الداعي نيوز /مقالات

ليست الديمقراطية مجرد تصويت، بل هي وعي لمسؤولية أخلاقية تجاه الذات وتجاه المجتمع، وبغياب ذلك الوعي يصبح الناخب عنصر إيذاء للمجتمع بدل أن يكون عامل إصلاح، فلا قيمة للحرية ان لم تمارس بوعي، وفي لحظة وقوف المواطن الناخب في غرفة الاقتراع قد يرتكب الجريمة الأكبر ضد وطنه وأبناء مجتمعه حين ينتخب المرشح الفاسد لمجرد انه من أبناء طائفته أو قوميته، وحينذاك تصبح ورقة الاقتراع جواز مرور يمنحه المواطن للمرشح غير الكفوء لتستمر ممارسات الفساد ونهب المال العام في الإدارة والرقابة وتقوض فرص الإصلاح والتنمية.
ورغم ما تحمله غرفة الاقتراع من رمزية ديمقراطية فإنها قد تتحول الى غرفة للمساهمة الجرمية من قبل الناخبين في كافة جرائم الفساد التي سترتكب خلال أربع سنوات بتصويتهم لمرشح ليس أهلا للمسؤولية، ورغم صغر مساحة غرفة الاقتراع إلا أنها تمثل صورة معبرة لوعي الأمة وضميرها، والسرية التي تمنحها غرفة الاقتراع هي ضمانة لحرية الناخب في الاختيار ويجب ان تبقى كذلك وان لا تتحول الى عامل إغراء باللامسؤولية الأخلاقية وارتكاب الخيانة الانتخابية غير المرئية باستغلال سرية التصويت.
من هنا تظهر أهمية عملية الانتخاب في كونها فعلا تصحيحيا وليس مجرد فعل تكراري يمارس كل اربع سنوات، كذلك هو فعل إصلاحي لا يقل أهمية عن سياسات الإصلاح التي يمكن تحقيقها بتشريع القوانين وعن طريق خطط الإدارة والتنمية فاختيار المرشحين الأصلح والمعروفين بالنزاهة هو دقة في جرس التغيير والعلاقة بين الانتخاب الواعي والإصلاح المؤسسي هي علاقة السبب بالنتيجة والجذر بالثمرة والشرارة بالشعلة وكل ذلك ضروري للمحافظة على جوهر النظام الديمقراطي وعدم تسطيحه وإفراغه من محتواه الإصلاحي وعدم تحويله الى غطاء لممارسات ادارية ومالية غير نزيهة.