الانسان ودواعي نشوء الافكار
10:18 - 2023-10-15
صلاح السعدي
الداعي نيوز / مقالات
كل عاقل يرى ان للإنسان بوجوده وطبيعته التكوينية مشكلة أزلية وهي الموت عليه ان يفهم ضرورتها بالعلم بما وراءها بان يتخذ إلى ذلك سبيلا وقد كانت مواجهته الفطرية هذه مدعاة نشوء الأفكار التي تباينت بين العلم المادي والماورائي أو الميتافيزيقي كما يسمى وتدرجت بين الاتجاهين وأصبحت بتعددها مجالا لخلق مشاكل جديدة ازدادت مع الوقت حتى أصبحت كثيرة وكبيرة أنست معظم الناس مشكلتهم الأولى والوحيدة للعاقل المحافظ على فطرته بحبه للخير الوجداني فيه والباقي ببقائه على مشكلته الأزلية المتعظ منها حالا بلا واعظ خارجي وكما قال أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام لرجل سأله ان يعظه فأجابه (كفى بالموت واعظا) لينمو فيه هذا الخير كصفات يعمل بها على أصلها ليصبح جذرا يصل به إلى الباطن ليلتقي بحقيقة ربه فيربيه وينميه بعلم حاضر يملك به خير الدنيا والآخرة ويحمل به سر حل تلك المشكلة العظيمة التي هي أمام كل إنسان وان نساها أو تناساها , وهذا هو العالم الحقيقي وصاحب الحل الفعلي الذي وصفه الحق تعالى بالنبي أو الولي والذي لا تخلو الأرض منه , إلا انه غاب عن بصيرة الواهمين المنشغلين بأنفسهم وشهواتهم بإتباعهم للعلم من غير عالم حقيقي فانتظروا الفرج من غير محله حتى أنهم فسروه بغير حقيقته فأصبح الفرج هو التخلص من مشاكل مستحدثة لم يعودوا إلى عقولهم بها ليعرفوا مصدر نشوئها وموضعهم منه , ولذلك أصبح لزاما على من تخلص من مشاكل الوهم واتعظ بالمشكلة الأم بمن ذكره بها وبين له سبيل الخلاص منها ان يذكر الناس متأسيا بربه وخالقه تعالى بصفة العمل من مقام أدنى لينال أسباب بلوغ المقام الأعلى الذي هو للعالم , والعالِم الله سبحانه ومن وهبه من علمه وأعطاه من فضله فمثله أفضل تمثيل فأصبح بحق فاضلا منه بقية له . وهذا التذكير يبدأ ببيان حقيقة المشاكل التي يمر بها الناس أجمعين وهي متدرجة من مشاكل حياتية بسيطة إلى مشاكل عقائدية معقدة أصبحت بحق مصدر خطر على الإنسان ومهددة لوجوده وهي بجوهرها لا تخرج عن إطار المشاكل الفكرية لان المستلزمات الحياتية والمستحدثة منها خصوصا هي من نتاج الفكر المادي والمشاكل العقائدية هي من نتاج الأفكار المنتسبة إلى الدين وهو بذاته علم الباطن قبل الظاهر علم الروح قبل الشعار العلم الذي قيل لرسول الله محمد صلى الله عليه واله به اقرأ من مصدر حقيقي لشعائر واقعية فأصبح بما وصل من علم جاءه بحمله للصفات الحسنى يسير بمنهج علمي بينْ, بينَ الظاهر والباطن حنيفي لا يحمل الظاهر محمل أهل الوهم ولا يتكلم عن الباطن بكلام أهل الظن وهما فريقان انشقا عن الفكرة الوسط ليكونوا لأنفسهم عوالم تفرقوا بها إلى ملل وأحزاب كل يدعي لنفسه الحق وهو لا يحمل مقومات الدفاع عن حقه ولما ضعف رواد الحركات الواهمة اتخذوا لأنفسهم سبيل لإدامة أنفسهم وهو تقديسها بآثار مزبورة منقولة ليس لهم بها أي دليل عقلي منطقي واقعي معتمدين على جهل ورثوه أسموه دينا , واستغلوا هذا التقديس ليفتوا بالقتل وسفك الدماء أو بالتحوط من الشبهات والبقاء في الموروثات وإتباع نهج التطيف للتكتل الحجمي لا الحقيقي ليصبح الناس بينهم كمادة لإدامة عروشهم وتسلطهم . ومع هذا البيان لا احسب أني تكلمت بتسقيط لان الواقع يقول ان السقوط قد وقع بابن ادم فلم يعد يأمن يومه وعامه وهو مهدد من هذه الجهة أو تلك فلا الملحد يأمن المتدين ولا المتدينين بدين واحد فلا اليهودي يأمن المسيحي ولا المسلم يأمن البوذي ولا أطياف الأديان تأمن بعضها بعضا , إذن فالمشاكل تتفاقم فلا تغرنا الوعود من مدعي العلم بأمم متحدة ومنظمات دولية أو دينية لأننا فعلا وفرنا للشيطان شوطا فغرنا وخدعنا باسم الإنسانية تارة وباسم الدين أخرى فلبس لنا ثوب الحضارة وربى لنا ذقن الخيارى , وهو بوجهه واحد يقحمنا بمشاكل فوق مشاكل حاضرة فوق ماضية شرقية فوق غربية ليضلنا عن مشكلتنا الأولى وسبيل الخلاص منها بطريقة التكامل الطبيعي بمدرسة الله الربانية بعالم سابق لو التفت الناس إليه لفك لهم العقد الواحدة تلو الأخرى بأساليب عملية وواقعية يدعمها بقوة ربه التي لا مثيل لها ولا قرين وهو لا يملك للناس سبيلا إلا تصديقهم وطاعتهم لفكرته ومن ثم إيمانهم بمصدرها للخلاص من الجهل.
آخر أخبار
-
دولي سابق: اداء المنتخب تغير جذريا في لقاء عمان
02:53 - 2024-11-21
محلي -
الإعمار: التعداد سيقدم لنا إحصائية دقيقة بالعشوائيات وقاعدة بيانات لإطلاق المشاريع وفقا لنتائجه
02:44 - 2024-11-21
محلي -
مدير المدينة الرياضية في البصرة يؤكد تمام الجاهزية لمباراة الكويت في اذار المقبل
02:32 - 2024-11-21
محلي -
خبير قانوني يوضح عقوبة الاعتداء والامتناع عن تزويد العداد بالمعلومات الصحيحة
02:28 - 2024-11-21
محلي