فرحون وشامتون

12:10 - 2024-01-08
حمزة مصطفى


الداعي نيوز / مقالات 


كل شيء لدينا يتحول الى أزمة تحتاج الى تدخل  داخلي أو إقليمي أو دولي واحيانا كونيا عابرا حتى للنجوم والأفلاك. لا فرق لدينا في التعامل مع الأزمة وتداعياتها إن كانت حالة  دهس لرجل مرور من قبل شخص يعتقد أن الدستور والقانون, وقانون إدارة الدولة زمن بريمر والأخضر الإبراهيمي واوامر  سلطة الإئتلاف  لاتنطبق عليه. أو إقالة رئيس أعلى سلطة تشريعية في البلاد من قبل اعلى سلطة قضائية في البلاد . الشرطي المدهوس الذي حاول الدفاع عن سلطة القانون بيده لا بأضعف الإيمان (تنظيم غرامة مرورية بـ 25 الف دينار) إنتصف له في اليوم الثاني وزير الداخلية.. لماذا؟ لأن الوزير متابع ومواظب وصاحب قرار ويريد الإعلاء من شأن منتسبي وزارته ضد من يحاول إنتهاك القانون جهارا نهارا لقناعته أن ليس هناك رادع ولا مردوع. سرعان ماجاء الردع عندما شاهدنا الشرطي المدهوس يكرم ويأخذ إجازة علاج طويلة, بينما كان الداهس يرتدي بدلة السجن الصفراء.  
ومادمنا في باب التدخل الداخلي والإقليمي والدولي وربما الكوني لنمط أزماتنا  فإن ماحصل لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي أمر وإن كان خارج المتوقع لكنه سرعان ماترتب عليه فرز سريع بين من بدا فرحا ومن بدا شامتا .. لماذا؟ لأن بناء العملية السياسية في العراق بقدر مايحتمل مطبات ليست متوقعة فإن فيه مجالا واسعا لكل أنواع الفرح والزغردة مقابل كل أنواع اللطم والعويل. في كل بلاد الدنيا تحصل مثل هذه الأمور بقدر أو بآخر. ولعلنا نحن العراقيين اكثر الشعوب تمسكا بالمثل القائل "لو دامت لغيرك ماوصلت اليك". جميعنا نردد هذه المقولة وكإنها حرز نحمله في جيوبنا خشية حاسد إذا حسد والنفاثات في العقد. صاحب محل المخضر أو القصاب أو شواي السمك والدجاج  يؤمن بهذا المثل لكن حين تأتي البلدية لكي تهدم محله كونه تجاوز يعقد سلسلة مؤتمرات صحفية مستخدما جولات المراسلين المكوكية في الشوارع عارضا شكواه لكل الدنيا بمن في ذلك محكمة العدل الدولية. الأمر ذاته ينطبق حتى على المجادي الذين يفترشون أمكنة يعتقدون إنها باتت ملكا صرفا لهم وحين يزاحمهم مجدي طارئ يشنون عليه حربا ضروسا من منطلق أن هذا المكان لهم لا لسواهم, مع إنه لودامت لشحاذ لما وصلت الى مجدي. 
في العراق فقط يحتاج تطبيق القانون الى فزعة. والفزعة هنا أنواع وأشكال و"أرناك" حسب الحالة والموقع والوظيفة والمكانة. فالفزعة ممكن أن تكون بلوغرية مدوناتية فاشنستاتية, وقد تكون جيوشا الكترونية او متاكرنة. وقد تكون فزعة إعلامية مرتبة قوامها تغريدات ومقالات وبرامج حوارية ونقاشات داخل كروبات وبخاصة كروبات النخبة. لكن الفزعة لا تقف عند هذا الحد, فقد تكون فزعة عشائرية قوامها الهوسة الخالدة "يلاكونا لو بيهم زود". وقد تتصاعد حماوة الفزعة حتى تبلغ حد التدخل الإقليمي والدولي. وبين الشامتين بسقوط هذا والفرحين بصعود ذاك يبقى دولاب الأزمة يراوح مكانه. فمن يرتفع اليوم يسقط غدا تطبيقا لبيت شعر ماثور "ماطار طير وإرتفع .. الإ كما طار وقع", أو من يسقط اليوم تطبيقا لنظرية الطيران والإرتفاع قد يعود غدا محمولا على الإكتاف, أكتاف الجماهير. الجماهير حاملة ذات الأكتاف التي قال فيها غوستاف لوبون مالم يقله مالك وسابع جد من آباء مالك في الخمرة لاهم لها سوى حمل هذا وإنزال ذاك طبقا لنظرية الناعور الذي جعله .. "الوكت يترس ويبدي".

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين