رياضة

المخدرات.. "عالم سفلي" يحكمه أمراء الخراب

4168 مشاهدة
01:13 - 2021-07-01
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز / تقارير

يعرف المتخصصون المخدرات علميا بانها مادة كيميائية تسبب النعاس والنوم أو غياب الوعي المصحوب بتسكين الألم ، ويعرفها القانون على انها مجموعة من المواد تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي ويحظر تداولها او زراعتها او صنعها إلا لأغراض يحددها القانون ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك، وهي كل مادة يترتب على تناولها إنهاك للجسم وتأثير خطير على العقل حتى تكاد تذهب به لتكون عادة الإدمان, وتجرمها القوانين الوضعية.

رسم بياني يوضح نسب التعاطي بحسب الفئات العمرية

ويفسر اطباء علم النفس إدمان المخدرات والتعود عليها، بانه حالة تسمم دورية أو مزمنة ، تلحق الضرر بالفرد والمجتمع وتنتج عن تكرار تعاطي عقار طبيعي أو مصنوع، ويتميز الإدمان بانه رغبة ملحة أو قهرية في الاستمرار بتعاطي العقار والحصول عليه بأية وسيلة كانت والتعود على المخدرات فيتم تعريفها بأنها حالة تنشأ عن تكرار تعاطي عقار مخدر.

ظاهرة تفشي المخدرات من اكبر المشكلات التي تواجه المجتمع في الفترة الاخيرة ، حيث تزداد كل عام اعداد المتعاطين والمدمنين  بين الجنسين، وحتى انها لم تعد مقصورة على الأغنياء فقط كما كان يحدث فى الماضى بل الامر اصبح يشمل فئات من الطبقات الفقيرة وربما بشكل أكبر من عدد الأغنياء المدمنين، كما كان تناول المخدرات يقتصر فى الماضي بصورة كبيرة على فئة الذكور اما الان فاصبحت فئة الإناث  تتعاطى المخدرات المختلفة وفقا لاحدث الدراسات.

خشخاش وأفيون و"صفر واحد" وكرستال وغيرها ، اسماء ووصفات لمواد مخدرة وخطيرة ستفتك بالمجتمع ان لم يتم وأدها قبل ان يجن جنون متعاطيه.

انواع المخدرات :
• المخدرات المسكنات الأفيونية: وهى التى تشمل كل مشتقات مخدر الأفيون بأشكاله المتنوعة على سبيل المثال الهيروين والمورفين.

• المخدرات المسكنة غير الأفيونية: مثل المشروبات الكحولية بكافة أنواعها.

• المخدرات المنبهة: مثل مخدر البانجو والحشيش و الكوكايين.

• المخدرات المهلوسة: مثل الاكستاسى و الترامادول وغيرها من الانواع الاخرى.

تقسيم المخدرات :

• مخدرات طبيعية ومنها الأفيون و الحشيش والبانجو والتبغ.

• مخدرات صناعية وهى التى يتم استخلاصها من النباتات مثل المورفين و الهيروين.


والى وقت ليس ببعيد لم تكن المخدرات قد دخلت الى العراق واصبحت ظاهرة ، لاسباب عديدة ابرزها عدم تقبل المجتمع العراقي بكل فئاته لفكرة تعاطي المخدرات، حيث ان ثقافة المزاج لدى العراقيين كانت رافضة لفكرة المخدرات على عكس دول عربية واقليمية تفشت عندها ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها منذ زمن بعيد واصبحت ثقافة لمزاج شعوب تلك الدول .

خشخاش وأفيون و"صفر واحد" وكرستال وغيرها ، اسماء ووصفات لمواد مخدرة وخطيرة ستفتك بالمجتمع ان لم يتم وأدها قبل ان يجن جنون متعاطيها ،فلا وقت حتى للوقت.. وبدت الظاهرة "ثقافة" بين الشباب ووصلت الى الجامعات والمدارس ايضا .

كيف دخلت المخدرات الى العراق ومن سهّل دخولها وهل من اسباب سياسية دولية ومحلية وراء تسهيل دخولها والاتجار بها داخل العراق في ظل قانون صارم ؟

تشير تقارير لمكتب مكافحة المخدرات التابع للأمم المتحدة أن هناك ممرين رئيسيين لدخول المخدرات الى العراق والذي تحوَّل بعدها إلى محطة تصدير تستخدمها عصابات المخدرات، مستفيدة من بعض الثغرات في الحدود. 

صور من الأرشيف تظهر كميات هائلة من الحبوب المخدرة يتم الاستيلاء عليها ومصادرتها واحالة تجار مخدرات إلى المحاكم المختصة

مجاميع إيرانية وافغانية تستخدم الممر الأول عبر الحدود الشرقية التي تربط العراق مع إيران، أما عصابات تهريب المخدرات من منطقة وسط آسيا فتستخدم الممر الثاني وصولا إلى أوروبا الشرقية إضافة إلى ذلك هناك الممرات البحرية الواقعة على الخليج العربي الذي يربط دول الخليج مع بعضها، وتؤكد التقارير أن العراق لم يعــد محطة ترانزيت للمخدرات فحسب، وإنما تحوَل إلى منطقة توزيع وتهريب، وأصبح معظم تجار المخدرات في شرق آسيا يوجهون بضاعتهم نحو العراق، ومن ثم يتم شحنها إلى الشمال، حيث تركيا والبلقان وأوروبا الشرقية، وإلى الجنوب والغرب، حيث دول الخليج وشمال أفريقيا.

تفشي ظاهرة تجارة المخدرات وتعاطيها في العراق بدت جلية بعد عام 2003، ويقول عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي: أن "دخول المواد المخدرة إلى العراق من الدول المجاورة وحتى الأماكن البعيدة عن طريق الجو زاد بشكل مكثف، بسبب عدم ضبط الحدود وغياب الرقابة الحقيقية وإهمال هذا الملف"، ويؤكد أن "العراق بات معبراً للمواد المخدرة باتجاه دول أخرى كما أنه مستهلك لهذه المواد بكميات كبيرة"، لافتاً إلى أن "الأرقام الحقيقية أكبر بكثير من الواقع، فهناك أرقام تتحدث عن أن 40 أو 50% من شباب المحافظات العراقية والعاصمة بغداد يتعاطون المخدرات، وتفيد معلومات بدخولها إلى الجامعات والمدارس ". 

ويضيف البياتي، ان تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات ومن ثم التحول للإتجار بها مرتبطة بالاقتصاد العام في البلد، حيث أن الاقتصاد الضعيف يدفع بالضحية التي تعاني من ضغوط نفسية إلى تعاطي المخدرات للتخلص من تلك الضغوط، وهذه العملية يشوبها الاستغلال من خلال اغراء المتعاطين بأموال للتعاون من التجار فيتحول الشخص من متعاطٍ إلى منسق أو متاجر بالمخدرات وهذه  الأموال متأتية من تجارة المخدرات  وهي كثيرة وسهلة في ظل غياب المشاريع الاقتصادية وفرص الاستثمار والتجارة العامة. 

لابد من وضع عقوبات صارمة بحق متاجري المخدرات " امراء الخراب " والولوج الى عالمهم "السفلي" وكشف من يقف وراء زراعة الموت في شبابنا.

القانون العراقي والمؤسسات المعنية بمكافحة العراق كلها تعمل على محاربة هذه الظاهرة واعتقال المتجارين بها والمتعاطين وفق احكام قانون تجارة وتعاطي المخدرات النافذ ،وهناك انجازات كبيرة للمؤسسة الامنية في هذا المجال، حيث يقول العميد عماد جبر حسين، مدير العلاقات في مديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية : ان الموقوفين على ذمة قضايا تعاطي أو تجارة المخدرات حتى نهاية العام 2020، كالاتي :

 "أكثر من 200 موظف ألقي القبض عليهم في هذا الشأن، ونحو 1000 عسكري و200 طالب، لكن النسبة الأكبر من المعتقلين من أصحاب الأعمال الحرة ويصل عددهم إلى أكثر من 6 آلاف شخص"ويضيف، حسين ان "النسبة الأكبر من المتعاطين البالغين أكبر من الاحداث فيما يخص الذكور، من مجموع أكثر من 7 آلاف رجل ألقي القبض عليهم. 

وزارة الصحة من جانبها تعمل على بناء القدرات البشرية من الأطباء والباحثين والممرضين العاملين في وحدات علاج وتأهيل ضحايا الإدمان ضمن الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية التي تتولى وضع خطط لمكافحة المخدرات، فضلاً عن وضع آليات لتنظيم الاستعمال الطبي للمواد المخدرة ومنع الاستعمال غير القانوني لها. 

ويشير الطبيب النفسي عماد عارف، أن "مستشفى ابن رشد وهو مستشفى متخصص بعلاج حالات الادمان والحالات النفسية  فيه 30 سريراً لعلاج الإدمان، وفي مركز معالجة الإدمان في البصرة يوجد 40 سريراً وسيتم فتح مركز متخصص في كل المحافظات ، وان هناك مراكز تأهيل مهني فتحت لاستقبال المدمنين بعد إكمالهم العلاج النفسي"، مبيناً أن "دور وزارة الصحة يتمثل بالوقاية والتحصين من هذه الآفة عبر التثقيف والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني في إقامة محاضرات وورش وتوزيع مطبوعات لحماية الشباب من المخدرات خاصة طلاب المدارس والكليات".

وسط تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها في العراق اصدرت منظمة اليونيسيف  تقريرا حذرت فيه من أن مشكلة الإدمان على المخدرات تتجه لتصبح مستعصية ان لم تتضافر جهود جميع المؤسسات المعنية للقضاء على هذه الآفة الخطيرة ، كما اوضح التقرير ان نحو 10 % من متعاطي المخدرات هم دون سن البلوغ.  

من الأرشيف صورة تظهر عملية تهريب حبوب مخدرة عبر حمام الزاجل

الهيئة الوطنية لمكافحة المخدرات في العراق أبدت قلقها هي الاخرى من تزايد أنشطة عصابات تهريب المخدرات داخل العراق ،واكدت أن آفة المخدرات والمواد ذات التأثير النفسي أصبحت عاملا آخر يضاف إلى طرق الموت العديدة التي تستهدف شريحة الشباب العراقي كل يوم وتنذر بتخلي البلد عن موقعه ضمن قائمة الدول الفتية، ودماراً آخر يزيد من أعباء الحكومة الجديدة، كما أعلنت وزارة الصحة عن حدوث العديد من حالات الوفاة الناجمة عن تعاطي المخدرات، وأغلبها وقعت في محافظة كربلاء، بعدها تأتي محافظات ميسان وبغداد وبابل وواسط. 

 قانون المخدرات العراقي رقم (68) لسنة 1965 حرَّم المتاجرة وصناعة المخدرات والاستخراج والتحضير والحيازة والتقديم والعرض للبيع والتوزيع والشراء ولا يجوز المتاجرة بالمخدرات والمستحضرات الحاوية على مخدرات مهما كان نوعها.. ونصت المادة  (14) من قانون المخدرات : يعاقب المخالف لأحكام المادتين التاسعة والعاشرة من هذا القانون بغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة.

وهي تتعلق بمسك الصيدلي لسجلات خاصة بوصفات المخدرات الطبية وفي المادة نفسها الفقرة (ب) يعاقب بالإعدام او بالسجن المؤبد وبمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة مَن ارتكب بغير أجازة من السلطات المختصة فعلا من الأفعال التالية: استورد أو صدَّر او تاجر بأية صورة من صور المخدرات او أنتجها او صنعها بقصد الاتجار بها أو باعها او سلمها للغير او تنازل له عنها بأية صفة كانت ولو كان ذلك بغير مقابل او توسط في أية عملية من العمليات وحيازة المخدرات أو إحرازها او شراؤها او تسليمها بأية صفة كانت بقصد الاتجار بها وزراعة نباتات القنب وخشخاش الأفيون والقات وجنبة الكوكا او نقل نبات من هذه النباتات في أي طور من الأطوار وتكون العقوبة الإعدام إذا عاد المتهم الى ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (ب) بعد ان سبق الحكم عليه في جريمة عنها وإذا كان المتهم قد ترأس جماعة لارتكاب هذه الأفعال وإذا كان المتهم من موظفي او مستخدمي الكمارك او من الموظفين او المستخدمين العموميين المنوطة بهم مكافحة المواد المخدرة او الرقابة على تداولها او حيازتها او كان من الموظفين او المستخدمين العموميين الذين لهم بهذه المواد اتصال من اي نوع كان وإذا كان المتهم من أفراد القوات المسلحة العراقية او مستخدماً فيها او كان يعمل معها او لمصلحتها ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة ولا تقل عن الحبس لمدة ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على ألف دينار ولا تقل عن خمسمائة دينار من حاز أو أحرز المخدرات او زرع نبات القنب وخشخاش الأفيون والقات وجنبة الكوكا وكان ذلك بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي، وإذا كان المتهم من افراد القوات المسلحة العراقية او مستخدماً فيها او كان يعمل معها او لمصلحتها فتكون العقوبة السجن المؤبد او السجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات والغرامة التي لا تتجاوز ألفي دينار ويجوز الحكم عليه بالإعدام إذا وقعت الجريمة أثناء مجابهة العدو.

وقبل القانون والعقوبة لابد من وقفة مجتمعية تعيد للشباب الثقة وتقف على مشكلاته والتحديات التي يواجهها وتكون سندا وعونا للمؤسسات المعنية بمكافحة هذه الافة الخطيرة الدخيلة على مجتمع مؤمن متماسك، وايضا لابد من وضع عقوبات صارمة بحق متاجري المخدرات " امراء الخراب " والولوج الى عالمهم "السفلي" وكشف من يقف وراء زراعة الموت في شبابنا ، فضياع عقولهم يعني ضياع المستقبل وبالتالي ضياع بلد باكمله .. بلد يصارع على عدة جبهات في ظل تحديات لاحصر لها ومكشلات معقدة، وقد تحل كلها بالسياسة والقرارات التي تنفع المواطن الا المخدرات فانها بذرة ان نمت واستفحل ثمرها ستقضي على الحرث والنسل وعلى ما تبقى من قيم اخلاقية وتعاليم سماوية اسست لمجتمعات تليق بتاريخ وحضارة بلدانها .. لسنا يائسين ، فالامل معقود بالحكماء والعقلاء والموجهين وبالقانون ايضا .


 

اختيار المحررين