الباشا "جايجي" في القشلة!

10:00 - 2022-05-01
علي ناصر الكناني

الداعي نيوز / مقالات

في لقاء جمعني وشيخ المصورين العراقيين الفوتوغرافي الراحل الحاج امري سليم عندما زرته قبل وفاته في بيته مع الزميل عادل العرداوي للسؤال عنه وعن احواله الصحية بعد ان الم به المرض والزمه الفراش, 
خلال مجريات الحديث الشيق معه ذكر لنا جوانب اثيرة على نفسه من مسيرته الفنية الطويلة في مجال الفوتوغراف التي تعود بداياتها كما قال، الى الاربعينيات من القرن الماضي تمثلت في عطاء فني متواصل لزمن تجاوز النصف قرن, وثق خلاله العديد من الموضوعات التراثية والفلكلورية الى جانب توثيقه الكثير من الاحداث السياسية والاجتماعية التي مرت على العراق قبل وبعد ثورة 14 تموز 1958 والاحداث اللاحقة التي اعقبتها اضافة الى تصويره للعديد من الشخصيات السياسية والفكرية والفنية التي  يحتفظ بصورها في ارشيفه الخاص. 
 من بين العديد من المواقف النادرة التي مرت به ذكر لنا موقفا حصل معه عندما التقاه الصحفي الراحل الاستاذ صادق الازدي وهو في بداياته مع التصوير الفوتوغرافي, حيث عرض عليه يومها العمل معه في المجلة التي كان يصدرها الازدي يومذاك (كمصور صحفي). وفي اليوم التالي طلب منه ان يذهب الى بناية القشلة التي كانت مقرا لديوان الحكومة انذاك لتصوير رئيس الوزراء نوري السعيد, لكن الازدي لم يخبره بان الشخص المراد تصويره هو رئيس الوزراء وانما ذكر له الاسم فقط مجردا من الصفة الرسمية ظنا منه انه يعرفه حيث قال له :" تذهب غدا صباحا لتصوير نوري سعيد في القشلة ". وفي اليوم التالي ذهب الحاج امري الى هناك ويبدو ان الامر قد اختلط عليه, فسأل عن شخصين يدعيان (نوري) و (سعيد) فأخبروه انه لايوجد لديهم اشخاص بهذه الاسماء يعملان في ديوان الحكومة, وانما يوجد شخص يعمل (جايجي) داخل بناية القشلة يدعى (نوري) فظن الحاج امري انه وجد ضالته وعندما توجه اليه وطلب منه ان ينادي على صاحبه (سعيد) ليقوم بتصويرهما معا لنشر صورتيهما في المجلة, فأبدى الرجل استغرابه وقال له:" انه لايوجد شخص يعمل معي بهذا الاسم", فظن الحاج ان الرجل يمازحه, فقال له " سأصورك اولا وسأعود فيما بعد لتصوير صديقك سعيد", وبعد ان انجز مهمته عاد الى الاستاذ صادق الازدي فقدم له الصور, فكانت مفاجأه لم يتوقعها الازدي فقال له :" يارجل طلبت منك تصوير رئيس الوزراء فتأتي الي بصورة (جايجي)", عندها احس امري بالحرج فحاول تدارك الامر باقناع استاذه الازدي بالذهاب ثانية الى القشلة لتصوير نوري باشا السعيد ولكن الازدي قرراصطحاب الحاج امري معه للاشراف على عملية التصوير بنفسه. وما ان وصلا الى هناك حتى اخبر الاستاذ صادق رئيس الوزراء بحقيقة ماحدث, عندها ضحك نوري السعيد وقال لهما :" هاي تالي عمرنه صرنه جايجيه". 
يقول الحاج امري سليم ... لاانسى ذلك الموقف الصعب ولكن كانت فرصة رائعة لي, لالتقط في اليوم التالي صورا فريدة لرئيس الوزراء انذاك, مازلت اعتبرها من الصور المتميزة التي اعتز بها الى جانب صور اخرى مازلت احتفظ بها في ارشيفي الخاص الذي اتمنى ان تتولى الجهات المعنية طبعه لانه يضم حتما وثائق تاريخية وجوانب مهمة من تاريخ العراق قبل فوات الاوان ويطويني النسيان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين