أبرياء وفاسدون

02:04 - 2025-02-19
حمزة مصطفى

الداعي نيوز / مقالات

لم نتوصل الى حل بشأن من هو الإرهابي؟ ومن هو البرئ؟ قد يبدو السؤال ليس منطقيا أن نبحر في البديهيات. فالإرهابي هو من يعتنق عقيدة لاتؤمن بالآخر. تكفر الآخر. تقتل الآخر طبقا للأيديولوجيا مرة وعلى الهوية مرة وعلى عقد الماضي في كل المرات. أما البرئ فهو الذي لايقتل ولا يسرق ولا يكفر ولا يعتنق عقائد متطرفة. بمعنى إنه ذلك الذي "كافيه خيره شره". ومادمنا في مجال الإشتباك في التعريفات ينهض سؤال آخر غالبا صفح وهو من هو الفاسد؟ هنا نصبح أمام إشكالية مفاهيمية, أخلاقية, قيمية. هل الفاسد يمكن أن يكون في الوقت نفسه إرهابي؟ وهل البرئ يمكن أن يكون فاسدا طالما إنه خرج براءة من كونه إرهابيا؟ وفي حال أردنا أن نعفو عن أحد. هل نعفو عن الفاسد أو الإرهابي أو المذنب أو المرتكب جريمة من باب الخطأ أو حتى من باب "سبق الإصرار والترصد" أم نبقيهم في السجون أو ربما ننفذ في بعضهم احكاما قد تصل الى الإعدام "ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب" أو لا؟. هل نحتاج أن نعفو عن برئ؟هل هذا معقول وضمن أي منطق؟ 
المنطق يقول كيف يوجد أبرياء في السجون حتى نعفو عنهم. العفو يفترض كما قلنا لمن إرتكب جرما وهو بحاجة الى إعادة إصلاح ضمن ضوابط أهمها التنازل عن الحق الخاص لكي يبقى الحق العام محكوما بالضوابط القانونية بينما الحق الخاص تحكمه الضوابط الأخلاقية والقيمية وأحيانا العشائرية. هذا الخلط بين البرئ والفاسد والإرهابي كان ولايزال جزءا من الجدل الدائر حول تشريع قانون العفو العام الذي أقره البرلمان مؤخرا. في الواقع وبصرف النظر عن أحقية من يخشى من النتائج التي قد تترتب على العفو في حال تم شمول المجرمين والفاسدين فإن هناك من يدافع عن إخراج الأبرياء من السجون. هذا السجال تحول في الحقيقة من سجال قانوني, مفاهيمي, قيمي, أخلاقي الى سجال سياسي. فالعفو يشترط "جريمة" حكم بموجبها إنسان قد يكون بريئا لاسباب مختلفة وهو مايحتاج الى التحقيق في الأمر لكن أن تختلط المفاهيم بين الإرهابي والفاسد والبرئ نصبح في الواقع أمام معادلة غير متوازنة من كل وجوهها نحتاج في ضوئها الى إعادة صياغة المفاهيم من جديد .. قبل القوانين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين