رائحة الكبريت تحجب روائح فساد السياسة

474 مشاهدة
11:16 - 2024-10-31
تقاریر و تحقیقات

 الداعي نيوز/ تقارير وتحقيقات

مع انتصاف ساعات المساء تبدأ رحلة استنشاق الكبريت الذي ينتشر في اجواء العاصمة بغداد وبعض المحافظات الوسطى مسببا حالة من عدم الارتياح يتبعها اضرارا مثل الاختناق والحساسية التنفسية جراء تعرض السكان لهذا الغاز. المستشفيات في الوسط والجنوب سجلت ارتفاعا ملحوظا بامراض الجهاز التنفسي مثل سرطان الرئة والالتهابات والحساسية الشديدة خلال الاونة الاخيرة بالتزامن مع انتشار الغازات الضارة في الاجواء العراقية حيث يرشح ان تكون المسبب الاول لتزايد الاصابات المرضية في ظل تجاهل المؤسسات المختصة لهذه الحالة التي تنذر بعواقب وخيمة على الصحة العامة.

 ان زيادة نسب التلوث الجوي ناجم عن اسباب متعددة منها مايتعلق بالمستوى الاجتماعي كالتضخم السكاني وما له من اثار جسيمة في رفع نسب التلوث البيئي كذلك منها مايتعلق بالاهمال الحكومي من خلال عدم وضع حلول جذرية لمشكلة التخلص من النفايات والممارسات الفردية من قبل بعض المجهولين بحرق النفايات بشكل عشوائي

الاجراءات الاخيرة للحكومة المتمثلة بغلق عدد من معامل وكور صهر المعادن المنتشرة بشكل عشوائي في مناطق اطراف بغداد تعتبر اجراءات خجولة لاتتناسب وحجم المشكلة.

عن اهم اسباب مشكلة التلوث وانتشار الغازات السامة تحدث لوكالة "الداعي نيوز" الخبير النفطي المهندس حيدر البطاط، حيث بين ان مصادر عديدة تتسبب في تلوث الهواء وانتشار الغازات السامة وخاصة غاز أوكسيد الكبريت والميثان وثاني أوكسيد الكاربون أبرزها محطات توليد الكهرباء والمصافي النفطية ومحطات استخراج النفط والغاز والوقود الرديء للسيارات وتزايد اعدادها بشكل كبير. 
واضاف الى ان الأنشطة الصناعية وحرق النفايات تساهم ايضا في زيادة التلوث مما يستدعي اتخاذ تدابير وقائية صارمة للتخفيف من هذه الآثار السلبية.
ولفت البطاط الى نقطة مهمة تشير الى ان التوسع في الاستكشافات النفطية وزيادة اعداد مصافي التكرير بالتزامن مع عدم استخدام التقنيات الصديقة للبيئة اسهما بزيادة التلوث بشكل كبير مقارنة مع المساحة الجغرافية للبلاد عن باقي دول الجوار التي تمتاز بمساحة اوسع ما يشتت الانبعاثات في اجوائها.

الخبير النفطي المهندس حيدر البطاط

ولفت البطاط الى ان تشغيل مصفى الدورة بطاقة تكريرية لاتتناسب وقدرة الشعلة الخاصة به على الاحراق الكامل لكافة الغازات المصاحبة يعد من الملوثات البيئية مالم يجري تجديده او تحديثه بالاجهزة والمعدات المتطورة. 

وبينما تستمر المعاناة اليومية للمواطنين جراء تلوث الهواء في العاصمة بغداد ومدن الجنوب والفرات الاوسط حاولت بعض الجهات والشخصيات نفي تهمة التقصير الحكومي بمعالجة الازمة معللة الاسباب بان تلوث الهواء في العراق مصدره الدول المجاورة وذلك عندما تتحول الرياح الى جنوبية غربية او شرقية حيث تحمل معها الملوثات من ايران والكويت والسعودية الى داخل الاجواء العراقية في حين تندفع الملوثات نحو تلك البلدان عندما تعود الرياح الى شمالية غربية، هذه التصريحات المثيرة دفعت المختصين بالانواء الجوية الى نفي هذه الاحاديث لكونها لاتستند الى حقائق علمية حيث اكد المتنبئ الجوي علي الموسوي في حديث لوكالة "الداعي نيوز" انه لاعلاقة بحركة الرياح في نقل الملوثات الغازية ورائحة الكبريت الى العراق وانما سبب انتشار الرائحة وتشكل الضباب على نطاق واسع هو ناتج عن سحب غازية ملوثة جراء ارتفاع نسب غاز أوكسيد النيتروجين (NO2) مبينا ان زيادة نسب التلوث الجوي ناجم عن اسباب متعددة منها مايتعلق بالمستوى الاجتماعي كالتضخم السكاني وما له من اثار جسيمة في رفع نسب التلوث البيئي كذلك منها مايتعلق بالاهمال الحكومي من خلال عدم وضع حلول جذرية لمشكلة التخلص من النفايات والممارسات الفردية من قبل بعض المجهولين بحرق النفايات بشكل عشوائي  بالاضافة الى حرق الوقود الاحفوري الناتج من عوادم السيارات والمصانع والمصافي كذلك قلة المساحات الخضراء مشيرا الى ان عدم الاكتراث لوضع حلول لهذه المشكلة له سوف تلقي تداعيات خطيرة تمس بصحة المواطنين على المدى المتوسط والبعيد كونها تسبب بالاصابة بالعديد من امراض الجهاز التنفسي ما يستدعي معالجة  اسبابها للقضاء عليها اوالتخفيف من حدتها على الاقل.

ويحمل الكثير من المواطنين مسؤولية تدهور الاوضاع البيئية الى انحسار البساتين والمزارع وتحولها الى مشاريع سكنية وصناعية خاصة وان المساحات الخضراء في السابق كانت تحيط بالمدن وتساهم في تنقية الاجواء وفي هذا الصدد اكد الخبير الزراعي الدكتور حميد النايف في حديث لوكالة "الداعي نيوز" ان مراحل التلوث البيئي متعددة منها البسيطة والمتوسطة والكارثية وما موجود بالعراق حاليا اكثر من التلوث البسيط لكنه لايرتقي الى الدرجة الكارثية بالتلوث أما بالنسبة للتلوث المتوسط فهو يشمل المتغيرات المناخية مثل غبار يأتي عبر الحدود على شكل عواصف غبارية تؤثر على اجواء البلاد باعتباره فقد اغلب اراضيه الخضراء واصبحت متصحرة وبالتالي عندما تتحرك الرياح ترفع معها الغبار وتنقله الى داخل المدن.

الدكتور حميد النايف/ خبير زراعي

واضاف النايف ان مسألة التشجير تعد مهمة جدا لتحسين جودة الهواء وتنقيته من الغازات والانبعاثات الناتجة عن المصانع وكذلك تزايد اعداد السيارات التي تستخدم الوقود الرديء وما ينتج عنه من مخلفات الكاربون الامر الذي يستدعي القيام بخطوات جادة وعملية في مقدمتها الشروع بحملة وطنية كبرى للتشجير وانشاء الحزام الاخضر حول المدن في جميع المحافظات لتقليل التاثيرات السلبية الناتجة عن التلوث بكل اشكاله بالتوازي مع اخراج جميع المعامل الى مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية ومحاسبة المخالفين الذين يتسببون باضرار للبيئة.

هل يا ترى اصبحت رائحة الكبريت الكريهة نعمة على السياسيين لكونها عطلت ذاكرة المجتمع عن الشعور بروائح الفساد المالي والاداري الاشد خطورة ونتانة من رائحة الكبريت؟

هذا وينشغل الراي العام العراقي برائحة الكبريت التي اصبحت حديث الساعة فما ان تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي او تجلس في مقهى او تستمع لحديث الركاب في باصات النقل العام تجد ان معظم الحديث يدور حول الرائحة التي تنتشر ليلا وتختفي عند الصباح حتى غطى الكبريت على قضايا مهمة وحساسة مثل سرقة القرن ومصير المتهمين فيها واختفاء مليارات الدولارات من جداول الموازنة الاتحادية حتى وصل الحال الى عدم الاكتراث بالاحداث الاقليمية التي تشغل العالم اجمع فهل يا ترى اصبحت رائحة الكبريت الكريهة نعمة على السياسيين ولجانهم الاقتصادية لكونها عطلت ذاكرة المجتمع عن الشعور بروائح الفساد المالي والاداري الاشد خطورة ونتانة من رائحة الكبريت.

المستشفيات في الوسط والجنوب سجلت ارتفاعا ملحوظا بامراض الجهاز التنفسي مثل سرطان الرئة والالتهابات والحساسية الشديدة خلال الاونة الاخيرة بالتزامن مع انتشار الغازات الضارة في الاجواء العراقية

اختيار المحررين