تشرين الأبيض والقتل الأسود
09:37 - 2021-06-11
تقاریر و تحقیقات
الداعي نيوز |
تقارير
شهد العراق مطلع
تشرين الأول 2019 موجة تظاهرات غاضبة خرج
فيها الآلاف ومن مختلف الاعمار في بغداد ومحافظات الجنوب ، احتجاجا على تردي
الاوضاع بمجملها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وسوء ادارة الحكومات المتعاقبة
للبلاد الى جانب الفساد والبطالة وسوء
الخدمات العامة، خرج العراقيون حاملين اعلام وطنهم الضائع الذي لطالما نادوا به
"نريد وطن" ، وخرجت معهم قلوب العراقيين ممن لم يستطيعوا الى المشاركة
سبيلا ، شباب يحمل طموحات بددها الفساد والرصاص والساسة .
صور من الأرشيف لمظاهرات ٢٥ / ١١ / ٢٠١٩
ساحة التحرير
ببغداد كانت ميدانا لعراق مصغر اعتصم فيه المتظاهرون بعد تسويف ووعود الحكومة التي
لم تتخذ قرارا واحدا يثلج قلوب العراقيين الحالمين بوطن يظلل عليهم ويحرس كرامتهم
في عيش امن وحرية حقيقية، لا حرية مزعومة
ولكن ..
قوات الأمن
حاولت فضّ تلك التظاهرات باستخدام خراطيم المياه، والغاز المسيل للدموع، ولجأت بعد
تصاعدها إلى إطلاق الرصاص المطاطي والحي، والقنابل الدخانية ،مما أسفر عن وقوع
مئات الضحايا والاف الجرحى دون تلبية مطلب واحد لهؤلاء الخارجين لاجل اعادة ترتيب
اوراق بلدهم بما يليق بحضارته وثرواته وسمعته التي ارداها رصاص الحكومة صريعة على
ارض ساحة التحرير والساحات الاخرى في بقية محافظات الجنوب.
لجان وتحقيقات دون ثمار وبقي "الطرف الثالث" مبهما وصدور الشباب مكشوفة لرصاص قادم من المجهول ينقض على تشرين وبعده ايار ودلالتهما بسواد عتمة القاتل
وسقطت حكومة
عادل عبدالمهدي، التي لم تدر ملف التظاهرات بحنكة بل فاقمت الوضع سوءا وجاءت صفقة
سياسية بين الكتل السياسية المتسيدة بحكومة الكاظمي المحسوب على التظاهرات شكلا
لكنه باطنا جاء لينقض على الاحتجاجات باتفاق سياسي لمقبوليته نسبيا لدى المتظاهرين .
صورة من الأرشيف لاحد عناصر قوات حفظ النظام يصوب سلاحه باتجاه المتظاهرين
وبقي الكر والفر
سيد الموقف.. تظاهرات هنا واخرى هناك دون جدوى وقمع وقتل وسوء تعامل مع المتظاهرين
راح ضحيته شباب لم يبلغ غايته في التغيير بعد ،وزاد الكاظمي بتخبطه وضعفه من سوء
الاوضاع في البلاد وبقي المواطن العراقي يعيش حياته وسط تنامي الفساد الإداري
والاقتصادي.
الشباب وخريجو
المعاهد والجامعات كانوا يتطلعون إلى تحقيق تقدم في مساعي معالجة تردي الوضع
الاقتصادي، وانحدار مستوى الخدمات، وتفاقم البطالة، وتعثر جهود إعادة الإعمار،
واستمرار المحاصصة بأشكالها، وارتفاع وتيرة التدخلات الخارجية وتحكم الاحزاب
والمجاميع المسلحة والملثمون والطرف الثالث، من خلال احتجاجات سلمية بدأت في تشرين
2019 وقمعت فعاودت في 25 ايار 2021
صورة لمتظاهرين يكافحون القنابل الدخانية التي تطلقها قوات مكافحة الشغب في ساحة التحرير 2019
كانت احتجاجات
تشرين الأكثر اتساعاً مقارنة بسابقاتها في ساحة التحرير ببغداد ومدن أخرى في
الجنوب واتسمت بأن معظم المشاركين فيها شباب من مناطق فقيرة مهمشة ذات غالبية
شيعية، فتحوا أعينهم على حكومات ما بعد 2003 فم يجدوا سوى الخراب والعودة الى
العصور المظلمة .
تظاهرات عفوية
لا علاقة للأحزاب والكتل السياسية وحساباتها بها، وتنبع مطالب المشاركين فيها من
معاناتهم المعيشية اليومية طلبا لابواب الرزق وتعيين الخريجين والاهتمام بالواقع
الخدمي ،مطالب تمثل بساطة المطالبين بها.
لم تحمل
التظاهرات في شعاراتها مايشير الى الطائفية او القومية ،بل حملت العراق الواحد رغم
انه اغلب من خرج هم من الطائفة الشيعية التي تضررت كثيرا لان السلطة في العراق بعد
2003 كانت من الغالبية الشيعية، "ابناء جلدتهم".
لقد زاد من زخم
التظاهرات وارتفاع مستوى التعاطف والتضامن معها، طريقة التعامل العنيفة للحكومة ،
دون الأخذ بالحسبان أنها شبابية عفوية واسعة النطاق لا جهة منظمة وراءها يمكن
تحييدها أو المساومة معها. وما أثبت جديتها وتأثيرها الإصرار الرسمي على إجراءات
مثل حجب وسائل التواصل الاجتماعي، وقطع الإنترنت والتضييق على النشطاء وتتبعهم ومن
ثم اغتيالهم .
احد ناشطي حراك تشرين قال : "انسحاب المتظاهرين من الانتخابات المقبلة ليس هروباً بل هو قراءة منطقية للواقع في ظل ما موجود من سلاح منفلت ومال سياسي فاسد وعدم وجود حساب وعدالة حقيقية للجميع"
وزاد من الامر
تعقيدا عناصر مندسة مارست العنف بحرق منشآت عامة وتدمير بعضها،ومجموعات مسلحة نفذت
هجمات وأطلقت النار بكثافة على المتظاهرين.
وانتشرت في
وسائل التواصل الاجتماعي صور وفيديوهات توثق عملية إطلاق نار كثيف من مكان ما
يستهدف الشبان المتظاهرين والقوات الأمنية معاً في ساحة التحرير ببغداد والساحات
الاخرى في بقية المحافظات ، وبدا الامر اكثر خطورة .
رغم كل هذا لم
تكن استجابة الحكومة المستقيلة لعادل عبد المهدي والتي تلتها حكومة الكاظمي بمستوى
ما يجري ولم تتضمن خطوات واضحة نحو إجراء إصلاحات، بل بدت منفصلة عن الواقع وبعيدة
عن الإقناع ، والحلول الآنية التي صدرت عن المسؤولين الحكوميين لم تكن كافية
لتلبية الحاجة الفعلية للإصلاح الموعود الذي يتطلب خطة عملية لطمأنة المتظاهرين.
فُرّقت
التظاهرات وازيلت سرادق الاعتصامات من ساحة التحرير في بغداد وبقية المحافظات
وفتحت الشوارع بعد وعود باجراء انتخابات مبكرة يشارك فيها التشرينيون وفق اتفاق
مبطن بين نشطاء ومسؤولين سياسيين، وفتحت المحال التجارية وذهب الناس الى اعمالهم
وعكف الشباب المتطلع لعراق مزدهر خال من مظاهر الفساد والسلاح المنفلت على تنظيم
اوراقه ليشارك في الانتخابات المزمعة من اجل التغيير الذي ينشده.
صورة من الأرشيف لتشييع جنازة صفاء السراي احد أبرز رموز الاحتجاج التشريني في العراق
ولكن قتل
النشطاء والاعلاميين وابرز المنادين بوطن فتح الباب من جديد لتجدد الاحتجاجات بعد
ان ادرك هؤلاء الشباب ان من يقتلهم طليق لينادوا بالقصاص من قتلة المتظاهرين.
لجان وتحقيقات
دون ثمار وبقي "الطرف الثالث" مبهما وصدور الشباب مكشوفة لرصاص قادم من
المجهول ينقض على تشرين وبعده ايار ودلالتهما بسواد عتمة القاتل .
لقد اشعل مؤتمر
محافظة كربلاء الاخير فتيل أزمة بين القوى السياسية الوليدة الخارجة من رحم
الاحتجاجات الشعبية في "ثورة تشرين" وكان اغتيال الناشط أيهاب الوزني في
9 ايار 2021 قد أعادها إلى الواجهة ألا وهي المشاركة في الانتخابات النيابية
المقبلة من عدمها.
المؤتمر شهد
نقاشات حادة تعالت فيها اصوات التشرينيين المطالبة بمقاطعة الانتخابات المقبلة،
لكن المؤتمر انتهى بالاعلان عن تظاهرة عارمة في 25ايار 2021 للمطالبة بالكشف عن
قتلة المتظاهرين، ومطالب اخرى، جلها مطالب شهدتها احتجاجات تشرين 2019 .
احد ناشطي حراك
تشرين قال : "انسحاب المتظاهرين من الانتخابات المقبلة ليس هروباً بل هو
قراءة منطقية للواقع في ظل ما موجود من سلاح منفلت ومال سياسي فاسد وعدم وجود حساب
وعدالة حقيقية للجميع"، مايفسر مدى الخوف الذي زرعه الطرف الثالث في نفوس
هؤلاء الشباب الساعين للتغيير سليما .
ان ظهور الحركة
الاحتجاجية في العراق لم يقتصر على مطلب واحد، بل كان على جملة من المطالب، ومن
ضمنها المطلب الانتخابي والذي يعاب فيه على تشرين أنها طالبت به وتخلفت عنه، وهو
امر غير رئيسي في حقيقة الامر ، كون التشرينيين طالبوا بعدة مطالب واخرها
الانتخابات، ولعل ابرز المطالب هي الأمن الانتخابي والعدالة الانتخابية والاشراف
الاممي والقضاء على المال الفاسد.
تظاهرة يوم
25/5/2021 شهدت مشاركة واسعة من التشرينيين وغيرهم، وكان مطلبها الابرز هو كشف قتلة المتظاهرين.
تدفق الآلاف من
العراقيين على ساحات الاحتجاج في العاصمة بغداد، مجددا، قادمين من محافظات العراق
المختلفة، منذ الساعات الأولى لصباح الثلاثاء 25 ايار ،تمهيدا للاحتجاجات الواسعة النطاق، أطلق عليها
الناشطون "ثورة 25 أيار "، والتي يقولون إنها تمثل امتدادا وتجددا
لـ"ثورة تشرين الأول عام 2019 ".
وتمثلت المطالبة
بالكشف عن قتلة الناشطين العراقيين، المطلب الرئيسي للاحتجاجات هذه المرة، بعد
ازدياد عمليات اغتيالهم، وعدم كشف السلطات العراقية، عن مرتكبي تلك العمليات حتى
الآن، رغم المطالبات المتكررة، من قبل الناشطين وجماعات حقوق الانسان بذلك.
كان اغتيال
الناشط إيهاب الوزني، منسق الاحتجاجات المناهضة للسلطة في كربلاء، علي أيدي
مجهولين قرب منزله في 9 أيار 2021، دافعا قويا وراء الدعوة لاحتجاجات الثلاثاء 25
ايار .
لكن الكشف عن
الجهات، التي تدبر وتنفذ عمليات الاغتيال، ليس المطلب الوحيد للمحتجين، فالمطالب
بدت متعددة، كما تبدو تكرارا للمطالب، التي ترددت خلال "ثورة تشرين الأول عام
2019 "، وعلى رأسها إصلاح الأوضاع الاقتصادية ومعالجة البطالة المتفشية،
وإصلاح الخدمات المنهارة، وتردي الأوضاع المعيشية، وإلغاء نظام المحاصصة السياسية،
ومحاسبة الفاسدين ضمن المنظومة السياسية العراقية.
وخرج متظاهرو 25
ايار بشعارات تطالب بالكشف عن قتلة نشطاء التظاهرات وتفاقم الوضع مجددا وبدا الكر
والفر بين قوات حفظ القانون والمتظاهرين بين الازقة والشوارع الفرعية وتفاقم الوضع
،بعد ان سقط شاب برصاص القوات الامنية وجرح العشرات ، وبدت الفوضى تعم ميدان ساحة
التحرير ، ليعود الحالمون بوطن ادراجهم الى كنف الاحلام، حيث الوطن وتعود ساحة
التحرير مجددا خالية الا من اصحاب العصي والرصاص وتنام المطالب في سبات ويبقى
العراقيون بانتظار عراقهم الحقيقي وليس عراق الجماعات المسلحة والخارجة عن القانون.
هل سنشهد تشرين
وايار جديدين؟ ام ماتت احلام العراقيين بوطن على وقع الرصاص الذي اردى تشرين وايار
صريعين وبقي الحال على ماهو عليه ؟
وهل سيلعب
المتسلطون من الاحزاب بورقة الانتخابات وحدهم بعد ان حيدوا تشرين وايار عن
مساعيهما ؟ والى متى يبقى المحتجون وقوات الامن في كر وفر، بينما يضيع البلد
وتتلاشى فرص الخلاص ؟
آخر أخبار
-
خبير قانوني يوضح عقوبة الاعتداء والامتناع عن تزويد العداد بالمعلومات الصحيحة
02:28 - 2024-11-21
محلي -
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد خطر إصابة أطفالها بالصرع
10:25 - 2024-11-21
اسرة و طفل -
السلطات الأسترالية تتبنى قانون حظر التواصل الاجتماعي على الأطفال
10:17 - 2024-11-21
دولي -
خلال أسبوع.. مقتل 150 شخصاً في هايتي جراء تصاعد عنف العصابات
10:10 - 2024-11-21
دولي