يوميات عيادة

09:09 - 2022-03-23
طالب المحسن

الداعي نيوز / مقالات 

في العيادة الكثير من الحوارات والمجاملات وفي هذه الاجواء تتسع طلبات غريبة للمراجعين.
اعطيته وصفة العلاج لكنه ظل جالسا ويبدو عليه مترددا في كلامه لكنه في الاخير تشجع ليقول : ارجوك اكتب علاجا لزوجتي المريضة.
اجبته : اين هي ؟.
قال: في البيت!.
قلت: وكيف اعرف مرضها دون ان اراها وافحصها.
قال: لقد جلبت جنسيتها معي،
مد يده الى جيبه المهدول بسبب انفراط ازرار ثوبه واخرج الجنسية ووضعها امامي.
حدقت في الصورة، امرأة كبيرة، هنالك ابتسامة يمكن ملاحظتها وهي تحاول فتح عينيها الصغيرتين الغائرتين، حاجبان لم يبق منهما سوى وشم اخضر، عصّابة سوداء تغطي كل جبينها.
قال: دكتور ، ظهرها يؤلمها.
قلت:  اذن نقلب الجنسية حتى نفحص ظهرها 
كان يراقبني باهتمام وقلق وانا امرر اصابعي على كلمات تتحدث عن لون العين والوجه  والشعر والدين ، ألوان كثيرة تتعثر بها اصابعي في جنسية مليئة بالاوجاع، نظرت اليه،
كانت أزرار من ثوبه مفقودة تضاف الى قائمة خسارات شتى. تطل من فتحة صدره كومة شيب كأنها عش مهجور.
قال: نحن زرع الله.
انت، ايها المعجون بالبساطة، لست زرع الله فحسب، انت نبات طبيعي لم تمسسه يد حانية فبقيت هكذا تحت رحمة قوانين الحياة المزرية، تحارب بصدر عار وقلب ابيض ولسان يجتر كلمات العون والرحمة والسماح ، كلمات كثيرة تختفي كل يوم وتتلاشى. 
ما عساني اقول لك، ماذا اقول لهذا الزمن الذي لم يتركنا ابرياء بل اخرجنا من بيوتنا البسيطة والدافئة  ليدفعنا بيديه نحو الجحيم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين