منارات ربانية

"حكمت الحلي" حلاق الملوك والباشوات

508 مشاهدة
07:52 - 2023-10-18
ثقافة عامة

تقرير/ علي ناصر الكناني

تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن أول محل للحلاقة في بغداد كان قد تأسس زمن الدولة العثمانية عندما كانت بغداد هي أحدى الولايات التابعة لها وبالتحديد في مقهى ألكمرك القريبة من المدرسة المستنصرية , ويذكر أن الحلاق أو (المزين ) كان يقوم بمهام وأعمال أخرى إضافة الى مهنته الأصلية في الحلاقة , فهو طبيب المحلة وأحجامها , وقيامة بمهمة ختان الأطفال ودكانه يعد أيام زمان من صفات الأحياء الشعبية البغدادية المميزة , الى جانب أطلاعة ومعرفته بالأخبار والأسرار لسكان الحي أو المحلة قبل غيرة .. قبل سنوات التقيت (حكمت الحلي ) من مواليد عام (1924) قبل وفاته كونة كان يعد  من أقدم حلاقي بغداد في محله القديم الكائن بمنطقة الحيدر خانة في شارع الرشيد , واستذكرنا سوية جوانب أثيرة من حياته وذكرياتة الجميلة عن أيام بغداد وأحداثها ومبانيها وشوارعها وناسها القدامى وأستعراض صورا ومواقف مربها وعاشها في الفترة الماضية التي استغرقتها مسيرته الطويلة في مجال عمله مع عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والأدبية والفنية المعروفة قبل ما يزيد عن نصف قرن من الزمان لأنه على الرغم من تجاوزه الخامسة والثمانين عاما يومذاك كان يتواصل مع زبأنه القدامى الذين كانوا يترددون عليه بين فترة وأخرى للحلاقة  أو للسؤال عنه . وحين سألته عما أذا كان يحتفظ بأدوته التي كان يستخدمها ايام زمان بالحلاقة قال لي :
نعم ما زلت أحتفظ بها لأنها تمثل جزءا من تأريخي مع هذه المهنه التي أفتخر وأعتز بها كثيرا وأعشقها . كما حدثني في وقتها بأنه يتشرف بكونه الحلاق الخاص للملك فيصل الثاني , وهو أيضا حلاق الأعيان والباشاوات : وقد حذروني بعد حلاقتي للملك فيصل والملك حسين بن طلال ملك الأردن بأن لاأبوح بهذا السر لاحد .. وقد منحتني العائلة المالكة وساما خاصا ما زلت أحتفظ به لحد الآن . وقد قمت بحلاقة شخصيات أخرى حكمت في العراق منهم نوري باشا السعيد والزعيم الراحل عبد الكريم قاسم يوم كان برتبة مقدم . ومن زبائني مطرب العراق الأول محمد القبانجي قبل وفاته  رحمه الله مررت بالقرب من محله للسلام والسؤال عنه ,فوجدته وهو يهم بلملمة بعض أغراضه وأدواته , فقال لي حين سألته عن ذلك بألم وغصة : لقد حان وقت الاعتزال الأن عن مواصلة العمل بالحلاقة وسأعود الى مدينتي التي غادرتها منذ زمن بعيد (الحلة ) لأقضي ما تبقى لي من ايام العمر هناك بين أهلي ومعارفي فصحتي الأن لم تعد تعينني على العمل كالسابق . قلت له : ولكن على الرغم من كل ذلك ستبقى بغداد وأهلها يستذكران دائما أقدم حلاقيها الذي ما زلت ذاكرته حافلة بأيامها وبعض أحداثها التي لاتنسى ...

اختيار المحررين