الداعي نيوز / مقالات

قصة قاتل متسلسل
تأثير السينما واضح تماما على الناس حين اطلقوا عبارة القاتل المتسلسل على خمسة جرائم حدثت في المدينة، هنالك تشابه وخيط يدل على ان القاتل نفسه في تلك الجرائم الخمسة اذ انه يترك قرب ضحيته آلة موسيقية وهي العود لذلك اطلقوا على ذلك القاتل المتسلسل اسم ابو طرب حتى يتميز عن ابي طبر الذي شاعت جرائمه في السبعينيات. تحركت الاجهزة الامنية بسرعة البرق نحو محلات الآلات الموسيقية لجرد اسماء المشترين والزبائن، اما الملحنين فتم اقتيادهم بلا رحمة واعتبارهم خلايا نائمة، توقف بث الاغاني التي يظهر فيها العود جليا بل راح بعض الشباب يسبغون روحا فكاهية على هذه الدراما حين نشروا صور فريد الاطرش بملابس سلفية، ونشرت الدولة سيطراتها بكل مكان ودست في السيطرة عناصرا تمتلك اذنا موسيقية تحدق بالركاب وتصغي السمع لعل وترا اهتز هنا او هناك، اختفى من شارع المتنبي اصحاب الشعر الطويل والقبعات من باب التقية.
المحللون النفسيون صاروا نجوما على شاشات التلفاز وهم يربطون اوتار العود بالحبال الصوتية وهي المنطقة التي يصب فيها القاتل المتسلسل جام غضبه، ظهرت مجاميع هواة ملثمة تضع خلفها آلتي عود بشكل متقاطع وكأنها سيوف تتوعد الناس بالويل والثبور .
ركب السياسيون الموجة وصاروا يعزفون على الوتر الحساس باطلاق الوعود والتعهد بمسك الجناة.
تجنبت المدينة اصوات الموسيقى تماما بل صارت تفز من البلابل والطيور، عاد الحراس الليليون الى الازقة لكن بدون صفارات.
مُنع السلام الجمهوري، توقفت منبهات السيارات، صار الكل يصغي الى الفراغ، حوادث متفرقة لشباب يحملون العود لكن بعد الجلد والتحقيق تبين أنها محاولات انتحار فاشلة. ارتدى الشعب احذية رياضية لمنع الاصوات، بل صار الصوت تلوثا كبيرا يهدد الامن وانتشرت ادوية تمنع الشخير حتى ان سيدة قتلت زوجها بسبب الشخير وقد كرمها الرئيس لموقفها الوطني.
أزيلت السماعات من المآذن، توقفت حفلات الاعراس حتى ان بعض المحللين أكدوا ان نهر دجلة صار بطيئا ومتناغما مع هدوء المدينة.
كل شيء هاديء في هذه المدينة والكل يترقب ويصغي الى القاتل الذي شاع عنه انه يعزف قطعة موسيقية عند رأس ضحيته ويترك العود ويغادر.