صباحكم غيث وطن مفقود

07:45 - 2022-12-15
حسن حنظل النصار

الداعي نيوز / مقالات 

السماء ملبدة بالغيوم السوداء الداكنة..الشمس تقف خلف المزن كفتاة خجول..المطر سيد الموقف.. يهطل بغزارة دون توقف .. كدموع سكان المخيم..الواقع على أقصى الحدود..الريح تشتد تكاد تقتلع الخيام..اختلط الطين بالوجع والعرق والدم ،في لوحة بائسة تعجز عنها حتى فرشاة بيكاسو...غربة وانتظار وموت بطيئ.. عقارب الساعة تستمر في الدوران دون توقف..تتوالى الفصول..كل يحمل صورا وقصصا وحكايات عن سكان المخيم..تغادر الفصول،ولكن لتعود من جديد..تذكرهم بالقهر والموت والوجع وباحلامهم المؤجلة..البرد ينخر العظام..الاجساد الضعيفة تقاوم..يتجاوز الخرق البالية..يخترقها دون عناء..العيون ترقب القدر على النار..صبرها يكاد ان ينفذ..المطر يهطل بغزارة..غرق المخيم في مياه المطر مثلما يغرق كل يوم في أحزانه.. المأساة تغطي على كل شيئ ، حتى العيون والاجساد ، بل حتى العقول..صار التفكير فيما يحدث ضرب من الجنون..فما باليد حيلة..الماء يندفع بقوة حول الخيام..
الريح في صراع مستمر مع أوتاد الخيام..تلك التي دقت في قلوبهم المتعبة قبل أن تدق في طين الأرض.. الخيام مملؤة بالأجساد التي انهكتها الغربة في مخيمات اللجوء  كما ارهقها البرد والجوع والمرض..الريح تكاد تقتلع الخيام التي آثرت الصمود..وكأنها تعرف العاقبة التي ستحل بتلك الأجساد لو انها استسلمت للريح..وكأن للخيام قلوبا لا يملكها كثير من البشر..
إلى تلك الأرواح البائسة والاجساد المنهكة.. إلى أولئك الذين قتلت احلامهم الحروب..سقط منها حرف الحاء..فلم يبقى لهم سوى الآ .. لآم ... إلى تلك الأرواح التي لم تجد على أرض الوطن وتحت سمائه سوى خيمة ورائحة الدم والبارود..إلى سكان المخيمات...
صباحكم وطن مفقود

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين