رياضة

سعر البنزين يوسع الهوة بين الحكومة والفقراء

1631 مشاهدة
06:26 - 2024-03-29
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز /تقارير وتقارير

في خطوة مفاجئة وغير متوقعة اصدرت الحكومة قرارا برفع اسعار لتر البنزين المحسن الى 850 دينارا بدلا من 650 دينار، والممتاز الى 1250 دينارا بدلا من 1000 دينار، في وقت كانت جميع التوقعات تشير الى نية الحكومة تخفيض الاسعار مراعاة للجانب الانساني ولتحسين الوضع الاقتصادي وفقا لبرنامجها الخدمي المعلن وكذلك لردم الهوة المتسعة بينها وبين الطبقة الكادحة من ابناء شعبها، فعلى الرغم من اقتراب البلاد من عتبة الاكتفاء الذاتي في انتاج المحروقات بانواعها وانتفاء الحاجة للاستيراد الخارجي بادرت الحكومة الحالية وبدون سابق انذار الى مفاجأة الشارع بقرار ذو طابع ربحي على حساب الدخل المتواضع  للمواطن ما ولدَ إحباطا كبيرا لدى عموم العراقيين واستئنف فصلا جديدا من فصول انعدام الثقة الذي لم تخالف فيه الحكومة الحالية مثيلاتها من الحكومات المتواترة منذ 2003 .


ان المبرر الحكومي لاتخاذها قرار رفع سعر البنزين المحسن والممتاز يعود بالذاكرة الى تصريحاتها السابقة التي رافقت تغيير سعر صرف الدولار، حيث بررت ذلك بدعوى الاستفادة من فارق الصرف لدعم الشرائح الفقيرة، والحقيقة ان هذه الشريحة لم تجن اي فائدة بل على العكس فقد دفعت ثمن ذلك ارتفاعا في اسعار السلع والخدمات الاساسية التي لاتستطيع الاستغناء عنها لارتباطها بمعيشتها اليومية.

انتقاد القرار الحكومي الاخير لم يقتصر على عموم الشارع بل تعداه الى المراقبين للاداء الحكومي من المختصين، حيث اشار الخبير النفطي المهندس حيدر البطاط في مجمل حديثه مع "الداعي نيوز" الى ان قرار رفع اسعار الوقود لا يتلاءم مع ماجاء في المنهاج الحكومي الذي وضع في اولوياته دعم المواطن وتحسين واقعه المعيشي كذلك تطوير القطاع النفطي من خلال افتتاح مصافي جديدة مثل مصفى كربلاء او اعادة افتتاح مصافي قديمة كمصفى بييجي في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي وسد حاجة البلاد من المحروقات وبالتالي اغلاق ملف الاستيراد من الخارج وليتم بعدها تخفيض اسعار الوقود نظرا لرخص كلف الانتاج والتصنيع،  وتساءل البطاط لماذا تلجأ الحكومة الى رفع الاسعار في هذه المرحلة التي نشهد فيها توافر البنزين واغلب المشتقات النفطية المصنعة محليا ولماذا لم ترفع الاسعار عندما كانت الدولة تستورد البنزين من الخارج بمبالغ تتجاوز الخمسة مليارات دولار سنويا، داعيا مجلس الوزراء الى اعادة النظر بهذا القرار لعدم جدواه ومخالفته لقواعد العرض والطلب والتسبب بزيادة التلوث البيئي نتيجة استخدام البنزين العادي الذي يخلف انبعاثات غازية مضرة.

لماذا تلجأ الحكومة الى رفع الاسعار في هذه المرحلة التي نشهد فيها توافر البنزين واغلب المشتقات النفطية المصنعة محليا ولماذا لم ترفع الاسعار عندما كانت الدولة تستورد البنزين من الخارج بمبالغ تتجاوز الخمسة مليارات دولار سنويا

 بعض المختصين تناول القرار من زاوية اخرى فصل فيها بين المصلحة العامة للبلاد وبين مصلحة المواطن الخاصة حيث اكد خبير التنمية والاستثمار عامر الجواهري في حديث مع "الداعي نيوز" انه يفترض التعاطي مع قرار رفع سعر الوقود بعيدا عن العواطف والاراء الشخصية اذ يمكن تسخير الاموال المستحصلة عن الزيادة لسد نفقات اخرى مثل بناء المدارس والمستشفيات وانشاء مشاريع خدمية، لافتا الى ان القرار لن يتسبب باي اضرار على طبقة الفقراء كون المستهدف فيها الشرائح الميسورة التي تستخدم الوقود المحسن والممتاز للسيارات الفارهة، مبينا ان العراق وحتى بعد هذه الزيادة  فلن يصل لسعر المباع عالميا اذ ماتزال الدولة داعمة وتتحمل كلف مادية ترهق ميزانية الدولة ما يستدعي تطوير المنشات النفطية لتحقيق زيادة في الانتاج للحصول على كلف اقل للمنتوجات.

اما نائب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان حازم الرديني فقد بين ان قرار رفع سعر الوقود له سلبيات وايجابيات وكلاهما يرتبطان بمسالة اعتماد سعر الصرف في الموازنة بقيمة 130 الف دينار، وقال الرديني في حديث مع "الداعي نيوز"  ان الحكومة تعاني من مشاكل عديدة في مقدمتها تمويل الرواتب اذ تشكل الغالبية العظمى من حجم الموازنة التشغيلية لافتا الى ان الازمة تفاقمت بعد تعيين اكثر من 700 الف شخص على ملاك الدولة خلال العام الماضي الامر الذي يتطلب توفير مبالغ لسد نفقات الرواتب وهو ما دعا الحكومة الى رفع الدعم عن مادة البنزين لتحقيق ايرادات مالية، مبينا ان 80 بالمئة من اصحاب المركبات لن يتضرروا لان الزيادة اقتصرت على البنزين المحسن الذي يستخدمه اصحاب السيارات الفارهة، لافتا الى ان المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان يضع في اولوياته مصلحة المواطن اثناء المعالجات ويرفض ارهاق كاهل الشرائح الفقيرة باجراءات قد تفاقم اوضاعهم المعيشية، ودعا الرديني الحكومة الى النهوض بالقطاع الخاص لتحقيق التكافؤ الاقتصادي مابين افراد المجتمع.

اكد اكثر اصحاب مركبات النقل والاجرة ان الحكومة تعمل من خلال قراراتها الاخيرة على استغلال الشارع لكسب ايرادات مالية تذهب الى جيوب المتنفذين ولن يصل خزينة الدولة منها الا الفتات

وبعيدا عن اراء الخبراء والمختصين فقد جاءت استطلاعات الراي مخالفة لما يطرحه بعض المعنيين حيث اكد اكثر اصحاب مركبات النقل والاجرة ان الحكومة تعمل من خلال قراراتها الاخيرة على استغلال الشارع لكسب ايرادات مالية تذهب الى جيوب المتنفذين ولن يصل خزينة الدولة منها الا الفتات فقرار وضع كاميرات مراقبة لتسجيل الغرامات بشكل مجحف في ظل طرق وشوارع لا ترتقي لابسط مقومات السير، فضلا عن استيفاء مبالغ باهضة عن الغرامات ربما تعادل ثمن السيارة في حال تكرارها لعدة مرات، فهذا القرار لايختلف من حيث استهدافه جيوب المواطنين عن قرارها الاخير برفع اسعار الوقود المحسن والممتاز والذي تستخدمه اكثر سيارات الاجرة والخصوصي ذات المحركات الصغيرة وخاصة الماركات الايرانية والصينية والكورية ما يؤكد بطلان فرضية الحكومة وبعض الخبراء لان السيارات الفارهة تستخدم البنزين العادي وليس المحسن نظرا لحجم محركاتها وتقنياتها المتطورة.

اختيار المحررين