منارات ربانية

في مدينة الحرية.. تراثي يحول بيته الى متحف للمقتنيات التراثية والتاريخية النادرة

858 مشاهدة
06:17 - 2023-06-20
ثقافة عامة

الداعي نيوز/ ثقافة عامة

تقرير/ علي ناصر الكناني

- نال مؤخرا تكريم مكتب رئيس الوزراء ووزارة الداخلية لحصوله على المركز الأول للمستوى الهادف في العراق

- التراثي صباح السعدي: اكثر من 5000 قطعة نادرة من  بينها سيارة يعود زمنها الى اواخر العشرينات هي حصيلة مقتنياتي لحد الان.

- تحظى المقتنيات والتحف التراثية والانتيكات القديمة النادرة باهتمام العديد من هواة ومحترفي جمعها واقتنائها بهدف الاحتفاظ بها والحفاظ عليها من الزوال.. والاندثار او بهدف البيع والشراء والمتاجرة بها  ولكن يبقى الهدف الاسمى في هذه المعادلة هي ابقاء هذه المقتنيات تتنفس سر وجودها واستمرار بقائها كجزء من الموروث التراثي والثقافي والحضاري الذي نعتز ونفخر به ولعل ذلك هو خير من فقدانها واندثارها في غياهب النسيان والضياع ..  -قبل ايام وجه لي الصديق التراثي صباح نصيف السعدي تولد عام 1963 دعوة كريمة لزيارة المتحف التراثي الخاص به متخذا من بعض غرف بيتهم العامر في مدينة الحرية مكانا لحفظ وعرض تحفه و مقتنياته الفريدة  والنادرة.

- نفائس من الانتيكات القديمة تفترش الارض وجدران تكتض  بصور و لوحات زيتيه نادرة ماان اصطحبنا الصديق صباح السعدي لزيارة متحفه والاطلاع على محتوياته وموجوداته حتى فوجئنا ونحن نجتاز الباب الرئيس للدار بانه لم يترك مساحة من الفراغ في ممرات المنزل الداخلية والصالة الكبيرة الا وشغلها بقطع كبيرة ومتوسطة الاحجام من هذه المقتنيات التي يصل العمر الزمني  لبعضها الى اكثر من مئة عام ..ومنهاباب خشبي قديم عثر عليه في احد بساتين الدجيل وضع كمعبر على احدى السواقي هناك ..وكذلك بقايا عربة ربل قديمة وغيرها ودهشنا ونحن نرى هذه المقتنيات والتحف القديمة الموشاة بنقوش وزخارف يدوية جميلة الجميلة وهي تفترش ارضية المكان  في الصالة الرئيسةاو كما يسميها السعدي بقاعة  الانتيكات والتي يتجاوز اعمار بعض موجوداتها الى اكثر من 100 عام حيث قدم لنا شرحا وافيا عنها فيما اكتضت جدرانها بالعديد من الصور الفوتوغرافية القديمة والتي تعود  كما يقول الى شخصيات فكرية وسياسية واجتماعية معروفة في العهدين الملكي والجمهوري الى جانب مطبوعات ومنشورات قديمة و لوحات زيتية لعدد من الرسامين العراقيين الرواد من بينهم علاء الشبلي وشاكر الشاوي وسهام السعودي واخرين و لوحات خطية من ابداعات الخطاطين الراحلين هاشم البغدادي وغالب صبري موضحا الى ان لديه ايضا    العديد من الاواني والادوات المنزليه النحاسية والبرونزيه المختلفة ذات النقوش اليدوية والزخارف الجميلة التي كما يذكر بانها طالما استخدمتها العوائل البغدادية في بيوتاتها ايام زمان في اربعينيات و خمسينيات القرن الماضي واضاف وهو يشير بيده الى قطعة من مقتنياته لايخلو شكلها من الغرابة اونعرف فيما تستخدم قبل ان يخبرنا بانه  (بريمز) من النحاس الاصفر و بعشرة مشاعل  وان هناك من اخبره بان هذا (البريمز) كان يستخدم في بيت رئيس الوزراء في العهد الملكي الباشا نوري السعيد لافتا انتباهي الى نسخة اصلية مؤطرة بعنايةلاحد اعداد صحيفة الزوراء التي كانت تصدر في العهد العثماني في زمن الوالي مدحت باشا.

- لكل مهنة اسرارها.. قلت للتراثي صباح السعدي ما عرفته عنك ان عشقك للتراث بكل تفاصيله واتجاهاته قد تجاوز حدود الاهتمام والهواية الى الاحتراف واعني معرفة تاريخ هذه المقتنيات وبعض ما خفي من معلومات عنها فكيف ذلك فقال.. ان عشقي للتراث وجمع المقتنيات والانتيكات القديمة يعود بحكم كوني من مدينة عرفت بتاريخها وعراقتها وهي مدينة الكاظمية وكذلك من خلال اتخاذي محلا لي في سوق الهرج في منطقة الميدان والذي كان يسمى (خردة فروش) لبيع وشراء كل ما تستخدمه العوائل البغدادية من لوازم ومواد قديمة تم الاستغناء عنها  وبعد فترة الحصار في التسعينيات اضطر الكثير من هذه العوائل نتيجة الحاجة الى بيع أشياءهم النادرة وما توارثوه عن اجدادهم وابائهم من هذه المقتنيات التي اغلبهم يجهلون قيمتها الحقيقيه وبعد ازدياد معرفتي و خبرتي في هذا المجال فكرت بان احتفظ بكل ما يقع تحت يدي من هذه النوادر وعدم التفريط به وبيعه ليكون من ضمن اولويات اهتمامي لضمه الى متحفي الخاص في البيت حتى غصت غرفه بها ولا اخفي عنك انها احتلت حتى غرفة نومي ايضا ولم اتراجع امام عدم ارتياح بقية افراد العائله الذين لم يخفوا فيما بعد تعاطفهم واهتمامهم معي.. بعد ان عرفوا بانني لااستطيع العيش بدونها ..
- المركز الثقافي البغدادي في المتنبي يحتضن معرضه ومتحفه الدائم .. 
 ثم سالت السعدي ان يحدثني عن حصيلة ما تمكن جمعه لحد الان من هذه المقتنيات وكذلك عن مبادرته بضمنها في معرض دائم فقال.. لقد حرصت على ان يطلع الناس والمهتمين بالتراث على هذه النوادر القديمة وعدم خزنها في صناديق لا يراها احد..
لقد قررت وبجهود شخصية من دون معاونة من اية جهة رسمية او غير رسمية بالانضمام الى المركز الثقافي البغدادي لاتخذ  من احدى قاعاته معرضا ومتحفا واواضب على الاشراف عليه خلال ايام الجمعه من كل اسبوع وهوايضا يضم بين جنباته مقتنيات قديمة وصورمهمة ومطبوعات ووثائق نادرة منها ما يعود الى زمن البدايات الاولى لتاسيس الدولة العراقية عام 1921. ومن الاشياء المهمه والنادرة التي احتفظ بها مصباح كهربائي طبع عليه صورة الزعيم عبد الكريم قاسم .وكذلك يوجد شعار  ثوره تموز من البرونز ويزن بحدود 30 الى 40 كيلو  غرام
: وقد حصلت عليه من احد الباعة في سوق مريدي الذي كان ينوي صهره كمادة من البرونز وقد قام بتصميم الشعار الفنان جواد سليم  وخط من قبل الخطاط هاشم البغدادي مشيرا الى ان حصيلة ما جمعه من هذه المقتنيات هي كما يقول بحدود 5000 قطعة وهي قابلة للازدياد يوما بعد اخر.


- قران نادر مخطوط بماء الذهب ولوحة زيارة اذن الدخول للامامين الكاظمين (عليهم السلام) هدية للعتبة المقدسة.. 
 يروي لنا التراثي صباح السعدي خلال حديثه الممتع هذا عن مبادرته قبل سنوات بتقديم هديتان  ثمينتان لا تقدران بثمن الى الامانه العامة للعتبة الكاظمية المقدسة. بقوله..
 لقد قمت بتقديم هاتان الهديتان المباركتان الى العتبة المقدسة بعد حصولي عليهما من احد الباعه واللتان يعود زمنهما الى اكثر من مئة وخمسين عاما كهدية  لضمها الى المتحف الخاص بالعتبة وقد حظيت هذه المبادرة على تقدير وشكر  امينها والمسؤولين فيها .. مناشدا الجهات المعنية في مدينة الكاظمية والامانة العامة للعتبة المقدسة في ضرورة الاسراع بانجاز المتحف التراثي والوثائقي الخاص بمدينة الكاظمية مبديا استعداده الكامل للتعاون مع هذه الجهات لانجازه بما يليق ومكانة هذه المدينة التي تميزت بجذورها التاريخية والحضارية الاصيلة..

سيارة قديمة لا تقدر بثمن..
  ثم اصطحبني السعدي مع نجله الشاب مصطفى الى الباحة الداخلية للمنزل حيث تقف في احد اركانها سيارة امريكية قديمة نوع فورد يعود زمنها كما اخبرني  الى عام 1928  فطلبت منه ان يحدثني عن المزيد من التفاصيل عنها فقال.. -هذه السيارة تعود ملكيتها سابقا الى احد التجار المعروفين في بغداد وهو المرحوم بدري حمادي اسمير الدباش والذي اشتراها بمبلغ 300 دينار من السفارة الامريكية ببغداد في خمسينيات القرن الماضي وبحكم كونه من منطقة الدباش و معرفتي به تمكنت من شرائها منه في عام 2003 وقبيل وفاته و لكنه اشترط بعدم التفريط بها وبيعها والحفاظ عليها فوافقت على ذلك وهي الان كما رايتها موجودة ضمن مقتنياتي التي اعتز بها كثيرا وهي ما تزال تعمل بشكل جيد وقد شاركت بها خلال بعض الاحتفاليات التي اقيمت خلال السنوات الماضية من بينها يوم بغداد.


- موقف يثير الدهشة والاستغراب ويستطرد السعدي في ذكر احد المواقف اللافتة للانتباه من التي مرت به بقوله.. هناك مواقف كثيرة مرت بي خلال عملي والتي لاتنسى ومنها في احد الايام عرضت علي ثلاث لوحات زيتية لاخذها مجانا من احد البيوت بعد ان قمت بشراء قطع اثاث وثريات  وتحفيات من ذلك البيت فاخبرتهم بانني سابيع هذه اللوحات وسيكون جزء كبير من المبلغ من حقهم فقالوا اننا اهديناها لك فافعل ما تشاء وبعد الاطلاع عليها وجدتها انها لثلاث رسامين رواد من بينهم جواد سليم و فائق حسن فقمت ببيعها بمبلغ 25 الف دولار امريكي فاعطيتهم منها 10000 دولار ففرحوا كثيرا وقالوا لقد قدمنا لك هدية فكنت اكثر منا سخاءا شكرا لك..
 وانا الملم اوراقي مودعا التراثي صباح السعدي ومتحفه الجميل سالته الى ما ستؤول اليه هذه التحف الفريدة بعد عمر طويل فاجابني من دون تردد انها ستكون بعهدة الجهات المعنية التي ستتولى اقامة المتحف التراثي لمدينتي الكاظمية كهدية متواضعةمني ومن عائلتي لانني احبها وافضلها على اية مدينة في العالم...

اختيار المحررين