"سرقة القرن" .. سطو في حضن الدولة!!

17820 مشاهدة
11:59 - 2022-11-05
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز / تحقيقات وتقارير  

طائرة خاصة وكادر مضيفين من الاجانب وجواز سفر دبلوماسي وعدة جوازات سفر اخرى ومقتنيات ثمينة .. هذا ما وجدته القوة الامنية بحوزة احد ابرز المتهمين بسرقة اموال امانات الضرائب  (نور زهير) والتي تقدر بنحو 2.5 مليار دولار ، في سابقة خطيرة لم يشهدها من قبل عالم الفساد الذي يكبل العراق.. قضية اشعلت الراي العام ووضعت حكومة الكاظمي السابقة امام تساؤلات لاحصر لها ، كيف ومتى ولماذا حصل هذا السطو في كنف الدولة وسرقت اموال الامانات وذهبت لشركات وشبكة من السماسرة واللصوص، منهم من هو في منصب حكومي رفيع واخر خارج منظومة الدولة، لكن الجميع اتفقوا على سرقة المال العام في اجراء مؤسساتي مشرعن. 


"نور زهير جاسم" احد المتهمين في قضية سرقة الأمانات الضريبية

 ما القصة ؟   
في  20 تشرين الاول 2022 أصدر ديوان الرقابة المالية العراقي، بيانًا موسعاً بشأن سرقة 3.7 تريليون دينار مايعادل (2.5 مليار دولار) من أمانات الضرائب في مصرف الرافدين الحكومي، وهذه الأموال المسروقة استقطعت من قبل الشركات والأفراد الذين لديهم مشاريع مع الحكومة، أو من خلال استيراد البضائع، عبر دفعهم 10% من إجمالي المبلغ، الذي يسترد بعد الانتهاء من المشروع ، فيما  قالت الهيئة العامة للضرائب ، إن "أموال الهيئة البالغة 3.7 تريليون دينار في حسابها بمصرف الرافدين، سُرقت عبر تحرير 247 صكا، من التاسع من أيلول 2021 وحتى 11 آب 2022، وجرى إيداعها في حسابات شركات: القانت للمقاولات العامة (677.2 مليون دولار) والحوت الأحدب (329 مليون دولار) ورياح بغداد (817 مليون دولار) والمبدعون للخدمات النفطية (299 مليون دولار) وبادية المساء (437 مليون دولار)"، ويقدر متخصصون ان بإمكان 2.5 مليار دولار دفع رواتب لأكثر من 500 ألف موظف لمدة عام، أو بناء ألفي مدرسة وإنهاء أزمة الدوام الثلاثي في المدارس، أو شراء أكثر من مليون جرعة كيميائية لعلاج مرضى السرطان الذين يعانون اليوم من غياب العلاج وفقدان حياتهم بالمستشفيات ، وسحبت اموال امانات الضرائب نقدا بعد إيداعها بحسابات الشركات، ولم تذهب إلى أصحاب حق استرداد الأمانات الضريبية الحقيقيين أو تذهب كإيراد للخزينة العامة".

 اختلاس مال عام فضيحة هزت العراقيين، فكيف تم الاستيلاء على هذا المبلغ الضخم؟ ومن استولى عليه؟ ولماذا تعجز الهيئات الرقابية عن وقف نزيف اختلاس المال العام؟

وتمتلك الأحزاب السياسية هيئات اقتصادية تقوم بالسيطرة على المشاريع في الوزارات التابعة لها وإحالتها لرجال أعمال تابعين لها، مما أضاع على العراق أكثر من 190 مليار دولار منذ العام 2003 وحتى الآن، عبر المشاريع التي لم تنجز والتي بلغت 7055 مشروعا، واخر فضائح الفساد سرقة القرن التاريخية كما اطلق عليها في الاعلام وهي الاكثر والادهى منذ العام 2003 . 

"نور زهير جاسم" داخل السجن

ولاقت هذه الفضيحة الكبيرة ردود أفعال غاضبة شعبية ورسمية قارنت بين الوضع الاقتصادي الذي يمر به العراق وتفشي الفقر والبطالة وتدهور الخدمات، وبين استمرار حيتان الفساد بنهب أموال الدولة وثروات البلد بطريقة سهلة دون رقابة او رادع ،وبرزت دعوات لمنع سفر كبار المسؤولين في حكومة مصطفى الكاظمي خوفا من هروب المتورطين بالقضية إلى خارج العراق، كما طالبت لجنة النزاهة في مجلس النواب، بمنع سفر كبار موظفي هيئة الضرائب لحين إكمال التحقيق في حادثة سرقة أمانات الهيئة. 

اللجنة المالية النيابية المعنية بالرقابة على اموال البلد أعلنت إحالة القضية إلى القضاء الذي سيتكفل بالتحقيق في هذه الجريمة، وقالت رئيسة اللجنة النائبة محاسن حمدون، في تصريح، إن "الأموال تم صرفها إلى خمس شركات فقط، وأن اللجنة استضافت وزيرة المالية وكالة هيام نعمت، ووكيلة الوزارة طيف سامي ومدير عام الضرائب وكالة ومدير عام الدائرة القانونية في وزارة المالية ومدير عام مصرف الرافدين، للاطلاع على تفاصيل القضية". 

السيد أسامة جودت مدير عام هيئة الضرائب

وتطرق رئيس الحكومة السابق  مصطفى الكاظمي لقضية الأموال المسروقة من مديرية الضرائب، مؤكدا وجود اعتراضات شديدة من قبل برلمانيين وكتل سياسية لمنع الإصلاح في وزارة المالية والبقاء على آليات تقليدية لا تلائم العصر، مدعيا أن هذا الموضوع لايخص حكومته بل دائرة من دوائر وزارة المالية، وانه في عام 2021 وجه بالقيام بتحقيق، وفي ضوء التحقيق أصدر أمرا بمنع صرف أي أمانات بالضرائب بدون استحصال موافقة الوزير" لكنه لم يوضح للعراقيين اسباب استمرار نهب أموال الضرائب بعد ذلك التاريخ معترفا بان هذه السرقة هي احدى التحديات وان البعض يستغل الظروف لخلق الفوضى والتغطية على الفاسدين الحقيقيين ، كما لفت الى وجود الأصوات التي تحاول ان تبتز بذريعة المال العام وهي أكثر أصوات متورطة بحماية الفاسدين، مبينا ان الدولة تعرف كل شيء، ولو كانت تريد أن تفتح الملفات فإنها ستتسبب بزلازل حسب قوله ، مايؤكد عجز حكومته عن مواجهة مافيات الفساد.

ووجهت وزارة المالية كتابا إلى مجلس النواب و هيئة النزاهة بتاريخ 10/10/ 2022 بينت فيه الجهات المسؤولة والتي استولت على المبلغ، طالبة التحقيق بالموضوع، معلنة عن القيام بتشكيل لجنة تحقيق إداري، وأجرت تغييرات إدارية احترازية ومنها ايقاف رئيس الهيئة العامة للضرائب وموظفين في هيئة الضرائب على صلة بالامر. 

مجلس القضاء الأعلى دخل على الخط واعلن في  بيان رسمي عن صدور مذكرات استقدام بحق مدير عام الهيئة العامة للضرائب ومعاونه، والمشرف على القسم المالي والرقابي ووكيل القسم المالي ومدير القسم المالي ، وصدرت مذكرات قبض بحق أصحاب الشركات المستفيدة ووضع الحجز الاحتياطي على حساباتها والتي حررت لصالحها صكوك الأمانات الضريبية ، وكذلك تشكيل لجان تدقيقية مشتركة من وزارة المالية والهيئة العامة للضرائب ومصرف الرافدين وهيئة النزاهة لتدقيق المبالغ المصروفة، كما وجه البنك المركزي العراقي في 2 تشرين الثاني 2022 ، بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لزوجات وأبناء المتهمين بالسرقة ، وجاء في كتاب رسمي صادر عن البنك المركزي العراقي وموجه الى المصارف الخاصة كافة، إنه استنادا الى كتاب رئاسة محكمة استئناف بغداد الكرخ/ محكمة تحقيق الكرخ الثانية المتضمن وضع الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لزوجات واولاد المتهمين (حسين كاوه عبد القادر عبد العزيز بريفكاني)، و(محمد فلاح عبد الله الجنابي)، و(عبد المهدي توفيق مهدي) و(نور زهير جاسم المظفر)،ووجه كتاب البنك المركزي ياتخاذ ما يلزم، والإبلاغ في حال وجود أي رصيد.  

هناك محاولات لطمس  القضية وانه تم إحراق بعض الوثائق المتعلقة بفضيحة سرقة أموال الضرائب، وان مدير الضرائب المتورط فيها، غادر العراق منذ الشهر الماضي

في 26 تشرين الأول الماضي، كشفت وثائق للبنك المركزي العراقي، عن صدور أحكام قضائية بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لمسؤولين في الهيئة العامة للضرائب وأصحاب شركات مقاولات متورطين بـ"سرقة القرن". 

ووفقاً لهيئة النزاهة فإن القضية ما زالت قيد التحقيق للتوصل إلى جميع المتورطين بها، كما صدرت أوامر قبض قضائية بحق عدد من أطراف القضية أبرزهم مدير شركة المبدعون نور زهير المظفر. 

البنك المركزي العراقي

وخضعت قضية سرقة امانات الضرائب للابتزاز من قبل بعض السياسيين الذين زجوا أنفسهم في تفاصيل هذه القضية من أجل الضغط على المتورطين فيها وابتزازهم ماليا ، فيما وحذر السياسي عزت الشابندر، في تغريدة على تويتر "من سياسيين وبرلمانيين وسماسرة، يتدخلون في القضاء ويتحركون لجمع المعلومات عن المتورطين بالقضية، بقصد المساومة وابتزاز المتهمين" داعيا القضاء للوقوف بوجه أولئك السماسرة، ومنع تأثيرهم على التحقيق. 

وزير المالية السابق علي علاوي،  كان قد وجه رسالة عن سبب حصول ما وصفها ب "واحدة من أكبر الفضائح المالية في العصر الحديث" مرجعا ذلك إلى عوامل منها تأخر وزارة المالية في مجال اعتماد أنظمة المعلومات والمحاسبة وإعداد التقاریر الآلیة وعدم انصیاع بعض المدراء العامین وموظفي الدولة إلى الأنظمة والقوانین الحاكمة في مهامهم ، مبينا  أن كل ذلك يعود إلى ما اسماه  "الولاء إلى جهات سیاسیة متنفذة تسترزق من حیتان الفساد وتوفر الحصانة إلى الفاسدین". 

 رئيس اللجنة المالية النيابية السابق هيثم الجبوري

وكشف علاوي، الذي استقال من منصبه بسبب ما قال إنها ضغوط من الكتل السياسية انه أبلغ مكتب رئیس الوزراء الكاظمي مرارا عام 2021 عن مخاطر السماح باستمرار هذا الوضع، مؤكدا انه أبلغه عدم امكانيته في الاستمرار وهو يعلم أن الوزارة تلتهم من الداخل ولا یمكنني فعل أي شيء حیال ذلك.  

كيف سُرقت اموال الضرائب؟ 
اشارت تسريبات لوثائق هذه القضية الى وجود إجراءات منظمة مهدت لعملية السرقة، أبرزها توجيه اللجنة المالية بمجلس النواب السابق، كتابا في حزيران 2021 إلى وزير المالية، اقترحت فيه أن يتم تدقيق معاملات إعادة مبالغ الأمانات من قبل الهيئة العامة للضرائب فقط ما يعني إلغاء دور ديوان الرقابة المالية، وهي مخالفة قانونية فتحت باب الفساد ، فضلا عن  وجود تواطؤ في القضية من قسم الحسابات في الهيئة العامة للضرائب ودائرة المحاسبة في وزارة المالية ومصرف الرافدين الحكومي، لأنهم لم يتبعوا السياقات المالية المتعارف عليها في التعامل مع الصكوك. 
النائب المعارض هادي السلامي، ادلى  بمعلومات خطيرة عن قضية السرقة،  واكد ان هناك محاولات لطمس  القضية وانه تم إحراق بعض الوثائق المتعلقة بفضيحة سرقة أموال الضرائب، وان مدير الضرائب المتورط فيها، غادر العراق منذ الشهر الماضي  ، مشيرا الى ان "هناك فسادا متنوعا غير منظور مثل منح الأراضي الباهضة الثمن التابعة للدولة، مجانا إلى المستثمرين التابعين للأحزاب الحاكمة" مستدركا بالقول : "ان الفساد تقوده الأحزاب الحاكمة". 

وزير المالية في حكومة الكاظمي "علي علاوي"

الامم المتحدة هي الاخرى دخلت على الخط ايضا ، وتساءلت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنينين بلاسخارت، عما يمكن إنجازه بـ"تريليونات الدنانير العراقية" التي سرقت من ودائع الضرائب العراقية ،وكتبت في تغريدة عبر تويتر "ماذا يمكن للعراق فعله بمليارات الدولارات المفقودة منه؟ الاستثمار بالمدارس والمستشفيات والطاقة والمياه والطرق وغير ذلك؟" وتابعت : "استردوا هذه الأموال وأعيدوها لأصحابها الشرعيين، ادعموا الحكومة العراقية في تحقيقاتها، ووفروا الحماية لمن يكشفون الحقائق اضمنوا المساءلة". 

ورغم ملفات الفساد الكثيرة ونهب ثروات البلد والمال العام التي يشهدها العراق ، إلا ان هذه القضية حظيت باهتمام كبير، لأنها كشفت عن حقائق مؤلمة، أبرزها ان العراقيين يعيشون في دولة لصوص ومافيات فساد مدعومة بغطاء قانوني ، في وقت يعاني فيه الشعب من أوضاع اقتصادية صعبة ، وهو في امس الحاجة فيها إلى هذه المبالغ للتخفيف من أزماته الخانقة ومعاناته الدائمة.

اختلاس مال عام فضيحة هزت العراقيين، فكيف تم الاستيلاء على هذا المبلغ الضخم؟ ومن استولى عليه؟ ولماذا تعجز الهيئات الرقابية عن وقف نزيف اختلاس المال العام؟  
 

"كريم الغزي" مدير عام هيئة التحقيقات القضائية في النزاهة

 استشراء الفساد في مفاصل الدولة العراقية حقيقة، لم يعد بإمكان أي أحد التشكيك فيها، بالنظر لحجم الجرائم المالية وغيرها التي تصل أخبارها إلى الرأي العام المحلي والدولي من حين لآخر، وهذه الحقيقة يجسدها بوضوح أكثر احتلال العراق للمرتبة 157 (من 180) في مؤشر منظمة الشفافية الدولية.   

في 24 تشرين الاول 2022، القي القبض على المدعو "نور زهير جاسم" المتهم الرئيسي بقضية سرقة اموال امانات الضرائب ، حيث اعتقل في مطار بغداد بأوامر من وزير الداخلية ،وذلك اثناء محاولته الفرار عبر طائرة مدنية خاصة واوقف العشرات على ذمة القضية لكن اجراءا ملموسا لاعادة تلك الاموال الضخمة الى خزينة الدولة لم يتخذ بعد وعلى مايبدو ان خيوط القضية متشابكة ولا احد يبوح بالحقيقة المثلى وهذا مايفسر ان ثمة شخصيات حكومية وبرلمانية قد تكون متورطة بالسرقة . 

لا يمكن الجزم بأن سرقة القرن هي  عملية السرقة الكبرى الأولى في العراق، ويؤكد ذلك الخبير الاقتصادي العراقي منار العبيدي، حين وصفها بـ "العملية الأولى التي تم الكشف عنها، قد تكون حدثت عمليات في الماضي لكن لم يكشف عنها بشكل واضح والجريمة المنظمة التي التهمت خلال 11 شهرا مبلغ 2.5 مليار دولار من الهيئة العامة للضرائب، وقعت حين كان عشرات آلاف العراقيين يعتصمون ويتظاهرون للمطالبة بالإصلاح وانهاء الفساد وحكومات في بلد ربع سكانه يعيشون تحت خط الفقر" 
اكتشفت ”سرقة القرن” بعد شهرين من استقالة وزير المالية السابق علي علاوي، التي جاءت إثر تداعيات فضيحة فساد في عقد تعويض شركة أهلية للنظم وخدمات الدفع الإلكتروني (بوابة عشتار) بمبلغ 600 مليون دولار من قبل مصرف الرافدين، وبعد أيام من قرار قضائي بوقف صرف نحو 50 مليون دولار، لمكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. 

من سرق اموال امانات الضرائب؟  
تدور الشبهات حول 16 متهما بسرقة اموال الضرائب ويشكلون شبكة تمتد من مجلس النواب الى مجلس الوزراء وصولاً إلى الهيئة العامة للضرائب ووزارة المالية، بحسب تصريحات نواب ومتابعين للملف ، ويشكل المبلغ المسروق ما يوازي نحو ربع موازنة دولة جارة للعراق، تم استخدامه لشراء نحو 100 عقار بأسعار مبالغ فيها وسط بغداد وخارجها، وهذا ما اكدته شبكة “نيريج” للصحافة الاستقصائية،حيث نشرت تحقيقاً في 21 أيلول  2022  كشفت فيه عن  تدفق أموال كبيرة إلى السوق العقاري في إطار عمليات غسيل أموال أدت إلى رفع اسعار العقارات بنحو كبير وغير معهود في العاصمة بغداد. 

 وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار

في 19 تشرين الأول 2022 ، إصدرت محكمة تحقيق الكرخ الثانية المختصة بقضايا النزاهة أمر استقدام لعضو اللجنة المالية في مجلس النواب للدورة السابقة هيثم الجبوري ، وسبق ذلك في 18 تشرين الأول 2022 ، أمر استقدام آخر من المحكمة نفسها  بحق مدير عام الهيئة العامة للضرائب عبد الستار هاشم علي ومعاونه وعدد من الموظفين في القسم المالي على خلفية القضية ،وعلل مجلس القضاء الأعلى الاستقدامات بانها تمت بناء على المادة (340) من قانون العقوبات العراقي بتهمة إحداث ضرر متعمد بأموال عائدة لوزارة المالية، وان مذكرات قبض صدرت بحق أصحاب شركات متورطة بالاستيلاء على تلك الأموال ووضع الحجز الاحتياطي على حساباتها المصرفية، فضلاً عن تشكيل لجنة تدقيقية مشتركة من وزارة المالية والهيئة العامة للضرائب ومصرف الرافدين وهيئة النزاهة لتدقيق المبالغ المصروفة. 

ارسلت وزارة المالية كتابا العاشر من تشرين الثاني 2022، إلى مجلس النواب العراقي بناء على طلب من اللجنة المالية فيها، حمل عنوان “سري”، مرفق بتقرير تدقيقي مفصل نظمته الهيئة العامة للضرائب وحمل توقيع نائب المدير العام عبد الستار هاشم علي ، وتضمن التقرير رقم 61 س/1647 معلومات تفصيلية عن المبالغ المسروقة من حساب الأمانات التابع للهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين والجهات المسؤولة عن صرفها والأخرى المستولية عليها ، وبين نتائج كشفت عن أرقام ومبالغ صكوك مالية ومخاطبات موجهة من الهيئة العامة للضرائب مع صور كشوفات الحسابات المصرفية ووكالات عامة ومستمسكات شخصية رسمية للذين استولوا على أمانات الضرائب ، حيث اتضح بعد ذلك انه تم  سحب مبلغ مقداره 3،701،380،882،000 (ثلاثة ترليون وسبعمائة وواحد مليار وثلاثمائة وثمانون مليون وثمانمائة واثنين وثمانين ألف دينار) من حساب الأمانات الخاصة للهيئة العامة للضرائب الذي يحمل الرقم 60032 في مصرف الرافدين، مودعة في فرعين هما( الأحرار والضرائب ) وذلك من الفترة بين 9 أيلول 2021 و11آب 2022، كما بين التقرير انه تم السحب عبر 247 صكاً مصرفياً لصالح خمس شركات هي: (القانت للمقاولات العامة، الحوت الأحدب للتجارة العامة، رياح بغداد للتجارة العامة، المبدعون للخدمات النفطية، بادية المساء للتجارة العامة) ، حيث وصل التقرير الى نتائج مهمة ،مبينا ان أياً من هذه الشركات (الصغيرة والحديثة الإنشاء) لا تملك أمانات ضريبية وليس لديها توكيل من طرف ثالث لسحب أمانات ضريبية ،وأن الصكوك المحررة غير مقيدة في حسابات هيئة الضرائب، وقد تم سحب مبالغها فور إيداعها لدى مصرف الرافدين. 

مصرف الرافدين

ويتضح من خلال التقرير أن مبلغ الأمانات المودعة في حسابات الأمانات التابع للهيئة العامة للضرائب قد سُرق، بعد أن سحب من قبل مخولين من الشركات الخمس، وأن صكوكها قد نظمت من قبل الإدارة السابقة للهيئة والأقسام المختصة فيها خلافاً للقانون ودون استحقاق ولم تذهب الأمانات الضريبية  الى اصحابها الحقيقيين أو تذهب كإيراد إلى الخزينة العامة للدولة ، وهكذا تمت السرقة نقدا وعلنا وفي حضن الدولة الغافلة والرقابة المالية المغفلة وضاعت اموال العراق بين قبائل شتى من اللصوص المحترفين ومافيات المصارف والضرائب وحيتان السياسة والاقتصاد. 

يتساءل العراقيون سواء كانوا مختصين او مواطنين عاديين عن دور ديوان الرقابة المالية المفقود في هذه القضية،وعن دور دائرة استرداد الأموال المنهوبة والمحولة بطرق غير شرعية داخل وخارج العراق ، وعن الحكومة والبرلمان وهيئة النزاهة والمخابرات وغيرها من مؤسسات تعنى بحماية المال العام ، قضية سرقة القرن فتحت الباب واسعا اما تساؤلات كثيرة عمن يقف خلف هؤلاء اللصوص ، من يحميهم ومن يساعدهم في سرقة مثل هذه المبالغ الكبيرة وهي اموال الشعب والشعب يتضور جوعا ووضعا معيشيا مترديا ؟ 

 ويتساءل العراقيون كلهم : من يستطيع ايقاف كل هذا النزيف المالي ومن يوقف هؤلاء المجرمين؟ ، والادهى من كل هذا هل ستمر سرقة القرن التاريخية مرور صاحباتها السابقات وتغلق الملفات فيما بينهم " بوس عمك بوس خالك " وتقيد ضد مجهول  وتنتهي ؟ ام ان لحكومة محمد شياع السوداني الجديدة قول اخر ؟.


اختيار المحررين