الشريك والخصم !!

19102 مشاهدة
09:13 - 2022-09-02
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز / تحقيقات وتقارير

عاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى الواجهة مجددا، بعد مخاض عسير ولد على اثره وضع سياسي مشلول ، بعد اكثر من تسعة اشهر من ماراثون مكوكي لتشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخابات العاشر من تشرين 2021 ،  التي أسفرت عن فوزه ب 73 مقعدا من اصل 329 مقعدا  في البرلمان العراقي، وشكل فوزه انتكاسة اخرى لخصومه من الأحزاب الشيعية المنضوية تحت "الإطار التنسيقي"، عاد هذه المرة بمحطة اخرى من محطاته المتعاقبة بين الحين والحين محطة هذه المرة تحدثت عن اصلاح جذري للنظام السياسي في العراق ، بعد فشله بتحقيق اغلبية سياسية او وطنية او لا نعرف ماالذي يقصده من الاغلبية ، عاد حاملا لواء عاشوراء هذه المرة ملوحا بثورة تشبه ثورة الحسين (عليه السلام ) واصفا نفسه بانه حفيد الامام الحسين ، في سابقة لم يعهده الشارع ان امتطى مثل هكذا صهوة من قبل ، ليحدثنا عن الفساد والاصلاح والتبعية مشددا بذات الوقت على اهمية ازالة السلطة ككل تشريعية ام تنفيذية،وكأنه كل هذه السنين والدورات الانتخابية لم يكن شريكا بكل هذا !

تغريدة الصدر في 2022/7/21 دعا فيها الى تغيير جذري للنظام السياسي

من هو مقتدى الصدر ؟
الصدر وهو أبرز الفائزين في الانتخابات المبكرة التي جرت في تشرين 2021  ،والتي دعا إليها رئيس الحكومة "مصطفى الكاظمي" تلبية لمطالب التظاهرات التي غص بها الشارع العراقي في تشرين الأول 2019، وأطاحت بحكومة "عادل عبد المهدي".

ولد مقتدى الصدر في العام 1974 بالكوفة بالقرب من مدينة النجف جنوب بغداد ،وينحدر من سلالة رجال دين شيعة، وورث شعبيته الكبيرة من والده محمد صادق الصدر، أبرز رجال الدين الشيعة المعارضين لنظام البعث الدكتاتوري والذي قتله صدام حسين مع اثنين من أبنائه في عام 1999، ويحظى مقتدى الصدر بملايين الأتباع ممن شكَلوا أكبر تيار شيعي في العراق ، وشهدت مسيرته السياسية المزيد من التقلبات ، فهو يؤيد الثورات ثم ينقلب عليها، ويدخل في تحالفات متناقضة، وبينما يروِّج لنفسه بوصفه صوت الشيعة المُستضعفين ضد فساد النخبة السياسية الحاكمة، لم يغب ممثلوه عن المناصب الوزارية الرفيعة منذ عام 2006، ولم يسلم تياره من عاهة المفسدين ،يدعو لنزع سلاح الميليشيات، وهو يمتلك فعليا واحدة من أكبر وأهم الفصائل الشيعية المسلحة في العراق هي "سرايا السلام"، و يطرح نفسه بوصفه رافضا  للوجود الإيراني، ويرسل أوامره إلى أنصاره من مدينة "قُم" الإيرانية ، ورغم أنه رجل دين بارز صعد سلم الزعامة الدينية، فإنه لم ينل حتى الآن صفة "مُجتهد" الواقعة في أسفل السُلَّم المؤدي إلى لقب "آية الله" وفقا لتقاليد المذهب الشيعي، لم يكن مفكرا او فيلسوفا لكنه ورث الولاء والطاعة من اتباع ابيه محمد محمد صاق الصدر ،تحوَّل الصدر من مطلوب للقضاء على خلفية اتهام أنصاره بقتل "عبد المجيد الخوئي" إلى زعيم طليق، ومن محاربٍ للغزو الأميركي ورافع للسلاح ومُهدِّد لمجلس الحكم العراقي الذي أسَّسته الولايات المتحدة عقب سقوط صدام إلى مشارك في العملية السياسية.


الصدر والمالكي في مؤتمر صحفي جمعهم عام 2006
تسريبات المالكي .. القشة التي كسرت ظهر البعير!
في توقيت لم يلفت الانظار تسربت خمسة تسجيلات صوتية يظهر فيها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي مهددا مقتدى الصدر وقادة آخرين ، والتي قام بنشرها الصحفي علي فاضل ورد عليها نوري المالكي بانها مفبركة هدفها النيل منه ومن الاطار التنسيقي ، فيما بين فريق "التقنية من أجل السلام"، أنه رغم "النفي المتكرر للمالكي لتلك التسجيلات وادعائه فبركتها عبر اقتباس مقاطع من صوته وتركيبها لتظهر بهذا الشكل، إلا أن الملاحظات التي توصلنا لها حول الفيديو تثبت عكس ذلك".
اعطت تسريبات المالكي الصوتية دفعا للصدر للمضي بعناده لاسيما انه وجد ما يتكئ عليه ضد خصومه من الاطار والمالكي تحديدا، وسحب التيار الصدري نوابه من البرلمان مقدمين استقالاتهم الى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الذي ظهر في مقطع فيديو مع رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري وهو يوقع استقالات 73 نائبا من التيار الصدري . ملقين الكرة في ملعب الاطار التنسيقي لتشكيل الحكومة الجديدة .

تسريبات المالكي القشة التي كسرت ظهر البعير!
في توقيت لم يلفت الانظار تسربت خمسة تسجيلات صوتية يظهر فيها نوري المالكي مهددا مقتدى الصدر وقادة آخرين

في خضم كل هذا وبعد مخاضات عسيرة وزيارات وبيانات وتأجيل قدَّم الاطار التنسيقي مرشحا لرئاسة الوزراء هو محمد شياع السوداني وهو من حزب الدعوة الذي ينتمي اليه نوري المالكي ، ولم يرق للصدر هذا الاختيار فخرج معترضا على ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة واقتحم أنصاره البرلمان مرتين خلال أسبوع واحد، وأعلنوا الاعتصام داخله، مطالبين بحله وإجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة طوارئ وطنية لحين إجراء الانتخابات، وهو ما يعني أن الصدرنقل المواجهة هذا المرة الى الشارع.

محمد شياع السوداني مرشح الاطار لرئاسة الوزراء

تحدى زعيم التيار الصدري ونوابه وأتباعه قوى الإطار التنسيقي وراهنوا على إفشال تشكيلهم الحكومة، ووصلت رسالتهم وفهمها الاطار التنسيقي وعرف بانهم سيلجأون إلى الشارع والتظاهرات والاعتصامات، وصولا إلى اجتياح مكاتب الحكومة والبرلمان في المنطقة الخضراء، كما فعلوا سابقا في فترة حكومة حيدر العبادي، والغرض المحدد هذه المرة هو إفشال حكومة الإطار التنسيقي التي استبعدتهم ، ليبقى التصعيد هو اللغة الوحيدة التي يسعى اليها التيار الصدري في مواجهة خصومه.
تاريخ مقتدى الصدر حافل بتناقضات زادت من اتساع  دائرة أعدائه و أتباعه على حد سواء، فخلال تظاهرات أواخر عام 2019، التي أدَّت إلى إسقاط حكومة عادل عبد المهدي، وجَّه الصدر أنصاره وأعلن تشكيل ما عرف باسم "القبعات الزرقاء" من الجناح العسكري للتيار الصدري لحماية ساحات الاعتصام، غير أنه سرعان ما انقلب على المتظاهرين ودعا إلى إنهاء الاحتجاجات.
وبينما تتفاقم الأزمة السياسية في العراق مع اندلاع احتجاجات بالعاصمة بغداد واقتحام أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مبنى البرلمان معلنين اعتصاما مفتوحا داخله، عجزت الطبقة السياسية عن إيجاد مخرج لما يحدث في البلاد، فيما يظل اسم الصدر متصدرا للمشهد السياسي في جميع الأزمات السياسية والأحداث التي شهدتها البلاد منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وحتى اليوم ، ولا احد يعرف ماالذي يريده الصدر بالتحديد ، حتى ان الصدر نفسه لايعرف ماذا يريد ، في وضع سياسي مشلول بالكامل منذ الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في تشرين 2021، بينما تدور مفاوضات ومناوشات لا تنتهي بين الأحزاب الكبرى التي فشلت في الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس جديد للحكومة يقنع الصدر .

انصار التيار الصدري في مبنى البرلمان 2022

شكلت ملفات مكافحة الفساد والاصلاح والتبعية مطالب الصدر في اكثر من خطاب وصلاة للجمعة في مدينة الصدر والمنطقة الخضراء بساحة الاحتفالات في بغداد،  لاعبا على انغام الوطنية،معولا على كثرة اتباعه مقدما نفسه على أنه معارض للنظام القائم ومكافح للفساد، على الرغم من أن كثيرا من المنتمين لتياره يتولون مناصب مهمة في الوزارات فضلا عن ان غيرهم ممن هم داخل التيار الصدري اصبحوا امراء اغتنوا على صيت قائدهم بالرشوة والابتزاز والفساد " سواء اكان يعلم ام من دون علمه" مستغلين مواقعهم في التيار الصدري.

متظاهروا الاطار التنسيقي يطالبون بتشكيل الحكومة فورا

وبينما يتجه  العراق نحو حافة الهاوية والمجهول ، والشعب يحبس أنفاسه على وقع  التوتر المتصاعد بين الكتلتين السياسيتين الشيعيتين الاطار والتيار ، ومع تزايد احتمالية المواجهة المباشرة بينهما ، وبعد الضغط الذي مارسه الإطار التنسيقي الشيعي، بشان دستورية حل البرلمان من عدمها والذي طالب به الصدر ، اعلن القضاء ان حل البرلمان يكمن في المادة 64 من الدستور العراقي والتي رد بها على مطلب الصدر، مؤكدا انه ليس من اختصاص القضاء حل البرلمان، مجددا بيانه السابق الذي تضمن تفصيلا للمادة 64 من الدستور العراقي والتي من خلالها يتم حل البرلمان ، وتتضمن المادة:
اولاً ـ يحل مجلس النواب، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلب من ثلث اعضائه، او طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.
ثانياً ـ يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية.

من الارشيف.. المحكمة الاتحادية تنظر في دعوى حل البرلمان

بعد أسبوع من اعتصام أنصار الصدر أمر مقتدى الصدر اتباعه بالخروج من القاعة والاعتصام فى باحة المجلس، فامتلأت الساحة بالخيام وتم احضار كميات من الطعام للمعتصمين، وتأمين المنطقة من قبل "سرايا السلام"، الفصيل المسلح التابع لمقتدى الصدر.
على الجهة المقابلة، دعا قادة الإطار التنسيقي الشيعي أنصاره للتظاهر للحفاظ على شرعية مؤسسات الدولة، في هذه اللحظة تأهب جميع العراقيين الى احتمالية نشوب مواجهة مسلحة مباشرة بين أنصار كلا الجانبين.
أعلن مقتدى الصدر حينها، أن التظاهرات في ساحة البرلمان العراقي، مستمرة حتى تغيير النظام السياسي العراقي بأكمله، معلناً "ثورته" الهادفة لـ  "الإصلاح" بحسب خطبائه في كل صلاة جمعة.
انبرى مايعرف ب"وزير القائد" بتغريدة دعا فيها الاطار التنسيقي الى مناظرة علنية مباشرة مع قوى الاطار ، فيما لم يرد الاطار عليه بالقبول او الرفض سوى تسريبات من هنا اوهناك عن قبوله مبدئيا لهذه المناظرة ، وعلى مايبدو ان حربا مستعرة "شخصية" لا اكثر بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وبين زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لاحت في الافق وتفاقمت تداعياتها بل ونقلاها هم الاثنان الى الشارع ، اما الاصلاح والحفاظ على دستورية الدولة اللذان ينادي بهما كلا الطرفين فلا وجود لهما اساسا في ظل سيل من التغريدات شبه اليومية بين مايعرف بـ "وزير القائد "الشخص الذي يعيش في الظل وبين الاطار.

جاء قرار الصدر المفاجئ في اعتزال العمل السياسي نهائيا، بسبب بيان للمرجع الشيعي العراقي المقيم في إيران، كاظم الحائري، الذي أعلن اعتزال المرجعية، وتوصية "مقلديه" باتباع مرجعية المرشد الإيراني علي خامنئي

وفي تطور خطير ،قرر مجلس القضاء الاعلى الثلاثاء23 اب 2022 ، تعليق اعماله والمحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية، احتجاجا على التصرفات غير الدستورية والمخالفة للقانون وتلقيه رسائل تهديد من الجهة السياسية التي دعت الى حل البرلمان ، محملا  الحكومة والجهة السياسية التي تقف خلف هذا الاعتصام مسؤولية هذا القرار، فيما بدأ اتباع مقتدى الصدر اعتصاما مفتوحا امام مجلس القضاء الاعلى للضغط عليه والحصول على قرار عنوة بحل البرلمان وهذا ما يعده القضاء مخالفا للدستور ، لتتخذ الازمة شكلا جديدا من التطورات الخطيرة .

وأثار إعلان زعيم التيار الصدري اعتزاله العمل السياسي نهائيا، تساؤلات عن توقيت ذلك، ولا سيما أن الأنظار تتجه نحو قرار المحكمة الاتحادية المرتقب بخصوص دعوى قدمها التيار الصدري لحل البرلمان بسبب انتهاك المدد الدستورية وكان الصدر  قد أعطى مهلة 72 ساعة بعد مبادرة أطلقها للقوى السياسية في العراق، دعا فيها إلى تشكيل حكومة جديدة لا تشارك فيها جميع الأحزاب التي شاركت في العملية السياسية منذ عام 2003، ومن ضمنهم "التيار".

متظاهروا التيار الصدري ينصبون الخيام امام مبنى مجلس القضاء الاعلى 

وجاء قرار الصدر المفاجئ في اعتزال العمل السياسي نهائيا، بسبب بيان للمرجع الشيعي العراقي المقيم في إيران، كاظم الحائري، الذي أعلن اعتزال المرجعية، وتوصية "مقلديه" باتباع مرجعية المرشد الإيراني علي خامنئي ، حيث قال الصدر في تغريدة ، إن اعتزال الحائري "لم يكن بمحض إرادته"، و"إنني لم أدع يوما العصمة أو الاجتهاد ولا حتى القيادة، إنما أنا آمر بالمعروف وناه عن المنكر، وما أردت إلا أن أقربهم (القوى السياسية الشيعية) إلى شعبهم وأن يشعروا بمعاناته" ملمحا إلى احتمال تعرضه للاغتيال، حيث صرح في ختام تغريدته على "تويتر" بالقول: "إن مت أو قتلت فأسلكم الفاتحة والدعاء"
وفسر السياسي العراقي، ليث شبّر، قرار الصدر الاعتزال السياسي، بالقول: "بلا شك كان لبيان الحائري الذي حدث في ظروف غير معروفة، أثر في قرار الصدر، لأن هناك أنباء بأنه في إقامة جبرية وأنه لم يكتب منه وإنما من ابنه، خاصة مع الحالة الصحية للحائري".

اشتباكات في المنطقة الخضراء بين التيار والقوات الامنية.. بعد تغريدة الصدر الاخيرة واعتزاله العمل السياسي

على إثر قرار الصدر اعتزال العمل السياسي، سيطر أنصار التيار على القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء، الأمر الذي أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الصدريين والقوات الأمنية بعد دخول سرايا السلام الجناح المسلح للتيار الصدري، وسقط خلالها عشرات القتلى والمصابين ، في وقت تعرضت المنطقة الخضراء لقصف بالصواريخ، وقال  مصدر طبي إنّ "عدد قتلى المواجهات داخل المنطقة الخضراء ارتفع إلى 30 قتيلا إضافة لـ 700 جريح بينهم 110 من أفراد الأمن" عقب يوم دام شهدته المنطقة في أعقاب تظاهرات لأنصار التيار الصدري مقتدى الصدر، بعد اقتحامهم القصر الجمهوري، ليعلن الصدر بعدها من خلال مؤتمر متلفز دعوته لأنصاره إلى الانسحاب من المنطقة الخضراء شديدة الحراسة في بغداد بعد أعمال عنف دامية هزت العاصمة العراقية ليلة الاثنين على الثلاثاء 29 -30 آب 2022، مما أثار مخاوف من تصاعد التوترات وقال الصدر للصحفيين من الحنانة في مدينة النجف :“أعتذر للشعب العراقي الوحيد المتضرر من الأحداث” كما أعطى لمؤيديه ساعة للمغادرة  وبعد دقائق شوهد البعض وهم يتخلون عن مواقعهم وقال الصدر إنه إذا لم ينسحب أنصاره خلال الساعة فسوف “ينأى” بنفسه عنهم، بعد ذلك بوقت قصير ، رفع الجيش حظر التجوال في جميع أنحاء البلاد منذ اندلاع أعمال العنف  ، مما أثار الآمال في احتمال توقف أعمال العنف الأكثر دموية منذ سنوات .

انصار الصدر داخل القصر الجمهوري

فماذا يريد الصدر اذن؟! .
جمع مقتدى الصدر المتناقضات ، فبينما هو  شريك في الحكومة والسلطة  يتظاهر ضدها، يجمّد سرايا السلام تارة ثم يعيدها، يتحالف مع القوى المدنية ويرحب بطرح التشرينيين ثم يتخلى عنهم ، يقرر فيتراجع ، يدخل فجأة ويخرج فجأة يتصرف بشكل حيّر اتباعه قبل خصومه مركب المزاج ، همه الاصلاح لكن اصلاحه شبه رمادي لا اسود ولا ابيض، ولا يمكن ان يبقى العراق رهن هذه الرمادية، فالعراقيون يحسبون اعمارهم بالدقائق وهي تضيع امام اعينهم ولا حلول سوى ارباك للمشهد السياسي وغايات قد نتجرأ ونقول ان كل ما فعله ويفعله الصدر هو مجرد عداء شخصي مع نوري المالكي دفع وسيدفع العراقيون كلهم ثمن هذا العداء دون طائل ، لقد كان مقتدى الصدر وطوال السنوات الماضية جزءاً من النظام التوافقي والمحاصصة فى الحكومة العراقية، لكنه وبمرور الوقت استطاع تقوية نفوذه داخل الدولة العراقية، وفجأة أراد أن يستولي على السلطة بمفرده، بينما الاطار التنسيقي يصارع كي لاينال الصدر مراده من ذلك ،ومن هنا بدأت المعركة .. معركة قد تودي بالعراق كله الى عوالم مجهولة ومصير يهلك البلاد والعباد، وحينها لا مسعف الا الله سبحانه،حينما يتخلى طرفا النزاع عن اتباعهم ويرحلون الى حصونهم التي بنوها طوال السنين الماضية باموال وثروات العراق وتذهب معها مطالبات الاصلاح والحفاظ على الشرعية والقضاء على الفساد الى مزبلة العقول التي ضحكت ومازالت تضحك على عقول العراقيين .

 

 

 

 

 

اختيار المحررين