العذر والفعل

11:50 - 2022-07-26
علي ناصر الكناني

الداعي نيوز / مقالات

اثناء حضوري الى الجلسة الادبية التي كان يقيمها قبل سنوات الباحث والاديب سمير الصوفي في داره العامرة في المنصور  وصادف ان تكون هذه الجلسةاحتفاء بعودة شيخ المؤرخين العلامة الدكتور حسين امين من جمهورية مصر العربية بعد ان امضى فيها عامين كاعارة تدريسه لكلية الادب في جامعة الاسكندرية كأستاذ لمادة التاريخ وضمت الجلسة نخبة طيبة من الباحثين والمهتمين بالثقافة والادب من الذين تربطهم ايضا علاقة وثيقة مشتركة بالصوفي وشيخ المؤرخين دارت في الجلسة مناقشات وافكار وطروحات عديدة تباينت فيها الااراء والافكار لكن ذلك وكما يقولون لم يفسد للود قضية بين من حضر ولعل ما اثار اهتمامي ولفت انتباهي فيها هو بعض ما ذكره الدكتور الفاضل واستاذنا الكبير حسين امين وهو يستعيد جانبا من ذكرياته الاثيرة  من احداث ومواقف مرت به وعاشها عندما كان يقدم برنامجه الأسبوعي الخالد الذكر (الندوة الثقافية) الذي كان يعده ويقدمه اواخر الخمسينيات ثم ليتعاون مع اثنين من زملائه واصدقائه القدامى وهما استاذه العلامة الدكتور مصطفى جواد والمؤرخ الاستاذ سالم الالوسي في تواصل تقديمه لسنوات طوال استضاف خلالها العديد من الشخصيات الفكرية والثقافية المعروفة من اعلام العراق ومفكريه امثال جعفر الخليلي وفؤاد عباس وطه باقر وجواد علي واخرين الى جانب استضافته لعدد اخر من الشخصيات الادبية العربية المعروفة من بينها الشاعر الكبير ميخائيل نعيمة.
 ولعل اللافت للانتباه ان من بين ما ذكره الدكتور امين في حديثه الشيق هذا ايضا انه قدم  المئات من حلقات هذا البرنامج الوثائقي المهم والتي هي كما يقول  بحدود(600) حلقة تناولت جوانب متعددة من إحداث تاريخ وحضارة العراق وبغداد ناهيك عن اللقاءات الفريدة والنادرة مع تلك الشخصيات البارزة من اعلام العراق والذين انتقل بعضهم الى بارئهم سبحانه وتعالى حيث حاول شيخ المؤرخين في السنوات الاخيرة الماضية أي قبل سقوط  النظام السابق بان يطلب من احد المسؤولين في التلفزيون بتحقيق رغبته بالحصول على شريط فديو يضم بعضا مما يحتفظ به  التلفزيون من حلقات مسجلة فيديويا من هذا البرنامج حيث منحه جل وقته واهتمامه عبر سنوات طويلة من حياته فكانت الطامة الكبرى بان يخبره هذا المسؤول بانه لا توجد اية حلقة مسجلة ومحفوظة من هذا البرنامج حيث كان ( العذر هو اسوأ من الفعل ) كما يقول المثل الدارج  بان السبب في ذلك هو ان هذه الاشرطة الفيديوية هي باهضة الثمن مما يضطرنا دائما والكلام هو للمسؤول التلفزيوني الى مسحها وتسجيل بدلها الاغاني والحفلات والبرامج الاخرى وهكذا ,  وللمقارنة مع ما حصل معه في عكس هذا الاتجاه في مكان وبلد اخر حيث يواصل حديثه بقوله – انه خلال سفرة جماعية الى لندن قام بها عام 1966 التقى خلالها بالاذاعي المعروف  خالد القشطيني الذي يعمل في اذاعة لندن حيث اجرى معه لقاءات اذاعية تحدث خلالها عن جوانب من تاريخ العراق وفي عام 1984 تصادف ان يلتقي القشطيني مرة  ثانية في لندن ليساله ان كانت وما تزال اذاعة لندن تحتفظ بتسجيلات هذه اللقاءات ففاجاه في اليوم التالي بجلبه نسخة مسجلة من تلك اللقاءات الصوتية التي مضى عليها عقدان من الزمن تقريبا ليقدمها هدية له ولكم تتصورا حجم ذلك الكم الهائل من الاشرطة السمعية والمرئية والوثائق لاحداث لا تعد ولا تحصى من ماضينا واتراثنا وحضارتنا قد اصابها الدمار وطواها النسيان بعد احداث عام 2003   وليباع المتبقى منها على قارعة الطريق في سوق الهرج ببغداد بفرعيه  (الميدان , والباب الشرقي) وبأبخس الاسعار ..!!.

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين