مشروع طريق التنمية حُلم ننتظر تحقيقه

07:36 - 2023-09-26
د. رائد الهاشمي

الداعي نيوز / مقالات 

يُعد مشروع (طريق التنمية) من المشاريع الاستراتيجية الكبيرة التي ستنجح بالنهوض بالاقتصاد العراقي ويسهم في حل العديد من المشاكل الاقتصادية وأهمها تقليل الاعتماد على النفط في رفد موازنة الدولة وتقليل معدلات البطالة في البلد من خلال آلاف فرص العمل التي سيوفرها المشروع وكذلك سيساهم في النهوض بالبنية التحتية في عدة قطاعات أهمها قطاع النقل المتهالك وقطاعي التجارة والسياحة وسيحدث نهضة في قطاعات الصناعة والزراعة, وسيحول الفاو إلى مدينة صناعية كبيرة قد تُنقل إليها بعض المصانع الدولية الكبيرة حيث أعلنت الصين استعدادها لنقل جزء من معاملها إلى مدينة الفاو، مستفيدة من قِصَر المسافة وتوافر المواد الأولية والأيدي العاملة.وسيساهم في بناء مدن صناعية أخرى قريبة من هذا الطريق، وكذلك بناء مدن سكنية جديدة قريبة من مراكز المدن الكبرى ، وستستوعب عدداً كبيراً من السكان في ظل الكثافة السكانية التي أدت إلى أزمة سكنية كبيرة في العراق, كما سيساهم المشروع في حل جزء كبير من مشكلة المياه في العراق، حيث يتضمن خطة لتحلية مياه البحر، في الوقت الذي يشهد فيه العراق أزمة شملت مياه الشرب.
يعتبر هذا المشروع من المشاريع الجريئة للبنية التحتية حيث يمتد على أراضي العراق من شماله الى جنوبه، وسوف يربط ميناء الفاو الكبير على الخليج بتركيا من خلال شبكات السكك الحديد والطرقات ومن شأنه ان يشكل رابطاً جديداً بين آسيا وأوروبا.. 
حسب ما مخطط له من قبل الحكومة العراقية فان المشروع سيبدأ رسمياً في العام المقبل ويمتدّ على ثلاث مراحل حتى العام 2050، بينما تسعى الحكومة، خلال الأعوام الأربعة الأولى، إلى نقل 22 مليون طن من الحمولة الكبيرة سنويا عبر السكك الحديد.
وفق المشروع، تخطط الحكومة العراقية لإنشاء قطارات عالية السرعة لنقل البضائع بسرعة تبلغ 140 كيلومترا في الساعة، في حين تُقدر السرعة القصوى لنقل الركاب بـ 300 كيلومتر (186.41 ميلاً) في الساعة.
مسار المشروع حسب آخر التصريحات الحكومية سيربط البصرة ببغداد والموصل، قبل أن يُكمل باتجاه الحدود التركية، متجاوِزًا بالكامل إقليم كوردستان, وان استبعاد اقليم كردستان من مسار المشروع لايزال مجال جدل حتى الآن فالمتحدث باسم الحكومة العراقية صرح ان العوامل الطوبوغرافية والاقتصادية هي التي فرضت هذا القرار، وان مرور الطريق عبر إقليم كوردستان سيؤدّي، بسبب طبيعة المنطقة الجبلية، إلى تمديد المرحلة الأولى للمشروع سنتَين إضافيتين وزيادة موازنته بمقدار 3 مليارات دولار، ما يرفع إجمالي التكاليف إلى 20 مليار دولار , فيما يرى بعض المتابعين والمحللين بأن سبب الاستبعاد هو سياسي بحت يأتي من تخوف حكومة بغداد من طموحات الاقليم بالانفصال مستقبلاً وهذا ما سيؤدي الى فشل المشروع بالكامل فيما لو حدث الانفصال,وهذه المخاوف جاءت كنتيجة حتمية لاستفتاء 2017 في اقليم كوردستان للانفصال عن العراق, وفي اعتقادي ان قرار استبعاد الاقليم من مشروع التنمية ستكون من أكبر التحديات أمام نجاح المشروع وأمام تحسن العلاقات بين الاقليم والمركز.
تبلغ التكلفة التخمينية للمشروع حوالي 17 مليار دولار، وتم طرح ثلاثة سيناريوهات محتملة لتمويله,الأول يدور حول التمويل الحكومي وهذا في اعتقادي أصعب السيناريوهات وأبعدها عن أرض الواقع في ظل العجز الكبير في الموازنة العامة, والسيناريو الثاني هو الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، والذي يواجه كذلك تحدي كبير في توفير المال اللازم في ظل إدارة حكومية متواضعة وفي اعتقادي انه مستبعد أيضاً,أما السيناريو الثالث وهو الأقرب للتحقيق وهو التمويل من خلال استثمار مجموعة من الشركات العالمية مع شركات محلية، وهو الحل الأكثر منطقية لتنفيذ المشروع خلال سنوات قليلة.  
ومن المحتمل أن تكون هناك مساهمات كبيرة من قبل السعودية والامارات وقطر في تمويل المشروع,ولا أستبعد أن تكون هناك مساهمة غير قليلة من الصين لما لها من مصالح كبيرة في سرعة تنفيذ هذا المشروع.
من المخطط أن تنتهي المرحلة الأولى من هذا المشروع بحلول عام 2028، على أن تنتهي المرحلة الثانية بعدها بعشر سنوات، إذ تزداد معها الطاقة الاستيعابية للنقل إلى 400 ألف حاوية، وصولاً إلى المرحلة النهائية المقررة عام 2050.
هذا المشروع لو كتب له أن يرى النور سيحقق مكاسب دولية كبيرة لجهات عديدة وستكون الفائدة الأولى الى العراق حيث سيحصل اضافة لما ذكرناه من مكاسب كبيرة في مختلف القطاعات سيحقق عوائد ضخمة من "الترانزيت" وعوائد تصدير بعض السلع المحلية التي يعتزم العراق تنشيطها, أما الصين والهند فسيكونون أكبر المستفيدين من المشروع حيث تعولان عليه في زيادة صادراتهما إلى أوروبا عبر الموانئ في العراق وتركيا، وسيساهم في تقليل تكلفة نقل البضائع بين أوروبا وآسيا وصولاً إلى الهند والصين, وهذا سيعود بفوائد كبيرة على الاوروبيين من جهة والصين والهند من جهة أخرى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين