منارات ربانية

الكتابة المسمارية

6279 مشاهدة
11:05 - 2021-10-10
ثقافة عامة

الداعي نيوز / ثقافة عامة

الكتابة المسمارية هي طريقة كتابة تتم بالنقش تم استعمالها لكتابة عدة لغات منها السومرية والاكدية، وهي طريقة تعتمد على النقش بينما ظهرت في مصر في حقبة زمنية لاحقة قريبة طريقة كتابة تعتمد على الخطوط اللينة وتسمى الهيراطيقية المصرية. إنّ طريقة الكتابة المسمارية هي ثاني اقدم طريقة للكتابة تم رصد استعمالها من القدماء (بعد الكتابة التصويرية). وهي نوع من الكتابة تنقش فوق ألواح الطين والحجر والشمع والمعادن وغيرها. وهذه الكتابة كانت متداولة لدى الشعوب القديمة بجنوب غرب آسيا.

 

الخط المسماري

أول هذه المخطوطات اللوحية ترجع لسنة 3000 ق.م. وهذه الكتابة تسبق ظهور الأبجدية بحوالي 1500 عام. وظلت هذه الكتابة سائدة حتى القرن الأول ميلادي. وهذه الكتابات ظهرت أولًا جنوب وادي الرافدين بالعراق لدى السومريين للتعبير بها عن اللغة السومرية وكانت ملائمة لكتابة اللغة الأكادية والتي كان يتكلمها البابليون والآشوريون. تم اختراع الكتابة التصويرية (بالإنجليزية: Logogram أو Pictograph  أو  Ideogram‏ في بلاد ما بين النهرين قبل العام 3000 قبل الميلاد حيث كانت تدون بالنقش على ألواح من الطين أو المعادن أو الشمع وغيرها من المواد. وتطورت الكتابة من استعمال الصور إلى استعمال الأنماط المنحوتة بالمسامير والتي تعرف بالكتابة المسمارية. وأول كتابة تم التعرف عليها هي الكتابة السومرية والتي لا تمت بصلة إلى أي لغة معاصرة. وبحلول عام 2400 قبل الميلاد تم اعتماد الخط المسماري لكتابة اللغة الأكدية، كما استعمل نفس الخط في كتابة اللغة الآشورية واللغة البابلية، وهي كلها لغات سامية مثل اللغتين العربية والعبرية. وتواصل استعمال الخط المسماري للكتابة في لغات البلاد المجاورة لبلاد ما بين النهرين مثل لغة الحيثيين واللغة الفارسية القديمة، وكانت تستعمل إلى نهاية القرن الأول الميلادي.

انتشار الكتابة المسمارية
يوجد حوالي 130000 لوح طيني من بلاد الرافدين في المتحف البريطاني. وكانت الكتابة المسمارية لها قواعدها في سنة 3000 ق.م. إبان العصر السومري حيث انتشر استعمالها. فدون السومريون بها السجلات الرسمية وأعمال وتاريخ الملوك والأمراء والشؤون الحياتية العامة كالمعاملات التجارية والأحوال الشخصية والمراسلات والآداب والأساطير والنصوص المسمارية القديمة والشؤون الدينية والعبادات. وأيام حكم الملك حمورابي (1728 – 1686 ق.م) وضع شريعة واحدة تسري أحكامها في جميع أنحاء مملكة بابل. وهذه الشريعة عرفت بقانون حمورابي أو مسلة حمورابي الذي كان يضم القانون المدني والأحوال الشخصية وقانون العقوبات. وفي عصره دونت العلوم. فانتقلت الحضارة من بلاد الرافدين في العصر البابلي القديم إلى جميع أنحاء المشرق وإلى أطراف العالم القديم.
 

كتابة مسمارية على جدران زقورة عقرقوف

فك رموز الكتابة المسمارية

أول من فكر في فك رموز الكتابة المسمارية هو العالم الألماني "كارستن نيبور" وتعتبر رحلة نيبور التي قام بها في الشرق الأوسط هي أول رحلة أوروبية في مجال الآثار في العصر الحديث وكانت سنة 1761م وكانت رحلته مدعومة من الملك الدنماركي "فريدريك الخامس" وكان الهدف الرئيسي فيها اليمن ولكن الرحلة التي ساهمت في فك الرموز المسمارية هي رحلة مدينة إصطخر الإيرانية فقد وجد فيها الرحالة ألواحاً كتبت بالخط المسماري فقام نيبور باستنساخ ثلاث نسخ من لوح طيني كُتب بالخط المسماري وهذا النص الذي في اللوحة كتب بثلاث لغات:

العيلامية
الفارسية القديمة (الفهلوية)
الأشورية

الحروف المسمارية ومايقابلها باللغة العربية

ولكن مع الأسف لم يتمكن نيبور ولا رفاقه من فك الرموز في اللوحة إلى أن أتى شخص يُدعى "كروتفند" الذي كان يدرس اللغة الأغريقية في مدرسة ألمانية في فرانكفورت وأبوه كان إسكافياً وكان هذا الشاب مولعاً بحل الألغاز والكلمات الغامضة، وكان يراهن أصدقاءه على حل رموز هذه اللغة وفعلاً حلّ من هذه الرموز 10 علامات وثلاثة أسماء وقد انقسم العلماء ما بين مؤيد ومعارض ولكن كروتفند شجع حوالي أحد عشر عالماً على الإبحار في فك رموز الكتابة المسمارية ونجح كثير منهم في ذلك

من العلماء الذين ساهموا في فك الرموز ؟

العلماء الذين ساهموا في فك الرموز كثير، منهم:

وليم فوكس تالبوت Talbot
إدوارد هنكس  Hincks
هنري رولنسون Rawlinson
يوليس أوبرت  Oppert

أسطوانة الرسام أسطوانة مسمارية، تشكل مسلة ذات 10 جوانب، كتبها الملك الآشوري آشوبانيبال في 643 قبل الميلاد. المتحف البريطاني

الالواح الطينية والاشوريون

كان الملك آشوربانيبال (668-626 ق.م) من أكثر ملوك العهد الآشوري ثقافة. فجمع الكتب من أنحاء البلاد وخزنها في دار كتب قومية خاصة شيّدها في عاصمته نينوى بالعراق. وجمع فيها كل الألواح الطينية التي دونت فوقها العلوم والمعارف والحضارة العراقية القديمة. وكان البابليون والسومريون والآشوريون بالعراق يصنعون من عجينة الصلصال (الكاولين) ألواحهم الطينية الشهيرة التي كانوا يكتبون عليها بآلة مدببة من البوص بلغتهم السومرية. فيخدشون بها اللوح وهو لين. بعدها تحرق هذه الألواح لتتصلب.


تطور الكتابة المسمارية

تظهر أصول الكتابة خلال بداية مرحلة الفخار في العصر الحجري الحديث، عندما تم استخدام الرموز الفخارية لتسجيل كميات محددة من الماشية أو السلع؛ وتم طبع هذه الرموز في البداية على سطح المغلفات الطينية المستديرة ثم تخزينها فيها، ثم تم استبدال الرموز بشكل تدريجي بأقراص مسطحة، ومن ثم تسجيل العلامات عليها بقلم؛ تم تسجيل الكتابة الفعلية لأول مرة في أوروك، في نهاية الألفية الرابعة قبل الميلاد، وبعد فترة وجيزة في أجزاء مختلفة من الشرق الأدنى.

لوح طيني يعود الى 4000 سنة 

كان نظام الكتابة المسمارية مستخدمًا لأكثر من ثلاثة آلاف عام، خلال عدة مراحل من التطور، من القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد وحتى القرن الثاني الميلادي؛ في النهاية، تم استبدالها بالكامل بالكتابة الأبجدية (بالمعنى العام) في سياق العصر الروماني، ولا توجد أنظمة مسمارية في الاستخدام الحالي، وكان لا بد من فك شفرته كنظام كتابة غير معروف تمامًا في علم الآشوريات في القرن التاسع عشر؛ ويرجع تاريخ الانتهاء الناجح من فك رموزه إلى عام 1857م.

 

اختيار المحررين