المرحلة الانتقاليَّة

07:34 - 2025-01-14
حسين علي الحمداني


الداعي نيوز / مقالات

من خلال التجارب السابقة يتخوف العرب من (المرحلة الانتقالية) تلك المرحلة التي تأتي بعد سقوط نظام شمولي وبناء نظام جديد قائم على أسس الديمقراطية وخيارات الشعب، وأسباب التخوف من هذه المرحلة كثيرة، أبرزها بالتأكيد إن كل النظم الشمولية في المنطقة العربية تقضي فترة طويلة جدا في سدة الحكم، وتتيح هذه الفترة الزمنية الطويلة القضاء على أي حركة وحزب سياسي، وتؤسس لفكر الحزب الواحد والشخص الواحد، ما يجعل ثمة فراغ كبير في البلد بعد سقوط هذا النظام، وهذا ما حدث في بلدان عربية عديدة، سواء في العراق أو ليبيا أو مصر وتونس، وما يمكن أن يحدث في سوريا أو أي بلد عربي آخر. العامل الثاني إن عملية سقوط الأنظمة العربية صعبة على الشعوب وحركات المعارضة المتوزعة بين عدة دول وعادة ما يتم إسقاط هذه الأنظمة بدعم خارجي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يعني إن هؤلاء الداعمين لهم مصالحهم، التي يجب أن تتحقق في هذا البلد أو ذاك ويشعرون أنهم أصحاب الفضل في هذا التغيير. العامل الثالث يتمثل بعملية التنوع القومي والعرقي في أغلب بلدان الشرق، وهنالك الكثير من مكونات الشعب التي تبرز للساحة السياسية محاولة أخذ حقوقها في المشاركة في الحكم وجلسات الحوار تطول في هذا الشأن، مع اختلاف وجهات النظر بين هذه الأطراف، يصاحب ذلك ولادة وتأسيس أحزاب كثيرة ذات أهداف فئوية أو جهوية أو طائفية. العامل الرابع هو اقتصادي، حيث عادة ما يكون الوضع الاقتصادي مترديا جدا قبل تهاوي النظم الشمولية، التي تستولي على موارد البلد لحظة سقوطها وتتركه كما يقول المثل (على الحديدة)، ما يضع أية حكومة جديدة في مأزق كبير جدا في تلبية متطلبات الحياة اليومية من جهة وتأمين رواتب ملايين الناس من جهة أخرى، وهذا الأمر حصل في العراق وليبيا وتونس، وسيحصل في سوريا التي أشار محافظ البنك المركزي السوري إلى أن ما موجود فقط 200 مليون دولار، وهو لا يكفي لسد حاجة البلد من الرواتب وغيرها. مما يجعلها تتخذ الخطوة الأصعب والتي تتمثل بالقروض والديون الخارجية من جانب، ومن جانب آخر البحث عن موارد دعم من الدول التي تدعم هذه الأطراف المشاركة في المرحلة الانتقالية. العامل الآخر يتمثل بوجود ما يمكن تسميته بقايا أو فلول النظام السابق، وهم عادة كُثر بحكم فترة الحكم الطويلة، وهؤلاء منهم من يتصيد الأخطاء، ومنهم من يعرقل التحول الديمقراطي، وآخرون ينتظرون ما ستؤول إليه الأمور قبل أن يتخذوا القرار، وهم بالتالي يشكلون بطريقة أو بأخرى قوة مضادة تحاول تذكير الناس دائما بما يسمى (الزمن الجميل) وغيرها من المسميات التي يرددونها على مسامع الناس يوميا. وهنالك عوامل كثيرة أخرى تجعل من أية مرحلة انتقالية صعبة من جهة، وطويلة جدا أحيانا حتى تتمكن الحكومة الجديدة من أن تقوم بمهامها بالشكل الصحيح.

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين