رياضة

هل سنصل الى مرحلة تجريم النقد وحرية التعبير؟!

466 مشاهدة
05:36 - 2025-01-11
تقاریر و تحقیقات

شهدت السنوات الثلاث الاخيرة تزايدا ملحوظا باجراءات التضييق على صناع الراي مثل الناشطين المدنيين والصحفيين والاعلاميين تمثلت برفع الدعاوى ضدهم والزج بهم في السجون بتهم باتت تعرف بجرائم النشر والتشهير.
أما على المستوى غير الظاهر للعيان وبحسب تاكيدات ادلى بها متضررون فقد تعرض العديد من الاشخاص وبخاصة المطالبين بتحقيق العدالة والمساواة وحصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الفساد والمفسدين الى تهديدات بالتصفية بشكل مباشر من خلال العصابات المنظمة التي تقودها بعض الجهات المتنفذة في محاولة لاسكات هذه الاصوات وانهاء دورهم برفع التوعية المجتمعية الساعية لتحسين واقع الحياة العامة.

يببدو من معطيات الاحداث ان العراق مقبل على سياسة جديدة مفادها يرى المواطن ما تراه الحكومة ولا يرى المواطن ما لاتراه الحكومة

 حرية التعبير تعيش اليوم تحجيما واسع النطاق وبطرق شتى لاذابة هذا المفهوم السلمي الذي تحول الى مصدر ازعاج للقادة والزعماء واذنابهم لكونه يمثل تهديدا يزحزح عروشهم التي شيدوها على جراحات العراقيين.
وفي هذا الاطار تحدث سكرتير الحزب الشيوعي رائد فهمي لوكالة "الداعي نيوز" بالقول: لاحظنا خلال الفترة الاخيرة تصاعدا بعمليات التضييق على الحريات ولاسيما الدعاوى القضائية والاجراءات التي طالت بعض الصحفيين لمنعهم من مزاولة العمل وايصال المعلومات للرأي العام فضلا عن الضغوط التي يتعرض لها الناقدون للمشروع السياسي والاداء الحكومي، مشيرا الى ان اهم الجوانب الرئيسية في الدستور العراقي هي الحقوق والحريات وبالاخص باب حرية التعبير عن الاراء والافكار بشكل حر وغير مقيد ومن دون اي تضييق على تطبيق الحريات التي كفلتها التشريعات لذلك نعتقد ان جميع الاجراءات التي تقوم بها السلطات تتنافى مع تصريحاتهم حول تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق الامن والاستقرار في البلد في ضوء ما تمارسه من مخالفات بكل الاصعدة.
واضاف فهمي ان العديد من الاجراءات التي طالت صناع الراي ليست دستورية وبعضها تمادت في استخدام الصلاحيات الادارية وفقا لاراء سياسية بحتة لذا ندعو مجلس النواب ولجانه المعنية الى متابعة هذه الحالات السلبية وتحديد الاتجاهات الصحيحة للدفاع عن مبادئ حقوق الانسان ورصد الانتهاكات ومنع الاجراءات التعسفية التي تطال المنظمات المدنية والصحفيين والناشطين وكل من يتعرض للظلم والاضطهاد لهذا نعلن تضامننا الكامل مع هذه الفئات المتضررة على امل تطبيق روح الدستور وتحقيق الحرية لجيع العراقيين.

 رائد فهمي/ سكرتير الحزب الشيوعي

ان ما يمتلكه صناع الرأي من صحفيين وناشطين واكاديميين لايعد شيئا مقابل مايمتلكه زعماء الكتل واحزاب السلطةمن ادوات تأثير سواء في وسائل الاعلام او مؤسسات الدولة فخصوم هؤلاء لايمتلكون سوى الكلمة والقلم والتظاهر المحدود والمقيد من قبل السلطات ورغم الفارق الشاسع بين امكانيات الطرفين الا ان خشية الاحزاب وقادتها من دور الكلمة يصل الى حد الذعر الواضح والذي يتجلي بملاحقتهن للصحفيين والاعلاميين قضائيا بدعاوي التشهير.

حرية التعبير تعيش اليوم تحجيما واسع النطاق وبطرق شتى لاذابة هذا المفهوم السلمي الذي تحول الى مصدر ازعاج للقادة والزعماء واذنابهم لكونه يمثل تهديدا يزحزح عروشهم التي شيدوها على جراحات العراقيين

وفي هذا السياق تعرض المحلل السياسي الدكتور محمد نعناع الى عدة دعاوى قضائية من هذا النوع لم يكن بمعزل هو شخصيا عنها، فقد تم اعتقاله لعدة اسابيع جراء اطروحاته الناقدة للاداء السياسي وما خلفه من تفشي الفساد والمحسوبية وعدم الاكتراث بمصلحة الشعب العراقي، حيث تحدث محمد نعناع  الى وكالة "الداعي نيوز" قائلا: لايمكن ان نبخس حق القانون والتقاضي بين الناس فهو حق مكفول دستوريا لتنظيم الامور العامة ولا يعترض عليه اي عاقل وخاصة من المطالبين بالحرية والديمقراطية، الا ان هذا المسار طوع لمصلحة احزاب وشخوص السلطة فقد حدثت في حكومة السيد السوداني محاولات حثيثة تحت عنوان الحفاظ على هيبة الدولة وحق التقاضي كان هدفها غير المعلن تكميم الافواه وهو ما يتنافى وروح القانون، مبينا انه تعرض شخصيا لهذه الحالات على خلفية حرية الرأي والتعبير التي مارسها كمتخصص في الشؤون السياسية، واضاف نعناع ان اغلب هذه الدعاوى جرى التعامل فيها خلافا للقانون من خلال مداهمة منازل الاشخاص المقامة ضدهم والقاء القبض عليهم بشكل مباشر دون استدعاء مسبق فضلا عن التفاصيل الاجرائية الخاطئة مثل عدم تكفيل المتهمين وتمديد مدة موقوفيتهم الى اسابيع عدة من دون اسباب معروفة رغم ان دعاويهم ليست ذات طابع ارهابي.

الدكتور محمد نعناع/ محلل سياسي

وبين نعناع ان الشخص المستقل الذي لايرتبط بحزب سياسي يلقى القبض عليه مباشرة ويودع بالتوقيف بينما من تقف خلفه جهة سياسية او ميليشيا مسلحة لايمس ولا يعتقل حتى وان قام بفعل مخالف، مشيرا الى ان الحكومة منفعلة بالحالة الشعبوية فكلما زاد الضغط الشعبي والاعلامي لاطلاق سراح معتقلي الرأي يجري تسوية قضاياهم مع القضاء بشكل منفعل وعاجل واذا لم تتعرض الى ضغوط فان مصير المعتقل سيبقى مغيب بالاعتقال وربما يدان ويلقى بالسجن كمجرم وهي حالة سلبية لا تعكس حق التقاضي وهيبة الدولة انما سياسة ممنهجة لتكميم الافواه عبر اصطيادهم بزلاتهم في الفضاء الاعلامي بطريقة خالية من البعد الاخلاقي وشرف الخصومة مما يهدد وجود الديمقراطية التي دفع العراقيون ثمنا باهضا لتحقيقها من خلال تغليفها باطار دكتاتوري وهي اخطر ما قد يواجه المجتمع العراقي لكونها انتكاسة كبرى تواجه الحريات العامة في البلاد.

ان العديد من الاجراءات التي طالت صناع الراي ليست دستورية وبعضها تمادت في استخدام الصلاحيات الادارية وفقا لاراء سياسية بحتة

 التضييقات لم تقتصر على ملاحقة المدونين او الناشطين وانما وصلت الى مرحلة الاجراءات الحكومية في دوائر الدولة من خلال وضع ضوابط صارمة لعدم وصول الصحفيين والاعلاميين الى هذه الدوائر وخاصة الخدمية منها الا بموافقات مسبقة مع اشتراطات بعدم اظهار اي جوانب سلبية تمس المسؤولين او تردي واقع المؤسسة باي شكل من الاشكال حتى وان كانت في ادنى حالات البؤس والانهيار فيما تقدم بعض الجهات رشى بعنوان مكافاة مالية لتجميل صورة المسؤولين في وسائل الاعلام وتفنيد كل الشبهات التي تدور حولهم وخاصة فشلهم بادء واجباتهم الوظيفية .
اما على مستوى المواطنين البسطاء فقد اجبرت تعليمات الدوائر الحكومية على تسليم هواتف المراجعين الذكية خشية من تصوير او تسجيل اي حالة سلبية داخل الشعب والاقسام حيث تبرر ادارات الدوائر هذا الاجراء بانه ياتي حفاظا على خصوصية الموظف وضمان عدم انشغال المراجع بالهاتف الذي قد يؤخر تقديم الخدمات العامة.

ويبدو من معطيات الاحداث ان العراق مقبل على سياسة جديدة مفادها يرى المواطن ما تراه الحكومة ولا يرى المواطن ما لاتراه الحكومة.

اختيار المحررين