حدود الانسانية في العمل القضائي

09:08 - 2021-12-29
القاضي اياد محسن

الداعي نيوز / مقالات 

يحدث احيانا ان يتم التلويح للقاضي بوالدة وزوجة واطفال المتهم كمحاولة لاستهداف جوانبه النفسية ذات البعد الانساني ووضعه تحت شكل من اشكال الضغط الوجداني  لاستمالته نحو تخفيف للعقوبة 
او قد يجد القاضي نفسه محاطا بضغط الظروف الانسانية لبعض المتهمين كالحالة المرضية او سوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية لهم وبالتاكيد فان المهنية تقتضي عدم الانسياق خلف تلك الضغوطات لان الانسانية  ليست قيمة معنوية سائبة بلا محددات وليست سبيلا متاحا ينهل منها من يريد بل ان القاضي واي شخص يصدر قرار او يدير مسؤولية عامة عليه ان يخضع انسانيته لمحددات المهنة وضوابط الوظيفة العامة وان يحقق التوازن المعقول بين انسانيته من جهة  وتطبيق القانون وانفاذه من جهة اخرى لان اي تغليب للانسانية سياكل من جرفه المهني وقد يدفع به باتجاه مخالفة القانون والاضرار بالمصلحة العامة
وعلى سبيل المثال  فان لجنة مناقشة رسالة الماجستير في اي جامعة لا يمكن ان تقبل وتقر رسالة طالب لا تتوافر فيها شروط السلامة العلمية فقط لان الطالب يعاني من مرض مستعص وسبب ذلك لان اللجنة  حينذاك سوف تخالف الامانة المهنية التي تفرضها القوانين والتعليمات التي تنظم عمل لجنة المناقشة كذلك الحال بالنسبة لقاض يحكم متهما في بيع المواد المخدرة فلا مجال لمراعاة الظروف الانسانية له الا في الحدود التي وضعها وبينها القانون فالمشرع وفي قانون العقوبات العراقي اتاح المساحة الانسانية المناسبة  في الحالات التي يمكن للقاضي فيها ان يراعي ظروف بعض المتهمين لكن هذه المراعاة يجب ان تكون محدودة ومحكومة بحدود نصوص القانون ومنها العقوبات التخييرية التي تجيز للقاضي ان يحكم باحدى عقوبتي الحبس او الغرامة كذلك الحد الاعلى والحد الادنى للعقوبة والتي يمكن من خلالها للقاضي ان يراعي بعض الجوانب الانسانية للمتهمين في حدود ما يسمح به النص القانوني وفي غير الموارد التي اتاحها القانون فلا مجال للتهاون ولا مجال لاعمال الجوانب الانسانية لان في الجانب الاخر هناك مصالح عامة قصد المشرع تحقيقها من وراء تجريم بعض الافعال منها ما يتعلق بالحق العام ومنها ما يتعلق بحفظ حقوق المواطنين الخاصة ولا يجوز التفريط بتلك المصالح تحت ذريعة اعمال الجوانب الانسانية

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين