موازنة الثلاث كل الاحتمالات مفتوحة !!
06:15 - 2023-06-20
تقاریر و تحقیقات
الداعي نيوز / تقارير وتحقيقات
أقر مجلس النواب العراقي في 12 حزيران 2023 قانون الموازنة المالية لثلاث سنوات 2023 و2024 و2025 بعد اشهر من الشد والجذب والمداولات المطولة بين الحكومة ومجلس النواب ، وأقرت الموازنة مزيدا من النفقات والاستثمارات كنتيجة مباشرة للزيادة في عائدات النفط التي تشكل نسبة 90% من إيرادات البلاد، وسط مخاوف من تراجع اسعار النفط والوقوع في المحظور، اذا ما علمنا ان الموازنة الثلاثية قد خصص اغلبها للنفقات التشغيلية .
مختصون يشكلون على موازنة الثلاث سنوات حجم التخصيصات المالية الكبيرة المرصودة في فقرة الرواتب، مؤكدين أن استحداث الدرجات الوظيفية يؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي الذي يعاني في الأساس من مشاكل عديدة منها الترهّل الوظيفي
وبحسب البيانات الحكومية، فإن إجمالي الموازنة للعام الحالي يبلغ 197.828 تريليون دينار (نحو 140 مليار دولار)، أمّا التشغيلية فهي 150.273 تريليون دينار، في حين تبلغ الاستثمارية 47.555 تريليون دينار. أمّا العجز فهو 63.275 تريليون دينار. واعتمدت الحكومة سعر 70 دولاراً لبرميل النفط، بالنظر إلى أن أكثر من 95 في المائة من إيرادات الموازنة تعتمد على مبيعات النفط، وهو ما أثار حفيظة معظم الاتجاهات الاقتصادية التي لا تدور في فلك الأوساط الحكومية، أما حصة إقليم كردستان فتبلغ 12,67 بالمئة، ويبلغ إجمالي إيرادات الموازنة 134 تريليونا و5 مليارات دينار (103,4 مليارات دولار)، بناء على سعر برميل النفط الذي احتسب 70 دولارا.
وعلّق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على إقرار الموازنة بالقول: "تم إقرار موازنة السنوات 2023، و2024، و2025، وهذه أوّل موازنة تُعد من قبل الحكومة، ونالت وقتا كافيا من البحث والنقاش، وبما يضمن تنفيذ البرنامج الحكومي"، وأضاف: "نحن مسؤولون عن تنفيذ ما في الموازنة من برامج ومشاريع وخطط وسياسات، وهناك إمكانية للتعديل من قبل وزارتي المالية والتخطيط، وبموافقة مجلسي الوزراء والنوّاب، في المستقبل إذا ما تغيّرت أسعار النفط والأرقام"، مشيرا الى أن إقرار موازنة لثلاث سنوات هي خطوة جريئة تُحسب لحكومته، وأهميتها تكمن في دعم الاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد.
وأثار اقرار قانون الموازنة العامة لغطا بين الاوساط المعنية بالشأن المالي والاقتصادي وكذلك بين الاوساط الشعبية، خصوصا حول بعض فقراتها المثيرة للجدل، لاسيما المادة (16) المتعلقة بإطفاء السلف الحكومية، لاحتوائها على مخالفات تتعلق بالمال العام، كما أن حجم التخصيصات المالية المرصودة للرواتب اثار ايضا مخاوف من عدم قدرة الحكومة على سدادها ، حيث ان السياسة الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة العراقية في قانون الموازنة الأخير لا تتماشى مع الجدوى الاقتصادية منها، لأنها موازنة (ريعية، انفاقية، استهلاكية) ، وبالتالي فانها موجهة نحو الاستهلاك الكلي مع أن العراق بلد مستهلك وغير منتج.
يتساءل الكثير عن مدى الفائدة المتحققة من اقرار موازنة عامة لثلاث سنوات مقبلة والتي لم يشهدها العراق سابقاً ؟ وهل سترسخ هذه الموازنة الاستقرار المالي وستكون بداية جديدة لتغير اعداد الموازنة العامة من الاعتماد على موازنة لسنة واحدة أو الاعتماد على موازنات متوسطة المدى كخطط تنموية قابلة للاستبدال، مع وجود هاجس انخفاض اسعار النفط عالميا
يقول الخبير القانوني علي التميمي، أن "المادة (16) من قانون الموازنة العامة الخاصة بإطفاء السلف فيها مشاكل ظاهرة وباطنة تتعلق بالمال العام، وهي خطيرة خاصة وأنها قدرت بـ100 مليار دولار".
