الكهرباء العراقية رهينة الغاز الايراني والعقوبات الامريكية

210 مشاهدة
11:20 - 2025-02-19
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز/ تقارير وتحقيقات


انهيار مرتقب لقطاع الطاقة..العراق يفقد الغاز الايراني والبديل مجهول

اثار قرار الادارة الاميركية القاضي بالغاء الاستثناء الممنوح الى العراق من العقوبات الاميركية لاستيراد الغاز الايراني المستخدم لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية مخاوف من انعكاسات سلبية سوف تتسبب بتدهور قطاع الكهرباء في البلاد والذي يشهد في الاساس نقصا كبيرا في ساعات التجهيز للمواطنين في جميع المحافظات نتيجة قدم المحطات وعدم انشاء مشاريع طاقة جديدة تواكب نمو البلاد السكاني والصناعي والتطور العالمي الحاصل في القطاع المذكور.


ورغم تاكيدات الحكومة العراقية على قدرتها لمواجهة جميع تداعيات هذا القرار المفاجئ الا ان توقعات خبراء الطاقة تشير الى العكس حيث اكدوا ان انتاج الكهرباء سيتناقص في حال توقف امدادات الغاز الايراني وعدم وجود غاز بديل لتشغيل محطات الطاقة في الوقت الحالي سواء من الغاز المنتج محليا عبر جولات التراخيص او المستورد من دول عربية واجنبية وذلك لاسباب تتعلق بعدم وجود البنى التحتية الكافية لاستيعاب استيرادات الغاز او ما تنتجه الحقول الوطنية التي ما تزال في مراحلها الاولية في الانتاج الغازي.

ان استمرار استيراد العراق للغاز الايراني يعد مثلبة وحالة غير ناضجة لكونها تتسبب باستنزاف موارد البلاد والاضرار بالاقتصاد العراقي بشكل مباشر فضلا عن ارتهان استقرار منظومة الطاقة الكهربائية في البلاد بالغاز الخارجي مما يجعل قطاع الكهرباء عرضة للانهيار في اي لحظة لاسيما مع استمرار فرض العقوبات الامريكية على طهران

وفي هذا السياق اكد الخبير الاقتصادي د. عبد الرحمن المشهداني ان توقف امدادات الغازي الايراني بفعل الضاغط الدولي امر متوقع لكن الحكومات المتعاقبة لم تكن على قدر من المسؤولية للبحث عن بدائل لتلافي انهيار منظومة الطاقة في البلاد.
وقال المشهداني، ان استمرار استيراد العراق للغاز الايراني يعد مثلبة وحالة غير ناضجة لكونها تتسبب باستنزاف موارد البلاد والاضرار بالاقتصاد العراقي بشكل مباشر فضلا عن ارتهان استقرار منظومة الطاقة الكهربائية في البلاد بالغاز الخارجي مما يجعل قطاع الكهرباء عرضة للانهيار في اي لحظة لاسيما مع استمرار فرض العقوبات الامريكية على طهران والتي اخذت بالتزايد مع وصول الرئيس دونالد ترامب.

واضاف انه في حال جرى توقف تدفق الغاز الايراني بفعل العقوبات الامريكية فان منظومة الكهرباء الوطنية ستخسر ما لا يقل عن ثلث طاقتها الانتاجية بمعدل 8000 ميكا واط تنتجها محطات تعمل على الغاز المستورد وهو رقم مؤثر ومن الصعوبة توفير البديل في الوقت الحالي، داعيا وزارة الكهرباء الى العمل مبكرا لايجاد بدائل لتشغيل المحطات من خلال الاعتماد على النفط الاسود او استثمار الغاز المصاحب للاستخراج واستنفار الجهد الهندسي في الوزارة لتغيير انظمة تشغيل التوربينات بالبدائل المتوفرة محليا.

وتابع المشهداني ان تعليق الامال على استيراد غاز من الخارج امر في غاية الصعوبة وذلك لعدم توفر البنية التحتية في الموانئ العراقية لاستقبال شحنات الغاز المستورد حيث يتطلب نصب منظومات متطورة لكونه يصل مبردا بدرجة 40 تحت الصفر وهي غير متوفرة وتحتاج وقتا طويل لانشاء هذه البنية فضلا عن مد شبكة انابيب لنقل الغاز من مستودعات الموانئ الى محطات التوليد وهذه العملية تحتاج ما لايقل عن 3 سنوات لغرض الانشاء والربط.

المشهداني اشار الى ان المشكلة الحقيقية التي واجهت قطاع الكهرباء في العراق هي تغيير نظام تشغيل المحطات من النفط الخام المتوفر في الحقول المحلية الى الغاز الذي لايتوفر داخل البلاد تحت عناوين الحفاظ على البيئة من التلوث، في حين ان دول مجاورة مثل السعودية تعتمد على النفط الخام في انتاج الكهرباء وحققت فائضا للتصدير الى الخارج، لافتا الى ان العراق استورد محطات غازية وهو لايملك الغاز وهي مفارقة غريبة وعجيبة ارتكبتها الحكومات السابقة بينما كان الاجدر بها استيراد محطات تعمل باكثر من نظام لتحديث منظومة الطاقة لضمان عدم توقفها و تماشيها مع درجات الحرارة المرتفعة صيفا حيث تتعرض المحطات التي تعمل على الغاز الى الانطفاء بسبب ارتفاع درجات الحرارة وهي مشكلة اضافية لم تضعها الحكومات في حساباتها.

ان المشكلة الحقيقية التي واجهت قطاع الكهرباء في العراق هي تغيير نظام تشغيل المحطات من النفط الخام المتوفر في الحقول المحلية الى الغاز الذي لايتوفر داخل البلاد تحت عناوين الحفاظ على البيئة من التلوث، في حين ان دول مجاورة مثل السعودية تعتمد على النفط الخام في انتاج الكهرباء وحققت فائضا للتصدير الى الخارج

من جانبه حمل الباحث في الشؤون السياسية عماد المسافر في حديث لوكالة الداعي نيوز مسؤولية تدهور قطاع الطاقة الكهربائية في العراق على عاتق الادارة الاميركية لكونها تستخدم الاوراق الاقتصادية للضغط على البلدان التي تخالف توجهاتها وسياساتها.
وقال المسافر، ان واحدة من الاساليب التي تستخدمها الولايات المتحدة على الحكومات التي تتقاطع معها سياسيا هي الورقة الاقتصادية وان ما يحدث على العراق يرتبط بذات السياق حيث ربطت واشنطن اقتصاد العراق بالسياسة الامريكية منذ عام 2003 ولغاية الان.
واضاف ان اجواء المنطقة وما تمر به من تغييرات ابرزها تطورات الملف السوري وتزايد الدعايات الاعلامية المضادة المروجة لاستنساخ التجربة السورية في العراق على الرغم من استحالة تحقيق ذلك المخطط عسكريا لوجود قوة فاعلة مسيطرة على الارض دفعت الادارة الامريكية الى القيام بخطوات بديلة من خلال ايقاف استيراد الغاز الايراني لتشغيل محطات توليد الكهرباء حيث تهدف تلك الخطوات الى الضغط اقتصاديا وسياسيا على بغداد.
وتابع المسافر ان تزامن المخططات الامريكية مع قرب موعد اجراء الانتخابات العراقية غايتها خلق حالة من عدم الاستقرار واستغلال الفوضى الناتجة عن نقص الكهرباء للتاثير على نتائج صندوق الانتخابات من خلال اثارة الراي العام الداخلي على الحكومة والقوى السياسية وخاصة مكونات الاطار التنسيقي صاحب الاغلبية في الوسط والجنوب.

هل يا ترى ستسهم الضغوطات الامريكية باعادة حسابات الحكومة العراقية لاعادة بناء نظام قطاع الكهرباء وفق المصلحة الوطنية وتحريرها من سطوة المصالح الخارجية وسيطرة البيوتات المتنفذة

 الى ذلك وصف استاذ الاعلام والمتخصص في الحرب النفسية د. فارس الكاتب في حديث لوكالة الداعي الضغوطات التي تتعرض لها ايران على الملف الاقتصادي من قبل الولايات المتحدة بانها حرب واضحة المعالم وهي جزء من مخططات الصراع لاسقاط الدول فيما قلل من تاثر العراق لكون بغداد تسير وفق المنهج الامريكي سواء بالعلن او تحت الطاولة.
وقال الكاتب في تصريح، ان الشرق الاوسط يعيش حاليا مرحلة مفصلية ستغير ملامحه وشكله خلال السنوات القادمة من خلال وسائل شتى ابرزها الورقة الاقتصادية التي ستكون السلاح الاقوى للسيطرة على بلدان المنطقة بعد اضعافها اقتصاديا وقطع مواردها المالية وهو ما تنفذه الولايات المتحدة حرفيا مع ايران عبر فرض العقوبات وتشديدها بين فترة واخرى والزام دول المنطقة بالخضوع للقرارات الامريكية وانهاء التعاملات التجارية مع طهران وحلفائها من الدول او الكيانات.
ولفت الكاتب بالقول الى ان العراق يمثل خلاصة التجربة الامريكية في الشرق الاوسط وهي الراعية للنظام السياسي الجديد ولن تضحي باسقاط نظام البلد تحت اي ظرف وان القيود التي تفرضها على العراق بملف منع استيراد الغاز الايراني هي ورقة ضغط على بغداد اولا ومن ثم اعادة التوازن بالعلاقة بين الجارين ثانيا حيث ان القوى السياسية بجميع مسمياتها مدركة لهذه النقطة وتسير وفق الرؤى الامريكية.

وتبقى التساؤلات قائمة بلا اجابة في مقدمتها ما الذي دفع بغداد على تغيير محطات انتاج الطاقة الكهربائية للعمل بالغاز والعراق لا يملك غازا؟ ولماذا رهنت الحكومات السابقة استقرار الطاقة بالغاز الايراني المستورد؟ هل لانعاش الاقتصاد الايراني من موارد العراق المالية ام ان الاجراء كان ذو رؤية قاصرة تجاوزت اطر الغباء والحمق لكون ملف الطاقة يدخل في خانة الامن السيادي؟ وهل يا ترى ستسهم الضغوطات الامريكية باعادة حسابات الحكومة العراقية لاعادة بناء نظام قطاع الكهرباء وفق المصلحة الوطنية وتحريرها من سطوة المصالح الخارجية وسيطرة البيوتات المتنفذة .


 

اختيار المحررين