منارات ربانية

اقدم موزع للبريد في الكاظمية وبغداد... كان يعمل مجانا !!!

885 مشاهدة
08:55 - 2023-06-05
ثقافة عامة

الداعي نيوز/ ثقافة عامة

تقرير/ علي ناصر الكناني  

في لقاء معه قبل رحيله..رضا القباني 

الزعيم عبد الكريم قاسم كرمني بمبلغ خمسة دنانير !!
 
التقيته ذات مرة قبيل رحيله وهو يقود دراجته التي اعتدت ان اراه بين فترة واخرى وهو يقودها باناة وبطئ يجوب شوارع مدينة الكاظمية تارة والمناطق والازقة المحيطة بها تارة اخرى انه ساعي البريد  المتقاعد رضا محمد علي القباني الذي كانت تربطني به معرفة سابقة والذي ماان راني حتى ترجل من دراجته واقبل علي بخطواته الوئيدة لنسلم على بعضنا ولاسارع بالسؤال عن صحته واحواله ، والملفت للانتباه في الامر انه كان حينها مازال يرتدي زيه القديم ويعتمر قبعته الخاصة بموزعي البريد ويحمل على يساره حقيبته الجلدية المخصصة للرسائل .  

 رغم احالته على التقاعد قبيل سنوات ، عجبت لاصرار هذا الرجل وطيبته التي تفوق الوصف على التواصل في عمله بنشاط وحيوية على الرغم من تجاوزه الثامنة والستين عاما من العمر مما اثار اعجابي لماسمعته من احد  المسؤولين عنه ممن يعملون في دائرة البريد بانه يصر على ايصال الرسائل بنفسه الى زبائنه ومعارفه القدامى وبدون مقابل !!! تقديرا منه ومنهم لعلاقة  قديمة تربطهما ببعض  تنم عن احترام واعتزاز كبير بينهما . وحين سالته عن سبب ذلك قال : ان عمله الذي امضى سنوات طوال فيه صار جزءا من حياته اليومية وصار شغله الشاغل الذي لايستطيع  الاستغناء عنه ولعلي اجده محقا بذلك سيما  وانه مازال يعد اقدم موزع بريد  في مدينة الكاظمية خاصة و بغداد عموما ، حيث ذكر لي انه التحق بعمله هذا منذ عام 1959 وتم تثبيته بعد عام في وظيفتة ليعمل في دائرة البريد المركزي التي كان مقرها انذاك  في ( القشلة ) وبراتب شهري مقدارة عشرة دنانير ونصف وحدثني كيف كان يجوب  ازقة ومحلات منطقة الحيدرخانه وباب المعظم وشارع الرشيد والوزيرية والاعظمية من رصافة بغداد لايصال الرسائل والبريد لساكني تلك المناطق من المواطنين والدوائر الحكومية فذاكرته مازالت تحتفظ بالكثير من المواقف والحكايا والذكريات والاحداث التي صادفته ومرت به خلال عمله اليومي رغم مرور زمن طويل عليها فهو مايزال يعتز بتلك اللحظات الفريدة التي التقى فيها الزعيم الراحل  عبد  الكريم قاسم مصادفة حين كان يهم بايصال البريد الخاص برئاسة مجلس الوزراء انذاك ولشدة ارتباكه ودهشته لرؤية الزعيم  تعثرت قدماه بالسلالم الارضية لمدخل  البناية ليتناثر اثر وقوعه ماكان يحمله من طرود ورسائل على الارض ليأمر الزعيم بعض الحرس الموجودين هناك بتقديم العون له وليأمر له بمكافاة مقدارها خمسة دنانير!! التي كان مبلغها يومذاك . 

مانريد قوله هنا هو الايستحق امثال هذا الرجل المثابر ممن خدموا الدولة والمجتمع من غادرونا اوممن هم مايزالون على قيد الحياة ومازالوا يقدمون الكثير من البذل والعطاء متوسمين بذلك حبهم واخلاصهم لبلدهم يدفعهم لذلك ايمانهم العميق بوطنيتهم وعراقيتهم الاصيلة 

يواصل القباني حديثه عن ذكرياته الاثيرة تلك قائلا :-  
بعد وصولي الى البيت واخبار والدتي بالامر راحت تزغرد وتسارع من شدة فرحها لتبث للجيران ذلك الخبر السار .. خبر تكريم الزعيم لولدها الوحيد رضا اما عن علاقاته الانسانية الوثيقة بعدد من اعلام وشخصيات العراق الفكرية المعروفين امثال : مصطفى جواد وعلي الوردي وحسين علي محفوظ ويوسف عز الدين واخرين غيرهم ،  الذين مازال كما يقول يحتفظ بكتبهم التي اهدوها له تقديرا منهم لعمله  في ايصال الرسائل لهم .. مما شجع ايضا الفنان المبدع ابراهيم النقاش بعمل اكثر من لوحة نحتية  وحفر على الخشب جسد فيهاشخصية موزع البريد القباني وهو يوصل الرسائل لإحدى العوائل البغدادية في احدى المناطق الشعبية القديمة.. 
مانريد قوله هنا هو الايستحق امثال هذا الرجل المثابر ممن خدموا الدولة والمجتمع من غادرونا اوممن هم مايزالون على قيد الحياة ومازالوا يقدمون الكثير من البذل والعطاء متوسمين بذلك حبهم واخلاصهم لبلدهم يدفعهم لذلك ايمانهم العميق بوطنيتهم وعراقيتهم الاصيلة ، الا ان نحتفي  بهم ونكرمهض١م لانهم حقا يستحقون منا الكثير بما يشعرهم بالعرفان والتقدير.

اختيار المحررين