القوانين بين الرفض والقبول

06:45 - 2022-11-22
حسين علي الحمداني

الداعي نيوز / مقالات 

من خلال متابعاتنا للمشهد السياسي في العراق نجد إن البرلمان العراقي للدورة الثالثة على التوالي يطرح مشروع قانون الخدمة الإلزامية في جلساته وسط اعتراض الشارع العراقي ومنصات التواصل الاجتماعي وهذا يقودنا للقول لماذا الإصرار على هذا القانون؟ ولماذا الاعتراض عليه؟
الإصرار على تقديم مشروع قانون الخدمة الإلزامية لأكثر من مرة مع وجود رفض له يؤكد إن هنالك من النواب والقوى السياسية الداعمة لهذا القانون ممن لا يمتلكون رؤية وقراءة للشارع العراقي الذي لا يمكن له في الوقت الحاضر أن يتقبل مشاريع قوانين غير مجدية من جانب ،ومن جانب آخر غياب الثقة بين المواطن والسلطتين التشريعية والتنفيذية وبالتالي ينظر بعين الشك من قبل المواطن لكل ما يصدر من السلطتين.
لهذا الاعتراض عليه من قبل البعض يأتي من باب( أنا أعترض) فيما يجد البعض الآخر إنه باب من أبواب الفساد الكبيرة جدا تبدأ من باب التجنيد ولا تنتهي عند التسريح، وهو ما يرهق الموازنة العراقية من جانب ويعزز الفساد من جانب آخر، فيما يجد البعض الآخر إن هذا القانون بحد ذاته يحتاج أولا لأن نرسخ مفهوم المواطنة  التي لن تترسخ إلا من خلال عملية بناء دولة المؤسسات.
وأميل للرأي الأخير القائم على إن توقيت تشريع هذا القانون غير مناسب لأسباب عديدة في مقدمتها إننا نمتلك أكثر من مليون مقاتل في القوات المسلحة ووزارة الداخلية والصنوف الساندة لها وهو رقم كبير بالقياس لبلدنا،مع ألأخذ بنظر الاعتبار إن هذه القوات تحتاج لتسليح متطور كي تؤدي واجباتها وبالتالي فإن ميزانية الدولة العراقية ليست بحاجة لأعباء مالية إضافية لرواتب مجندين جدد.مضافا لذلك إننا لا نمتلك معسكرات لتدريبهم كما لا نمتلك فلسفة وعقيدة عسكرية نؤهل بموجبها هؤلاء لأن يكونوا احتياطا مستقبليا وقوة رديفة داعمة للقوات المسلحة العراقية.ناهيك عن إن دول العالم تتجه للجيوش المحترفة القائمة على( نظام التطوع).
فيما نجد هنالك من يؤيد التجنيد الإجباري معللا ذلك بترسيخ حب الوطن والقضاء على البطالة، ونحن نقول هنا إن حب الوطن والدفاع عنه لا يمكن لأحد إن يختبر شعبنا فيه والجميع يعرف كيف هب الشعب العراقي في  حزيران 2014 دفاعا عن أرض العراق بتطوع ذاتي ساهم فيه كل أبناء العراق وبالتالي فإن الشعب العراقي محب لوطنه مدافعا عنه.
أما مسألة صناعة فرص عمل فهذا يمكن تحقيقيه بتوفير 100 الف فرصة عمل كل سنة وبرواتب أقل بكثير من رواتب الخدمة الإلزامية خاصة وإن نسبة عالية من الشباب الآن لا يملكون سوى شهادة الدراسة الابتدائية أو المتوسطة ومجالات توفير فرص العمل لهم تكون أكثر جدية في المدارس والبلديات ودوائر الصحة المنتشرة في كل المدن العراقية وهو ما يخدم الإستقرار لهؤلاء ويساعدهم في حياتهم . 
من هنا نجد إن عملية رفض أو قبول القوانين من الشارع العراقي مرهونة بمدى ثقته بالسلطتين التنفيذية والتشريعية وهذه المرحلة لم نصلها بعد وتحتاج لخطوات كبيرة جدا.

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين