"النووي الإيراني" قلق عراقي مبرّر

4589 مشاهدة
09:49 - 2021-12-24
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز / تحقيقات وتقارير  
 
في 14 من تموز عام 2015 وبعد خلافات حادة استمرت لسنوات بين إيران والدول الكبرى متمثلة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا المعروفة بمجموعة 5+1 ،تم الاتفاق على تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران بشكل تدريجي،  لكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحب من الاتفاق بشكل أحادي الجانب وفرض عقوبات اقتصادية مشددة ضد إيران،واعيد احياء الاتفاق بعدها خلال حكم جو بايدن، بجولات مباحثات انطلقت من فيينا لم تثمر حتى الساعة عن مخرجات حقيقية تشير الى اتفاق نهائي بين طهران والغرب وحل لهذا الملف الذي يؤرق العالم بأسره. 


  صورة من الارشيف وقت الإعلان عن التوصل للاتفاق النووي في فيينا في يوليو 2015
في 12 من كانون الأول 2021 ، وبعد جولات امتدت من حكم الرئيس السابق حسن روحاني حتى ايراهيم رئيسي ،عاد مجددا ملف النووي الايراني بمباحثات مكملة مثلّها عن ايران  كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري، الذي اكد إحراز تقدم في تحديد جدول أعمال الموضوعات التي ستناقش في المحادثات الجارية في فيينا لإنقاذ الاتفاق حول البرنامج النووي لطهران.  

 أزمة حقيقية وحرب قد تكون على الابواب وضربة محتملة تعبر العراق صوب ايران مصدرها اسرائيل ،هذا هو السيناريو الاكثر فهما من كل ما يدور من احداث وحيثيات بشأن ملف ايران النووي

 وفي ظل تحذير غربي لإيران باستغلال " الفرصة الاخيرة" قال باقري، في تصريحات نشرتها وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (ارنا) إن الجانبين (إيران من جهة والدول الأطراف في الاتفاق من جهة أخرى) يمضيان قدماً من أجل التوصل إلى إجماع واضح بشأن نطاق وحدود القضايا التي ستدرج في جدول المفاوضات.

واعتبره"تقدم جيد" بحسب قوله ،مؤكدا انه في حال تمكنت طهران خلال المرحلة الراهنة من التوصل الى هذا الإجماع، سيكون مهما بعد خلافات ازلية بين الغرب وايران.  
 

صورة عبر الأقمار الاصطناعية لمنشأة نظنز النووية لتخصيب اليورانيوم

ويرى الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية وفي "الظل" اسرائيل، أن امتلاك إيران للأسلحة النووية يعد تجاوزاً للدور الممنوح لها لتلعبه في المنطقة، وأن امتلاكها للأسلحة النووية يعد خطاً أحمر لا يمكن لها أن تتجاوزه، فامتلاكها للأسلحة النووية، وهي الدولة التي تطل على الخليج العربي، يجعلها قادرة على التحكم بإمدادات النفط العالمية التي تأتي من الخليج العربي، الذي يحتوي بدوره على أكبر احتياطي نفطي في العالم، وفي هذا تهديد خطيرعلى الاقتصاد العالمي والغربي بشكل خاص، ولهذا فإن الغرب لن يسمح لإيران بتطوير برنامجها النووي مهما كلفه ذلك، فهو يدرك أن المواجهة مع إيران هي الحل بينما ترى إيران في امتلاكها لمثل هذا السلاح، بانه يعزز وجودها كقوة عسكرية إقليمية كبرى تجعلها قادرة على تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية في منطقة الشرق الأوسط العربية الهشة نوعا ما في ظل ضعف عراقي وهشاشة خليجية ، ما يمهد لايران تحقيق حلمها في "تصدير الثورة" ، حيث تسعى ايران ذات الموقع الاستراتيجي المهم خليجيا ودوليا للتدخل في شؤون دول المنطقة للتأثير على القرار العالمي، ولاخير من دليل على ذلك سوى تدخلها الواضح في القرار السياسي العراقي . 
 

ايرج مسجدي الضابط في الحرس الثوري والسفير الايراني لدى بغداد حاليا

الدول الغربية تدرك تماما أن إيران باتت تتحكم بالكثير من أوراق اللعبة السياسية في منطقة الشرق الأوسط وخصوصا في العراق، و لبنان و سوريا، كما أنها تمتلك ترسانة عسكرية قوية، وقد بات بإمكانها خلق الكثير من المشاكل للغرب في المنطقة خصوصا اسرائيل الند القديم لها، مايجعل اسرائيل اليوم تتبنى فكرة ضربة عسكرية محتملة لطهران ، وقد لايتعدى هذا مجرد تصريحات اعلامية للضغط على ايران لتقديم تنازلات في ملفها النووي ، ولكن لا احد يمكنه التنبؤ بما تخبئه الايام ، والخوف كل الخوف يكمن في العراق على وجه التحديد، فان حدث ذلك ووجهت اسرائيل ضربة عسكرية لطهران فسيكون هو المتضرر الاول ، وسط مشاكل داخلية سياسية واقتصادية تحيط ببغداد قد تفتح الباب على مصراعيه للولوج في حرب لا تحمد عقباها ، وعليه ان ينجو من هذا الفخ ، ان استوعب حكامه الدرس ووضعوا بلدهم خارج هذا المحور الحارق ورفضوا تدخلات ايران بالشؤون الداخلية لبلدهم.   

 تمسك ايران بورقة العراق السياسية بقوة، حيث استغلت نفوذها عن طريق الميليشيات الشيعية التي تأتمر بامرة الحرس الثوري وهي قوة ضاربة وخزين بشري استراتيجي تستخدمه ايران ضد الغرب ان تطلب الامر 

الصين وروسيا اللتان تربطهما مصالح اقتصادية مع ايران لا تستطيعان أن تقفا موقفاً متشدداً من إيران، ولعلهما لا تريان في امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية أي تهديد مباشر لأمنهما القومي، ولا تريان أن امتلاك إيران للأسلحة النووية من شأنه أن يخل بموازين القوى في وسط آسيا. 
 

صورة للرئيس الإيراني السابق "حسن روحاني" يستعرض إنجازات بلده خلال اليوم الوطني للطاقة النووية

أزمة حقيقية وحرب قد تكون على الابواب وضربة محتملة تعبر العراق صوب ايران مصدرها اسرائيل ،هذا هو السيناريو الاكثر فهما من كل ما يدور من احداث وحيثيات بشأن ملف ايران النووي ، الذي تجاوز حدود الازمة مع الغرب ودخل على خط جواره الاقليمي . 
 
الهلال الشيعي الذي يمتد من لبنان إلى إيران مروراً بالعراق وسوريا وبعض دول الخليج، وهو ما سيكلف الغرب والمنطقة الكثير، فاصابع ايران ممتدة على طول هذا الهلال ولها اذرع قد تكون قنابل موقوتة بوجه الغرب واسرائيل تحديدا اذا ما فكر بضربة عسكرية على ايران .

مستشار الامن القومي الامريكي جيك سوليفان

تمسك ايران بورقة العراق السياسية بقوة، حيث استغلت نفوذها في العراق عن طريق الميليشيات الشيعية التي تأتمر بامرة الحرس الثوري الايراني وهي قوة ضاربة وخزين بشري استراتيجي تستخدمه ايران ضد الغرب ان تطلب الامر ، في ظل خوفها من سقوط الورقة العراقية من أيديها ،فيما تبقى إسرائيل هي أكثر الدول ترشيحاً لتنفيذ الضربة العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، في ظل تهديد حزب الله المستمر لمصالح اسرائيل والغرب . 
 

صورة من اجتماعات فيينا حول الملف النووي الإيراني

ازمة الملف النووي الايراني وتداعياتها على المنطقة والعالم لايمكن ان تستمر فاستمرارها يعني ان العالم سيشهد حربا تاكل الاخضر واليابس، ولن ينجو منها القاصي والداني فمعسكر الغرب واسرائيل بمقابل ايران واذرعها المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان وبعض دول الخليج لن يكونا في نزهة هذه المرة او يجلسا على طاولة مباحثات في فيينا والسماء يتساقط منها ثلج ندي بل ستحرق حمم هذه الحرب المحتملة لاقدر الله، الجميع ولن ينجو منها العراق تحديدا فموقعه وتشتته والفوضى المتداخلة في مفاصل الدولة العراقية وسيطرة ايران على القرار السياسي فيه كلها عوامل ترشحه لان يكون في مرمى الجميع.

 

 

اختيار المحررين