الداعي نيوز / مقالات 

بات من الضروري جدا أن تكون للقوى السياسية العراقية رؤية سياسية جديدة بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة الخضراء في بغداد من صدامات كادت أن تتطور لأوسع من ذلك لولا الحكمة التي تمكنت من السيطرة وإنهاء الأمر بالصورة التي حصلت وهذا بحد ذاته يجعلنا ندرك جيدا إن صمامات الأمان لازالت موجودة وفعالة ولها دورها الإيجابي .
ومع هذا نجد إن الحالة ممكن أن تتكرر لاحقا لأسباب عديدة أبرزها بالتأكيد هو وجود الأسباب التي تؤدي دائما لأزمات سياسية واحتقان الشارع العراقي الذي علينا أن نعترف إنه شارع أحزاب تمتلك السلاح ويضاهي ما تمتلكه القوات المسلحة وبالتالي نجد إن المطلوب في المرحلة الحالية ليس تشكيل حكومة وتقاسم السلطة بين القوى الفائزة  كما اعتدنا سابقا بل تشكيل حكومة من خارج الأحزاب الموجودة تكون مدتها محدودة ، وأن يتولى البرلمان تشريع قوانين جديدة وتعديلات دستورية من شأنها أن تطور العملية السياسية في البلد تؤدي إلى عملية إصلاح كبيرة جدا تبدأ من الدستور وتشريع القوانين مرورا بحصر السلاح بيد الدولة  وصولا إلى كسب ثقة الشارع العراقي تلك الثقة المعدومة أو هي بالأساس لم تكن موجودة بين الشارع والقوى السياسية التي لم تكن محل ثقة الشعب وبالتالي عليها الآن أن تقترب أكثر كي تحظى بالحد الأدنى من القبول.وهي عملية ليست سهلة كما يظن البعض خاصة وإن الشعب العراقي من الصعب نيل رضاه .
وهذا يعني إن تنتهي لعبة تأجيل الحلول أو ترحليها وعلينا أن نجد الحلول الجذرية القادرة على أن تنهي حفلات الأزمات في العراق بشكل كبير جدا، وهذا يعني أن تكون هنالك إرادة سياسية قوية وشجاعة تعالج مواطن الخلل المؤشرة في الدستور العراقي خاصة ما يتعلق منها بتشكيل الحكومة وآلياتها من جهة ،ومن جهة ثانية عملية بناء الدولة نفسها، هذا البناء الذي لم يبدأ بسبب عمليات الهدم للدولة على حساب بناء دويلات الأحزاب التي أنهشت ليس الاقتصاد العراقي فقط بل أفقدت الدولة الاتحادية أبسط واجباتها في فرض القانون في كافة المجالات.
لذا المرحلة الحالية هي مرحلة مهمة جدا على الجميع استثمارها لتجاوز أخطاء الماضي والسعي لتأسيس نظام سياسي جديد مقبول شعبيا قادرا على السير بالعراق نحو الأفضل،وهذا بحد ذاته ليس مهمة أحزاب السلطة لوحدها بقدر ما إنه مهمة الكثير من الفعاليات الاجتماعية والمفكرين وأصحاب الرأي. لأن عملية التأسيس لنظام سياسي جديد تتطلب إشراك الجميع في هذا الملف وعدم اقتصار الأمر على القوى السياسية الموجودة في البرلمان لكونها ستنظر لمصالحها الخاصة أكثر من نظرها لمصلحة الشعب العراقي الذي هو مصدر كل السلطات كما نص الدستور على ذلك.