو أقصى موعد للقضاء على النظام الحالي إلى الأبد" ، فيما رفض الكشف عن الدولة التي تتبنى إسقاط النظام وآلية التنفيذ"، مؤكدا أنه "على اطلاع على المخطط الكامل لإسقاط النظام، وأنه لا توجد قوة تستطيع إيقاف ما سيحصل حتى إيران". 

وقال الشيخ علي ،إن "المسؤولين عن هذا النظام قاطبة سيقتلون في حال أبدوا المقاومة، أو يعتقلون ويعترفون بجرائم القتل والسلب ثم يحاكمون ويعدم منفذو الجرائم.

ونفى الشيخ علي، أن "يكون هناك مكان لحزب البعث أو أي من القوى الطائفية في النظام الجديد"، لافتا إلى أن "الحاكم في العراق سيكون شخصا مدنيا وطنيا عراقيا بعيدا عن الدين والطائفية والقومية، ليبدأ مرحلة تحول على مستوى البناء والإعمار والثقافة، وان  النظام الجديد لن يسمح بالفوضى التي حدثت بعد غزو عام 2003". 
وأكد ذلك السياسي العراقي المستقل ليث شبر، خلال مقابلة تلفزيونية في 6 تموز 2022، بالقول : أن كل المعلومات التي تحدث عنها الشيخ علي صحيحة مئة بالمئة، وأنها موجودة لدينا قبل أشهر".  

يبدو ان نهاية وشيكة للنظام السياسي في العراق باتت تلوح في الافق في ظل معطيات تؤكد عدم رضا من اتى بهذا النظام الى السلطة العام 2003 ، بعد ان ايقنت الولايات المتحدة الامريكية بان تغييرا من الداخل بدا صعبا هذه المرة،  الا ان ملامح هذا التغيير المرتقب اصبحت جلية في ظل تصريحات المسؤولين الامريكيين وتوقعات المراقبين للشأن العراقي

وأوضح شبر، أن مشروع التغيير في العراق بدأ حينما جمعت القوى الدولية كل المعلومات الدقيقة عن الطبقة السياسية الحاكمة، ولأن هذه الطبقة امتازت بالفساد وجمع الأموال، وكلها كانت مكشوفة أمام القوى الدولية، والمال سبب رئيس لإسقاط هذه الطبقة السياسية ، مبينا ان "مجلس الأمن الدولي هو من سيتولى ذلك ويصدر قرارا لإنهاء النظام السياسي في البلد. 

تحركات امريكية مريبة
شهدت المدن العراقية خلال شهر آب 2023 ، تحركات عسكرية أمريكية في عدة مناطق وصفها العراقيون بالمريبة، فيما  نفى الجانب الأمريكي في بيان له أي إعداد لعملية عسكرية داخل العراق ، لكن مراقبين يرون أنّ أمريكا تخطط لشيء. 

 زيارة وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي رفقة قادة عسكريين كبار لواشنطن

وبدت التحركات العسكرية الامريكية غامضة في عدة محافظات مثيرة تكهنات العراقيين حول مايدورعلى الاراضي العراقية، حيث تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصورا لارتال وآليات عسكرية امريكية في محافظات صلاح الدين واربيل والانبار والحدود العراقية - السورية وكذلك في ضواحي العاصمة بغداد ،رغم النفي الامريكي . 

وقال رئيس مركز اتحاد الخبراء الاستراتيجيين صباح زنكنة :"يقال ان هناك تحركات امريكية وانها تستهدف تغيير جيوسياسية العراق وتغيير أشياء كثيرة في داخل العراق"، لكن  الجانب الامريكي يصرعلی ان هذه التحركات تندرج ضمن الاستبدال الروتيني للقوات في العراق ، بينما حجم هذه التنقلات يشير الی نوايا امريكية مبيتة. 

وتزامنت التحركات العسكرية الامريكية داخل العراق غداة اعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ان العراق ليس بحاجة لقوات قتالية اجنبية ، مشيرا الى ان الظرف الذي يعيش فيه العراق اليوم افضل فترة استقرار بعد ٢٠٠٣ . 

المعطيات على ارض الواقع تؤشر ان هناك رغبة دولية كبيرة بإجراء تغيير حقيقي في العملية السياسية في العراق من خلال تغيير الوجوه السياسية الحالية، وهذه الرغبة لها دعم كبير من قبل الولايات المتحدة لاقتلاع الطبقة السياسية الحاكمة، بعد قناعتها بان السياسيين الذين هيمنوا على المشهد العراقي بعد العام 2003 ، لم يعملوا على معالجة مشكلات الناس، مثل الكهرباء والخدمات الاساسية وخلق فرص العمل، والحفاظ على امن واستقرار وسيادة البلد. 

مصادر سياسية مطلعة، تقول إن العمل على الحركة الدولية لإجراء تغيير حقيقي في العملية السياسية عبر تغيير الوجوه السياسية الحالية، "يجري تفعيله بشكل واقعي ومستمر، إلا انه لا يوجد أي موعد لإطلاق هذا الحراك على الأرض حتى الساعة". 

شهدت المدن العراقية خلال شهر آب 2023 ، تحركات عسكرية أمريكية في عدة مناطق وصفها العراقيون بالمريبة، فيما  نفى الجانب الأمريكي في بيان له أي إعداد لعملية عسكرية داخل العراق ، لكن مراقبين يرون أنّ أمريكا تخطط لشي

وتؤكد تلك المصادر،إن "الحراك الدولي من أجل التغيير في العراق، جاء على ضوء تقارير اممية ومنظمات دولية كشفت حجم الفساد والدمار والقتل في الداخل العراقي طيلة السنوات الماضية، دون وجود أي تغيير حقيقي من قبل الطبقة السياسية الحاكمة طيلة السنوات الماضية". 

واشارت المصادرايضا، الى انه "ليس هناك أي تفاؤل بحكومة محمد شياع السوداني، وان الدعم لها يأتي كإجراء بروتوكولي، خصوصاً أن المجتمع الدولي ينظر لها على انها حكومة الفصائل المسلحة". 

ومن الجدير بالذكر ان حكومة السوداني وهو مرشح الإطار التنسيقي الشيعي، تشكلت بعد الجمود السياسي الذي تبع الانتخابات البرلمانية في العام 2021، مايعزز فكرة ان هذه الحكومة هي حكومة صفقة سياسية طبخها الاطار التنسيقي الذي يمثل القوى الشيعية "المجربة" والتي رفضها الشعب وخرج عليها باحتجاجات كبيرة ،وبالتالي فانها ستسيرعلى خطى سابقاتها في ترسيخ الفساد والعنف والفشل.    

رئيس الجبهة العراقية الوطنية للمعارضة أحمد الأبيض ،اوضح أن "العراق لا يزال تحت الوصاية الأميركية، وان هنالك ترتيبا جديدا في المنطقة،مضيفا ان " ما سيحدث في العراق هو تحول كبير، لذلك يجب أن تتناسى القوى الوطنية خلافاتها حتى لا تخسر فرصة أخرى وتأتي معادلة أسوأ من عام 2003". 

الباحث والمحلل السياسي العراقي لطيف المهداوي ، علق على الحديث عن وجود سيناريو لإسقاط الحكم في العراق عام 2024، بالقول : إن "هناك فريقا معتبرا يروج لذلك الانقلاب على النظام السياسي، وتغيير المعادلات، ومحاكمة الطبقة السياسية الفاسدة" ، واضاف :"مع كل الطرح الحاصل عن الموضوع، لكن لا أحد يقول كيف يكون ذلك، ومن الذي يقوم به، وهل سيمضي لنهاياته من دون تدخل المتضررين الدوليين أو المحليين؟ هذه الأسئلة بحاجة إلى أجوبة، أما فرضية (أرض الأمل) فلن تتحقق إلا في أفلام الكرتون" بحسب قوله .

القوات الامريكية تعزز مواقعها داخل قاعدة عين الاسد الجوية وتنشر أسلحة ثقيلة

فيما وصف المحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل ،ما طرحه فائق الشيخ علي وأحمد الأبيض بأنها "أمنيات بائسة" ، واردف انه "إذا ما حصل هذا التغيير فإنه يأتي لازدياد حالة الخراب والتمزق الذي أحدثه الاحتلال وسلطات الفساد التي توالت على حكم البلاد، بينما التغيير مسؤولية الشعب أولا، واصفا النظام السياسي الحالي بانه يمر بأزمة وجود وحياة بعد أن فقد طاقته على الاستمرار، وهذا ما يجعل التغيير مسؤولية الوطنيين الأحرار من داخل الوطن، وليس انتظارا لما تصدره أميركا أو غيرها "، بحسب حديثه. 

ويؤيد طرح المشعل ، المحلل السياسي العراقي، هيثم هادي بالقول: "ما قيل عن قوة ضاربة تحرر العراق من الخارج ما هو إلا وهم و خيال يدغدغ مشاعر العراقيين". 

سواء صحت التكهنات بوجود ارادة دولية لتغيير النظام السياسي الحالي في العراق ام لم تصح، فان الحاجة لهذا التغيير باتت ملحة اكثر من اي وقت مضى ،ولايهم من اين سيأتي التغيير ، لكن الاهم ان ثمة رغبة حقيقية لدى اغلب العراقيين بهذا التغيير الذي يعقدون عليه آمالا كبيرة في مستقبل افضل لهم ولابنائهم وحياة كريمة وبلد مستقر وسلاح بيد الدولة فقط، والاهم من كل هذا سيادة بلد وحكومة نزيهة تقضي على الفساد الذي تفشى في كل مفاصل الدولة والمجتمع ايضا ، وان حدث هذا فعندها سيغادر المتكهنون تكهناتهم .. اما تغيير يأتي من الخارج فلن يزيد البلد الا خرابا ، وسواء صدق المتكهنون ام كذبوا فستبقى تلك التكهنات هي الاحلام الحقيقية التي يعيش عليها العراقيون بعد صبر قد يطول أكثر ولن تهب رياح التغيير.

اختيار المحررين