الوردي ولحظات من الاستذكار المهيب

05:02 - 2023-05-08
علي ناصر الكناني

الداعي نيوز/ مقالات

على الرغم من مروراكثر من ربع قرن من الزمان على رحيله يوم فجعت الأوساط العلمية والثقافية العراقية بفقدانها واحدا من جهابذة العلم ورائدا من رواد الفكر والمعرفة في عصرنا الحديث هو العلامة الكبير الدكتور على الوردي الذي تميز بعمق طروحاته العلمية والتحليلية الثاقبة في علم الاجتماع والتاريخ الانساني القديم والمعاصر من خلال المناقشات التي كانت غالبا ما تدور في المجالس الادبية والثقافية التي كان يحضرها ويشارك فيها أو من خلال المحاضرات التي كان يحرص على القائها في المنتديات الثقافية والأدبية، ومن تلك المجالس على سبيل المثال لا الحصر مجلس الخاقاني ومجلس آل محي الدين ومجلس الغبان ومجلس خالد العزي ومجلس الجواهرية ومنتدى بغداد الثقافي التابع الأمانة بغداد في مقره القديم في مدينة الكاظمية وفي المتحف البغدادي في جانب الرصافة فيما بعد وغيرها ولا يكفي هنا أن نقول بحكم معرفتنا الشخصية المتواصلة بأستاذنا الراحل الوردي التي امتدت لسنوات انه كان علما بارزا بین الشخصيات الفكرية والعلمية المعروفة التي عاصرته إلى جانب تميزه بالبساطة والتواضع الجم في علاقاته الاجتماعية والانسانية مع معارفه وتلامذته ومحبيه وقد لا أبالغ إن قلت انني لم اسمعه أو أراه يوما وهو يطالب شخصاً أو جهة رسمية او غير رسمية بتحقيق مطلب شخصي أو ذاتي له، بل على العكس فغالباً ما كان يرفض ذلك التوجه وحين سألته مرة عن سبب رفضه لما يعرض عليه قال: (أنني لا اريد ان يكون في ذمتي شيء (الأحد)) فقلت له ممازحا إذن ليكون في ذمتي شيء منك)) فقال: ((سأهديك نسخة من كتابي لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الجزء السادس)) .. الذي مازلت احتفظ به لحد الآن وهو موشى بكلمات اهدائه وتوقيعه، ومازلت اتذكر ذلك اليوم الرائع من أيام شهر أيار عام ۱۹۹۱ الذي تشرفت فيه باستقباله مع تلك النخبة الطبية من الاعلام والشخصيات الاعلامية والأدبية عند حضورهم إلى بيتنا المتواضع بمناسبة ذكرى اربعينية رحيل والدي (رحمه الله) ومنهم العلامة الدكتور حسين علي محفوظ والشيخ جلال الحنفي والدكتور خالد العزي والدكتور عزالدين ابو التمن والدكتور زهير محي الدين والاذاعي المعروف محمد علي كريم وعدد من زملاء مهنة الصحافة الأخوة عادل العرداوي واحمد عبد المجيد وسلام الشماع ومحمد الخاقاني وآخرين استميحهم العذر إن نسيت أحداً منهم.. ما ذكرته في هذا المقام المتواضع في كلماته وسطوره بحق هذا العالم الجليل (الوردي)  ما هو الابعض من وفاء وعرفان لرجل منح نفسه وروحه للعلم والمعرفة خدمة لناسه وأهله وبلده فكان بحق قمة سامقة لا تدانى في رحاب الفكر والإبداع الثقافي في العراق.. حري بنا جميعا ان تحتفي به بما يليق والمكانة التي يتميز بها وان لا ندع يوما مناسبة تذكرنا بمبدعينا تمر مر السحاب وإن لا نفوت فرصة تكريم من بقي منهم على قيد الحياة قبل فوات الأوان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين