منارات ربانية

الدنيا غابة إياك ان تضل فيها!

570 مشاهدة
10:48 - 2022-12-23
إضاءات ربانية

الداعي نيوز/ اضاءات ربانية

هناك الكثير من الامور التي تُمارس على نطاق واسع وفي العديد من المجتمعات وهي غريبة وتثير التعجب والاستغراب لدى العاقل الذي لا يجد اجوبة منطقية لكثير من التساؤلات التي تُطرح حولها ، فمثلاً لو تساءلنا عن الاحتفالات التي تقام في رأس كل سنة وما يرافقها من صخب واضح لدى الناس وفرحة تعلو وجوه المحتفلين وتبادلهم التهاني وغيرها من الامور وقلنا لماذا هذا كله ؟ إنها فقط سنة انقضت ، هل تحقق فيها مثلا انجاز على الصعيد الشخصي ليفرح المحتفل كل هذه الفرحة !؟ هل تحقق انجاز على مستوى الدولة فيشارك ابناءها او على مستوى العالم !؟  حتما لا، إذاً لماذا يحتفل الناس بمجرد مرور السنوات والايام ! إن الايام ماهي الا ادوات لحفر قبرك يوما بعد يوم تتقرب من النهاية، فهل حقا انت سعيد كي نراك في عيد ميلادك تحتفل وتفرح وتطالب الناس بتهنئتك ثم إن بعض الناس يقطعون علاقاتهم بمن ينسون تهنئتهم وفي لحظات تنتهي العلاقات. لقد ولدنا إلى هذه الحياة في يوم مشهود فرح فيه من فرح من الاهل والاقارب لكن الحزين الحقيقي في ذلك اليوم هو المولود نفسه فقد خرج من عالم الرحم من عالم لا تنطبق صفاته إلا على الجنة (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ) (وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ) وبدأت مع خروجه رحلة المعاناة في عالم صفاته لا تنطبق الا على الجحيم. هل هي نظرة تشاؤمية منا او خيالية؟ لا، إننا لا نصف إلا الحقيقة… تعالوا لنعطيكم عيوبنا تنظروا بها بعقولكم إلى صفات الدنيا هذه ومن تخفى عليه ! فقط تعمقوا في نفوسكم وانظروا الآن هل انتم سعداء بما بين يديكم وبما تملكون؟ هل انتم في راحة ورضا وسعادة دائمة لا تزول فتكونوا بذلك مطمئنين؟ 

هل من عودة؟  إن الله بمظهر معناه يبقى ينادي ألا من تائب فأتوب عليه ألا من  مستضعف فآمن عليه فإني قريب

لقد كانت اول صفة ظهرت من اول مخلوق أنه قال ( انا خير منه) ومن هناك توالياً ونماء ظهرت الكثير من الصفات السلبية فعّم الفساد و الخراب. من منا لا يعلم بقصة تاريخية شهيرة حدثت وقائعها بين مخلوقات اختفت عن الناس الان.. قصة بدأ معها التكوين الدنياوي إنها وقبل ان تكون قصة آدم فقد كانت قصة ابليس بصفات اخرجته من الجنة فتوعد آدم وذريته باخراجهم كما خرج هو فيكون لهم قائدا يسيرهم على خطاه ويورثهم ماعنده من حياة و عقل و صفات ولقد نجح . اخرج آدم من قبل وأخرجنا من بعده واحدا بعد الآخر من جنة الرحم الى دار الانظار التي لم يخلقها الله الا لينظر من ضل عنه لعله يتوب ويرجع وبطلب منه (قال رب انظرني الى يوم يبعثون) خرجنا الى دار اللعن و الابعاد إلى دار خلقت بطلب من ابليس اولاً فأصبحنا بين يديه يفعل بنا ما يشاء ويورثنا صفاته حتى اصبح الانسان الدنياوي خليفة للشيطان على الارض حينما استكمل امتلاكه لصفات الشيطان و عقله وبالتالي حياته ! (انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) لماذا قال هكذا قول ؟ إنه قول يدل على ضعف واضح وشعور بالاستصغار والرغبة في العلو والتكبر.

ان النقص الذي شعر به ابليس هو الذي دفعه إلى محاولة بائسة لسد ذلك النقص ، نقص في مكانته ومنزلته فحاول بجهله ان يظهر تميزه عن ادم وافضليتهُ فقارن فيما بينه وبين آدم فاظهر من نفسه صفة ليست في آدم واغتر بها واحتقر صفة آدم وهي انه مخلوق من الطين وهذا بالضبط ما اخرجه من جنة معنى الله جنة التوحيد حيث لا  تمايز ولا اختلاف بل توحد و انسجام وتماسك ولننظر الان إلى المنكر هذا الذي اخرج أول خلق من الجنة الالهية الى جحيم الدنيا كيف انه اصبح طبيعيا جداً في الناس المنظرين وإن أفضل الناس اخلاقاً واعطفهم قلباً وأكثرهم تعاوناً لا يشذ عن هذه الصفة ، فانظر كيف يسير الناس في الدنيا ويسعون فيها ليمتلكوا الشهادات والمناصب والاموال وغيرها وليقولوا ( أنا خير منه ) ولو في قرارة نفوسهم . ينظر الناس إلى انفسهم من خلال ما يملكون وما لا يملكه غيرهم وبالتالي إلى نظرة الناس إليهم ومكانتهم عندهم في تشكيل هرمي حيث يهان الادنى ويستكبر الاعلى (وما هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين) إن كل هذا لم يخلف في النفس الا عذاب السعي لامتلاك اشياء لم يخلق لها وانما فقط ليستطيل ويستكبر ويحصل على مكانة ضمن شجرة شائكة خبيثة هي شجرة الدنيا (مالها من قرار) ولم يكتسب الاخر الا ذلة الصيرورة ضمن هذه الشجرة التي تكاثرت حتى اصبحت غاية سكانها افتراس بعضها بعضاً ، فتوغلوا بعيداً وابتعدوا كثيراً حتى اصبح من الطبيعي الكذب والخداع و الخيانة والقتل والظلم والفساد والسرقة وغيرها الكثير من الصفات التي لا تظهر الا خوف وضعف وعذاب صاحبها الذي سكن هذه الدار المقفرة بعيدا عن معنى الله . 
هل من عودة؟  إن الله بمظهر معناه يبقى ينادي ألا من تائب فأتوب عليه ألا من  مستضعف فآمن عليه فإني قريب.

اختيار المحررين