نساء وقُصَّر تحت وطأة العنف والاغتصاب

5263 مشاهدة
12:37 - 2021-12-28
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز / تحقيقات وتقارير  
 
يعد العنف ضد النساء واحدا من اخطرالتحديات التي تواجه العالم ، حيث ان استمرار الحروب وانتشار الإرهاب والتطرف، وغلبة الأعراف العشائرية على المنظومة القانونية، وانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات وتردي الواقع التعليمي ، ساهمت في ارتفاع مستويات العنف الجسدي والجنسي وبروز ظواهر وممارسات ضارة ودخيلة على مجتمعنا بشكل خاص تداخلت مع الموروث الاجتماعي والثقافي، وهي عوامل تحول دون الإبلاغ عن حالات العنف والاغتصاب وملاحقة مرتكبيها، بالرغم من ان القانون العراقي يمنع كافة اشكال العنف والتعسف سواء في  الاسرة اوالمجتمع. 

 

تظاهرة نسوية في بغداد احتجاجاً على تقنين عقد زواج فتاة تبلغ من العمر 12 عاماً 

ظاهرة خطيرة استشرت مؤخرا في المجتمع العراقي وبات ابطالها مغتصبون وحارقون وقتلة ،وعنف فريسته تنوعت بين فتيات وفتيان صغار ايضا وبشكل ملفت، حيث اصبح الأطفال والقاصرات المستهدف الاول في عمليات الاغتصاب والتحرش . 
 اغتصاب تعددت مظاهره، وتنوعت طرقه وأسبابه، وآثاره وباتت أقسى من أن يتقبلها الآباء والامهات والمجتمع . 

طفل يبلغ من العمر 6 سنوات يغتصب على يد مراهقين ومن ثم يقتل ويرمى في شاحنة قرب منزله بمدينة كركوك

نسمع بين الحين والاخر عن جريمة اغتصاب طفل في مدينة معينة من مدن العراق، ولكن لم يتسنَ لنا الحصول على احصائية دقيقة باعداد الضحايا والمعنفين من كلا الجنسين، وبات من المألوف ان الجرائم تتكرر كل يوم بل وتزداد ويزداد معها الصمت الحكومي وحتى المجتمعي ازاء ظاهرة خطيرة تهدد نسيج المجتمع بأكمله . 
طفل يبلغ من العمر 6 سنوات يغتصب على يد مراهقين ومن ثم يقتل ويرمى في شاحنة قرب منزله بمدينة كركوك، وانتهاك لبراءة طفلة لم تبلغ الثلاث سنوات من عمرها عندما اقترب منها رجل مجهول وقدم لها الحلوى، مستدرجاً إياها إلى منزل مهجور في محلة "باب جديد" بالموصل القديمة، حيث أقدم على ربط يديها، قبل أن ينفذ جريمته, وتم القبض على المجرم مغتصب الطفلة بعد ساعة ونصف فقط من ارتكابه الجريمة وطفلة اخرى تبلغ من العمر 6 سنوات في بغداد بعد اغتصابها قام المجرم بقتلها واغتصاب طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات من قبل مراهقين ايضا. 
وحادثة هزت محافظة دهوك في إقليم كردستان عندما حاول رجل يبلغ من العمر 47 عاما الاعتداء على طفلة تبلغ من العمر ١٠ سنوات بعد أن قاومته بصراخها فأرداها قتيلة. 

صورة للاميرة مريم قبل وبعد رش وجهها بالتيزاب 

وحتى كتابة هذا التقرير كانت آخر حوادث العنف والاغتصاب ضد الفتيات والصغار جريمة أبكت من سمعها وشاهد ضحيتها حيث اقدم شخص على حرق وجه الشابة "مريم" في بغداد بمادة "التيزاب" الحارقة وشوه وجهها بالكامل في حادثة اضحت قضية رأي عام في المجتمع العراقي ليختمها شخص يغتصب الطفلة "حوراء" ذي السبع سنوات بعد خطفها ، ليتم القبض عليه بعدها . 
وبحسب قانونيين، فان هناك فرقا كبيرا بين الاغتصاب والتحرش ،ولكل منهما عقوبته الخاصة. 

حادثة هزت محافظة دهوك في إقليم كردستان عندما حاول رجل يبلغ من العمر 47 عاما الاعتداء على طفلة تبلغ من العمر ١٠ سنوات بعد أن قاومته بصراخها فأرداها قتيلة.

"الاغتصاب حسب القانون، هو مواقعة دون الرضا ودون الرغبة من الطرف الآخر، أي بشكل إجباري تحت ضغط وإكراه شديدين, أما التحرش الجنسي فهو فعل يراد به الجاني الحصول على منفعة جنسية دون موافقة الطرف الآخر سواء بالكلمات أو بالملامسة أو بالإشارة، سواء كان الفعل علانية أو في الخفاء"، ويشير القانوني علي التميمي، الى أن عقوبة التحرش الجنسي والاغتصاب في قانون العقوبات العراقي رقم (١١١) لسنة (١٩٦٩) لم تأتِ بنصوص شديدة ورادعة لمن يمارس التحرش الجنسي أوالاغتصاب. 
 

إنقاذ امرأة حاولت الانتحار بالقفز من جسر الأئمة في بغداد

مفوضية حقوق الإنسان في العراق، اكدت ان هذه الجرائم التي تطال الأطفال يجب أن لا تمر وكأنها فعل إجرامي يعاقب عليه القانون، بل على الجميع البحث عن الأسباب التي أدت بالمجتمع العراقي ذي الأعراف والعادات والتقاليد الأصيلة إلى أن يتجه بعض أبناؤه لمثل هذا السلوك الخطير، مشيرة الى أنه في كل يوم تطل علينا جريمة تعنيف بشعة أو اغتصاب بحق الطفولة في العراق، مطالبة جميع أبناء الشعب العراقي بالوقوف وقفة جادة لوضع حد لهذه الجرائم البشعة.  
ان استمرار الأزمات وضعف المنظومة القانونية أمام الأعراف والعادات العشائرية وبحسب مراقبين، كانت سببا في ازدياد هذه الظاهرة، وهذا ما مهّد الطريق لعدم الإفصاح عن حالات كثيرة للعنف ضد النساء، بسبب وصمة العار الاجتماعية. 

قد لاتكون جرائم اغتصاب الصغار من كلا الجنسين جديدة لكن المؤكد انها تفاقمت بشكل خطير في الآونة الاخيرة في بلد تتقاذفه الصراعات السياسية والتطرف والعنف بكل اشكاله مع انتشار ظاهرة تعاطي واتجار المخدرات

خلال 2021 سجّل العراق 5 آلاف حالة تعنيف للنساء في بغداد وبقية المحافظات، وفقا لعضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان علي البياتي، الذي اوضح أن من بين 3 فئات مجتمعية تصدّرت المرأة قوائم العنف الأسري في العراق، وكشف المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في العراق عن تسجيل 1449 قضية عنف ضدّ النساء من مجموع 1543 قضية عنف أسري سجّلت في أشهر (يونيو/حزيران، ويوليو/تموز، وأغسطس/آب) 2021 الماضية في المحاكم التابعة لرئاسة استئناف الرصافة.   
وكشف مدير العلاقات والاعلام في وزارة لداخلية اللواء سعد معن عن تسجيل 3 آلاف و637 حالة اعتداء من الأزواج على زوجاتهم من مجموع 5 آلاف و292 حالة عنف أسري سُجلت في العاصمة بغداد وبقية محافظات البلاد في النصف الأول من عام 2021 . 
فيما وثقت الأمم المتحدة في العراق في منتصف شهر تشرين الثاني 2021 تقاريرعديدة تتعلق بإساءات مروّعة بحق النساء والفتيات، تنوعت بين التحرش والاغتصاب والتعنيف ، من بينها اغتصاب امرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإساءة الأزواج لزوجاتهن، وتحرّش جنسي بالقصّر وانتحار بسبب العنف المنزلي. 
 

المتهم باغتصاب الطفلة حوراء يعمل منتسب في وزارة الداخلية

ما هو مؤكد ان ضحايا هذه الجرائم يعانون من عدة آثار واضطرابات منها: النفسية والجسدية والاكتئاب والميول إلى الانتحار والشرب والمخدرات وصعوبة الثقة بالنفس في المستقبل. 
قد لاتكون جرائم اغتصاب الصغار من كلا الجنسين جديدة، لكن المؤكد انها تفاقمت بشكل خطير في الآونة الاخيرة في بلد تتقاذفه الصراعات السياسية والتطرف والعنف على شتى اشكاله ، مع انتشار ظاهرة تعاطي واتجار المخدرات التي قد تكون واحدة من ضمن الاسباب التي تؤدي بالمجرم الى فعل الاغتصاب والتحرش والقتل مع غياب الوعي الكامل، اضف الى ذلك الرادع الاخلاقي والقانوني الذي تماهل كثيرا عندما يقف عند هذه الحوادث المؤلمة لاسباب عشائرية وعرفية وابتعاد عن مبادئ الدين الحنيف، واخرى خوف من التهديد بالقتل والتصفية.    
   
يقول المثل الشعبي في العراق : "اطفر النهر ماطوله ضيق" هي رسالة الى كل انسان ينشد مجتمعا نظيفا خاليا من شوائب القتل والعنف والاغتصاب والتحرش بالصغار ومن كلا الجنسين، فكلنا مسؤول وحسب موقعه ومكانته .. رجل الدين رجل القانون المعلم والاسرة المجتمع ككل .. وعلينا ان نعبر بمجتمعنا الى ضفاف آمنة تحترم فيها كرامة الانسان وانسايته .

اختيار المحررين