ويضيف التميمي ، أن "المادة (16) نصّت على أن لوزير المالية الاتحادي صلاحية إضافة التخصيصات لغرض إطفاء السلف للسنوات السابقة لغاية 3/12/2023، والتي صرفت نتيجة القوانين النافذة بعد أن يتم تدقيقها من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي ومصادقة مجلس الوزراء الاتحادي عليها، ونصت بأن هذه هي السنة الأخيرة للتسوية" ، مشيرا الى أن "المادة( 27 ) من الدستور العراقي نصّت على حرمة الأموال العامة وعدم جواز التصرف بها أو التنازل عنها بأي شكل من الأشكال، وهذا النص لا يعطي صلاحية لوزير المالية إضافة تخصيصات ثم بعد ذلك يطفئ السلف، وكأن هذه الإضافات التي تؤخذ تكون هي بديلة عن الإطفاء"، مضيفا ان "هذه السلف معروف عندما تُعطى يجب أن تكون بوصولات تتضمن الجدوى والأسباب وأين صُرفت، فهي أشبه بالقروض أو السلف التي تؤخذ من المصارف من ناحية الضمانات والاسترجاع في حال عدم السداد"، مبينا ان "هذه السلف ليست ديوناً ولا يُطبّق عليها قانون التجارة ولا القوانين الأخرى ذات الصلة، وإنما هي تعد ائتماناً لأجل معين أو تسليف مال أو قرض لسبب معين"، موضحا أن "المادة 684 من القانون المدني تحدثت عن مسألة الاقتراض، وبينت أن هذه القروض ليست ديوناً، وإنما أموال عامة، وهي ائتمان".
كما كشف التميمي، عن إن "هذا النص يغطي على هدف أصلي مخفي، وهذا النص قابل للطعن عند المحكمة الاتحادية وفق المادة 93 من الدستور، التي قررت المحكمة الاتحادية سابقاً بأنه لا يجوز للرئاسات الثلاث التبرّع بأموال الدولة داخلياً أو خارجياً".
مختصون يشكلون على موازنة الثلاث سنوات حجم التخصيصات المالية الكبيرة المرصودة في فقرة الرواتب، مؤكدين أن استحداث الدرجات الوظيفية يؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي الذي يعاني في الأساس من مشاكل عديدة منها الترهّل الوظيفي.
ويفصل الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي ذلك بالقول إن "تعويضات رواتب الموظفين على الملاك الدائم تبلغ 60 تريليون دينار، يضاف إليها رواتب المتقاعدين، زائداً التي أصبحت أقل من الربع".
وترى حكومة السوداني، وعلى لسان المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن إعداد الحكومة موازنة لثلاثة أعوام يوفر رؤية لمستقبل العراق المالي ، والذي اكد أن قانون الإدارة المالية النافذ رقم 6 لسنة 2019 المعدل، يتحدث عن سنوية الموازنة، وأنه لا بأس من أن تقدم الدولة خطة مالية تحتوي على تقديرات وتنبؤات لسنوات مقبلة، ليكون لدى مجلس النواب والمشرعين تصور عن كيفية سير الأمور المالية للدولة"، لافتاً إلى "تأييده لهذا الاتجاه".
ويضيف صالح، أن "مشروع إقرار موازنة الأعوام المقبلة من قبل مجلس الوزراء يبقى استرشادياً وقابلاً للتعديل تبعاً لأسعار النفط وطبيعة الإيرادات والنفقات في السنوات المقبلة، أما موازنة عام 2023 فتبقى هي القانون"، مشيراً إلى أن "الشروع في إقرار موازنة لثلاث سنوات مقبلة يعطي للمشرع رؤية عن مستقبل العراق المالي في الأمد المتوسط ليستعد للاحتمالات كافة".
وفي 21 من حزيران 2023، صادق رئيس الجمهورية جمال عبد اللطيف رشيد، على الموازنة الاتحادية،بعد إرسالها من قبل مجلس الوزراء إلى رئاسة الجمهورية، حيث أكد أن إقرار الموازنة والمصادقة عليها هي نقطة تحول للشروع نحو تنفيذ الحكومة لبرنامجها الذي يتضمن تأمين الاحتياجات الضرورية للمواطنين وتقديم الخدمات الأساسية كالصحية والتعليمية، وتأهيل البنى التحتية والمباشرة بالمشاريع الحيوية والاستراتيجية التي ستنعكس إيجابا على واقع الحياة اليومية للمواطنين .
أثار اقرار قانون الموازنة العامة لغطا بين الاوساط المعنية بالشأن المالي والاقتصادي وكذلك بين الاوساط الشعبية، خصوصا حول بعض فقراتها المثيرة للجدل، لاسيما المادة (16) المتعلقة بإطفاء السلف الحكومية، لاحتوائها على مخالفات تتعلق بالمال العام
ان فكرة اقرار موازنة لثلاث سنوات قد تكون صحيحة، بحسب متخصصين ،وقد تضمن للحكومات تنفيذ برنامجها الحكومي خلال فترة توليها السلطة، وقد تبعث مثل هذه الخطوة على إجراء استراتيجيات متوسطة في كتابة الموازنات بدل بنائها على أسس آنية وقتية ضيقة، لكن احتمالية تعرض الاقتصاد الى عجز مالي كبير نتيجة توقع انخفاض اسعار النفط ،لاسيما في ظل الخسائر التي تكبدتها البنوك العالمية كبنوك سويسرا، سيمول العجز المالي بالإقراض مما يعني اضافة ديون جديدة على العراق وعبء اضافي جديد للموازنات العامة اللاحقة مايعني ايضا تأجيل بعض المشاريع الاستثمارية المهمة أو ترحيلها الى مدة تتجاوز الثلاث سنوات، مع وجود فوضى في التعيينات في القطاع العام، اذ تم استحداث عدد كبير من الدرجات الوظيفية في القطاع العام من العقود والمحاضرين واوائل الكليات وتعيين خريجي الشهادات العليا، مع تشتت في توزيعهم على الوزارات والهيئات سيؤدي الى انخفاض الانتاجية مما يشكل عبئا ماليا كبيرا على الدولة في ظل عدم وجود توجه لتطوير القطاع الخاص الذي تراجع هو الاخر كثيرا.
ويتساءل الكثير عن مدى الفائدة المتحققة من اقرار موازنة عامة لثلاث سنوية مقبلة والتي لم يشهدها العراق سابقاً ؟ وهل سترسخ هذه الموازنة الاستقرار المالي وستكون بداية جديدة لتغير اعداد الموازنة العامة من الاعتماد على موازنة لسنة واحدة أو الاعتماد على موازنات متوسطة المدى كخطط تنموية قابلة للاستبدال، مع وجود هاجس انخفاض اسعار النفط عالميا، والذي ان حصل سينسف حتما فقرات الموازنة ويربك الوضع الاقتصادي للبلد وسط تحديات داخلية وخارجية وغياب لملامح الدولة وخططها الرشيدة ؟ ومع كل هذه المخاوف لاينظر العراقيون الى الموازنة سواء كانت سنوية او لثلاث او عشر سنوات بقدر ما ينظرون الى الفائدة التي ستعود على الفرد العراقي بشكل خاص والذي لم يلمس لامن الثلاثية ولا مما قبلها أي تحسن في وضعه المعيشي ووضع البلد بشكل عام ، لتبقى كل الاحتمالات مفتوحة على موازنة ملغمة ،لا احد يخمّن متى تنفجر بوجه العراقيين !! .
آخر أخبار
-
طهران تعلن مقتل احد موظفي سفارتها في دمشق
02:13 - 2024-12-21
دولي -
انطلاق عملية امنية في الجزء الشرقي من "تلال حمرين" بصلاح الدين
01:41 - 2024-12-21
محلي -
بالاضافة الى مباراة افتتاح خليجي 26.. شاهد اليوم ابرز مواجهات الدوريات الاوروبية
01:35 - 2024-12-21
دولي -
ارتفاع اسعار صرف الدولار في الاسواق المحلية
01:29 - 2024-12-21
محلي