منارات ربانية

حكايا وأسرار وذكريات تحاكي الزمن الماضي

521 مشاهدة
07:45 - 2023-04-25
ثقافة عامة

الداعي نيوز/ ثقافة عامة

تقرير/ علي ناصر الكناني 

العائلة المالكة تبحث عن لالات نفطية في سوق الصفارين 
سوق الصفارين  أو كما اعتاد الناس على تسميته بـ ( سوق الصفافير ) تواجهك ورشه ودكاكينه القديمة التي اكتظت بمختلف المصنوعات النحاسية , فتخالها كأنها كنوز من الذهب والفضة تتلألأ أمام عينيك وأنت تنظر بدهشة وانبهار لتلك التحف الفنية الفريدة والنادرة والتي لاتعدو كونها قطع مصنوعة من النحاس , زينتها نقوش ورسوم وزخارف جميلة أبدعتها أياد ماهرة.  

ومن الصفارين المتميزين في هذا السوق الذي يشهد له العديد من رواده بانه من قدامى العاملين فيه انه الصفار عدنان جواد الجوهري الذي تجاوز الثالثة والسبعين من العمر ولكن روحه البغدادية الأصيلة كانت تطغى على حديثه وطبيعتة المرحه فهو من مواليد بغداد في منطقة باب الاغا وكما يقول بالقرب من سوق الصفارين  وخلف سينما رويال الصيفي تركت جهاز التسجيل يلتقط حديثه الشيق وكلماته التي كان يحرص على اختيارها بتأني وتمعن ولم يترك شاردة او واردة الا وذكرها لي عن السوق وعلاقته به وذكرياته الأثيرة عن فترة الخمسينيات يوم كان يسارع مع بقية الصبيان ممن هم في عمره ليتأمل بشغف طفولي شفيف مازال لحد الأن يداعب مخيلته وذاكرته لملك العراق فيصل الثاني مع خاله الوصي عبدالاله وهما يمران بعربتهما الملكية التي تجرها الخيول في شارع الرشيد قلت للجوهري يبدو انك تمتلك خزينا فريدا من الاسرار والذكريات عن الكثير من الشخصيات السياسية والفنية والاجتماعية التي زارت السوق وقد لاحظت حرصك على توثيق ذلك بصورك الفوتوغرافية معهم والتي تزيينت بها جدران محلك هذا الى جانب التحفيات النحاسية الجميلة والنادرة فهل لنا ان نتعرف على المزيد من تلك الذكريات فقال : 
ورثت المهنة من والدي رحمه الله منذ عام 1952 يوم كنت لم اتجاوز العاشرة من العمر , ففي عام 1957 جاءني شخص مع سيدة بهية الطلعة لم اعرفها اول الامر ولكن الشخص المرافق لها قال لي أن هذه السيدة هي ( عابدية ) أخت الوصي عبدالاله خال الملك فيصل الثاني وحضورهم الى السوق هو لشراء ماتسمى (( باللالة النفطية المستخدمة لاغراض الانارة فقمت ببيعهم عددا منها لان والدي لم يكن موجودا وقتها فأوصلتهم الى السيارة الخاصة بهم والتي كانت تنتظرهم قرب المتحف العراقي سابقا والذي هو حاليا المتحف البغدادي فطلبوا مني مرافقتهم الى قصر الزهور وعرفت فيما بعد ان السيارة التي كانت تقلهم هي عائدة للملك غازي نوع مرسيدس وقد اهداها له الزعيم الالماني هتلر وهي الأن من مقتنيات امانة بغداد على مااعتقد فأكدت له ذلك وانها موجودة بالحفظ والصون وتخضع للأدامة والصيانة بشكل دائم .  
ويواصل الجوهري حديثه مستعرضا شريط ذكرياته الطويل والممتع بقوله : 
من بين الشخصيات الفنية التي زارت السوق ايضا في السبعينات الممثل الاجنبي انتوني كوين والذي اشترى مني بعض التحفيات النحاسية الحرفية والبسط المصنوعة يدويا ومازلت اذكر جيدا يوم كنت ماازال في سن الصبا زيارة فرقة يوسف وهبي وامينة رزق الفنية والتي قدمت عروضها في بغداد وقد اصطحبني والدي انذاك لمشاهدة وحضور احداها وقد قاموا ايضا بزيارة السوق وشراء بعض الحاجيات والتحف من والدي وكنت اصغي لهم اثناء الحديث معه وهم يبدون اعجابهم بأخلاق اهل بغداد وطيبتهم وكرمهم  
وفي عام 1964 زارالسوق ايضا المطرب الراحل عبد الحليم حافظ ولدي صورة معه احتفظ بها داخل المحل وقد اشترى من والدي تحفيات وسجاد يدوي وقد لاتصدق بانني قد غنيت امامه عند زيارتي له في فندق بغداد مقطعا من احدى اغانيه بعد ان اخبرته باعجابي اللامحدود بصوته واود ان اذكر لك بانني معجب ايضا بصديقي المطرب العراقي (رضا علي) فنسي الجوهري ان جهاز التسجيل مازال يلتقط حديثه ذكرياته هذا فغنى لي رغم تجاوزه الثالثة والسبعين عاما من العمر مقاطع من اغنيتين الأولى لعبد الحليم حافظ والثانية لرضا علي ولا اخفي عنكم بان صوته كان جميلا وتقليده لصوتهما كان لايخلوا من الاتقان والموهبة.

اختيار المحررين