الدولار ومــآرب أخرى !

14204 مشاهدة
12:30 - 2022-12-30
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز / تحقيقات وتقارير 

جن جنون الدولار في العراق وتعملق متسلقا على رقاب العراقيين كالسيف في وضع لايحسد عليه العراقيون وهم احوج ما تكون امور العيش ميسرة لامعسرة ، لكنه ضرب رؤوس الفقراء وارتفع برؤوس الميسورين والاغنياء والمضاربين في سوق العملة ، في الوقت الذي تدعي فيه حكومة محمد شياع السوداني، انها جاءت لخدمة المواطن وهي حكومة خدمات وستقضي على المتلاعبين بقوت الشعب والمضاربين في مزاد العملة والفاسدين وكأن لسان حال الناس يقول : "اسمع جعجعة ولا ارى طحنا". 


الدولار الامريكي يرتفع الى مستويات غير مسبوقة منذ سنين طويلة حتى وصل ليل الاثنين 26 كانون الاول 2022 ، الى 1580 دينار لكل دولار امريكي أي ان كل 100 دولار تعادل 158000 بالعملة العراقية ! حيث يشهد العراق ومنذ نحو اكثر من 3 أسابيع ركودا ملحوظا في الأسواق المحلية وضعفا في القدرة الشرائية للمواطن على خلفية  تذبذب سعر صرف الدينار العراق أمام الدولار، مع ان البنك المركزي العراقي يبيع الدولار الواحد بـ1460 دينارا رسميا.  

البنك المركزي العراقي

ارتفاع لم يكن متوقعاً حيث ان سعره الحقيقي 146000 الف دينار لكل 100 دولار، ورجح متخصصون اقتصاديون ان تكون اسباب ارتفاع سعر صرف الدولار مركبة وليست سببا معينا ، ومنهم من راى ان الارتفاع جاء بسبب قلة العرض وزيادة الطلب، على خلفية استبعاد أربعة مصارف من قبل البنك المركزي من نافذة بيع العملة بسبب ملفات  فساد، واخرون يرون ان السبب الاقرب للحقيقة هو سياسة الخزانة الامريكية تجاه العراق مؤخرا. 

وتساءل السياسي والوزير السابق محمد توفيق علاوي في تدوينة له قائلا : "هل هناك اياد خفية تتعمد إطالة الازمة التي يمكن ان تحل خلال اقل من 24 ساعة؟ ومن هو المسؤول عن معاناة المواطنين؟أسئلة تحتاج الى أجوبة ! البعض يتهم جهات خارجية، واني لا استطيع ان انفي هذا الامر، ولكني استبعده بشكل كبير! المستقبل سيكشف المستور! والمستقبل سيكشف المسؤول عن هذه المعاناة! والمستقبل سيكشف الفاسدين !أسئلة توجه الى المعنيين من المسؤولين !. 

ان مزاد بيع العملة في العراق مايزال يشكل واحدا من أكثر الملفات الاقتصادية غموضا في البلاد

وكشف السياسي المستقل احمد العريبي، عن وجود "اتفاقات سرية" في مزاد بيع العملة، فيما أكد أن هناك تهريباً للأموال بشكل يومي الى خارج العراق ،وقال العريبي ،إن "مزاد بيع العملة هو لغرض الحصول على العملة العراقية والمشكلة حاليا باتفاقات سرية في مزاد بيع العملة , وأن على مجلس القضاء الأعلى أن يتدخل بقوة وهناك أمور تحتاج الى معالجات فورية"، مؤكداً "وجود تهريب للأموال بشكل يومي الى خارج العراق". 

"علي محسن العلاق" محافظ البنك المركزي السابق 

فيما قال الخبير الاقتصادي، الدكتور ضياء محسن، إن "ارتفاع أسعار صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي لا يمكن عدّه اقتصاديا بقدر ما هو سياسي، لأنه بعد مجيء رئيس الحكومة محمد شياع السوداني حصلت تطورات في النظام الاقتصادي العراقي، خاصة في ما يتعلق بمحاربة الفساد ، بحسب قوله ". 

وأضاف محسن، "لكن الأمر الجيد، هو أن وزارة الخزانة الأميركية تدخلت في هذا الموضوع، حيث اجتمع ممثل الوزارة في السفارة الأميركية ببغداد، بمديري المصارف الخاصة لأكثر من مرة، خصوصا تلك التي عليها علامات حمراء، والتي تعني أن الفدرالي الأميركي متيقن بأنها تدير عمليات مشبوهة تتعلق بتهريب العملة، وتبييض الأموال، وغيرها" واردف "لذلك فان البنك المركزي العراقي قام بتدقيق هذه التعاملات، ما أدى الى انخفاض الكمية النقدية من الدولار التي تباع للسوق، فبعد أن كان المركزي يبيع أكثر من 280 مليار دولار، أصبح يبيع نحو 70 مليون دولار، في المقابل ازداد الطلب على الدولار من قبل التجار الحقيقيين، وهذا ما جعل السوق الموازي يرفع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي ، ونتيجة لذلك حصلت تأثيرات في الأسواق المحلية، لكن هذه الحالة لن تستمر لأكثر من 10 أيام على أبعد تقدير، لأن البنك المركزي اصدر تعليمات ببيع الدولار للمواطنين، لكن تلك الخطوات لا تنهض بالاقتصاد العراقي.   


"مصطفى غالب مخيف" محافظ البنك المركزي الحالي
وكان البنك المركزي العراقي قد خفض قيمة الدينار العراقي أواخر عام 2020، في خطوة استهدفت في حينها تعويض تراجع الإيرادات النفطية نتيجة الإغلاق العالمي إثر تفشي فيروس كورونا، مع تعزيز إمكانية الحكومة للايفاء بالتزاماتها المالية في تسديد رواتب الموظفين. 

البنك المركزي العراقي اصدر توضيحا حول أسباب ارتفاع سعر الدولار فيما حدّد موعد عودته إلى وضعه الطبيعي ،وقال مستشار البنك المركزي إحسان الياسري في تصريح صحفي: إن "مشكلة سعر الصرف تتعلق بعرض النقد "، مبيناً أن" البنك المركزي أنشأ منصة لتقديم المصارف طلباتها في الحصول على الدولار "، مؤكدا ان  لا نية لتغيير سعر صرف الدولار أمام الدينار على المستوى القريب والبعيد، وأي تلاعب بسعر الصرف ستكون له نتائج سلبية كبيرة على الوضع الاقتصادي العراقي".

محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب يؤكد التزام البنك بجميع القوانين والتعليمات الدولية بملف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب 

واضاف أن "هذه المنصة فيها إجراءات، لأن العراق لا يزال يمتثل إلى المتطلبات الدولية في موضوع الدولار ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب "، وبين علاقته بإجراءات البنك المركزي العراقي ومنع عدة مصارف من دخول مزاد بيع العملة بعد تحذيرات من وزارة الخزانة الأميركية الى جانب تكهنات مخفية عن ان هذا الارتفاع مخطط له من قبل الحكومة او انه قد فرض عليها!!. 

وعلى الجانب الاخر فان  مزاد بيع العملة في العراق مايزال يشكل واحدا من أكثر الملفات الاقتصادية غموضا في البلاد، وهو ما يؤكده العديد من السياسيين والاقتصاديين العراقيين الذين يرون فيه استنزافا للعملة الصعبة وأحد أبواب تهريب الأموال المسروقة أو المتأتية من الفساد. 

بورصة الدولار في بغداد

وتزامنا مع ارتفاع سعر صرف الدولار محليا، أكد محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب، التزامه بجميع القوانين والتعليمات الدولية بملف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ،وقال البنك المركزي العراقي، في بيان صحفي، إن محافظ البنك المركزي استقبل "جيسي بيكر" مساعد نائب وزير الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والجرائم المالية، وأن الجانبين بحثا التعاون في تطبيق المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتزام البنك المركزي بها ، مايؤكد ان الخزانة الأميركية تمكنت من تتبع المصارف المتورطة بإخراج الدولار من العراق دون استثمارها في سلع أو خدمات بالداخل العراقي. 
فيما يرى متخصصون بالشأن الاقتصادي أن دولا مجاورة للعراق مثل إيران وسوريا ولبنان وتركيا، والتي تعاني من صعوبات في الحصول على الدولار، اتجهت لشراء بعض الدولار من العراق وتهريبه عبر المنافذ الحدودية غير المسيطر عليها، لا سيما أن البنك المركزي يوفر إمكانية لشراء الدولار النقدي، وأن المبيعات النقدية للدولار كانت تبلغ 17 مليون دولار يوميا من مجموع الدولار الذي يباع للشركات التجارية والمصارف.  

ويقول الخبير الاقتصادي عامر الجواهري، "أن من الصعوبة التنبؤ باستمرار الارتفاع من عدمه، لا سيما إذا ما استمر الطلب المتزايد على الدولار في السوق السوداء مع تراجع مبيعات المركزي العراقي، وهو ما يعني استمرار ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في البلاد بما يؤثر مباشرة على  حياة العراقيين. 

سوق الشورجة للجملة للبغداد

وبين هذا وذاك ، مايزال الوضع الاقتصادي في العراق متأرجحا بين مطرقة الدولار وسندان سوء الاحوال المعيشية ، وبدلا من السيطرة على سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي وضبطه ، راحت الحكومة تشكل لجانا هنا وهناك لتدارك الصعود المذهل للدولار ، وتشكيل لجنة في العراق معروف لكل العراقيين بانه يعني تمييع القضية وموتها سريريا ، وهنا يتساءل المواطن البسيط :  الى متى يضارب المضاربون بقوت الشعب والى متى تبقى كل الحكومات المتعاقبة عاجزة  عن مكاشفة شعبها بالحقائق ورهينة للخارج والمفسدين ؟

 

 

اختيار المحررين