رياضة

مراكز التجميل .. موتٌ يتربص بالجمال

7382 مشاهدة
11:46 - 2022-02-06
تقاریر و تحقیقات

الداعي نيوز / تحقيقات وتقارير  

مراكز تجميل مرخصة واخرى غير مرخصة، تنتشر في عموم مدن العراق في ظاهرة لم يعهدها البلد من قبل، حتى إن بعض صالونات الحلاقة النسائية تحولت إلى مراكز تجميل تجرى فيها العمليات التجميلية الجراحية ، التي من المفترض أن يجريها طبيب مختص أو أخصائي في التجميل، ما ولَد أخطاء كارثية، ووفيات لكلا الجنسين، بسبب غياب المهنية والمواد الرديئة المستخدمة وغياب الدور الرقابي للدوائر المختصة بمتابعة هذه المراكز .

عمليات تجميل الأنف تحتل المرتبة الأولى بين عمليات التجميل في العراق

تقول ش.ن وهي موظفة في القطاع الصحي، ولديها (40 عامًا)، أن عمليات التجميل والاعتناء بالشكل الصحي الجميل أصبحت ضرورة من ضروريات الحياة، ولا بد لكل سيدة أن تعتني بشكلها، وأن عمليات التجميل شهدت قفزة كبيرة في علاج الحالات المرضية في الوجه أو الجسم عموما ، مؤكدة أنها تتابع كل ما هو جديد في عالم التجميل، وتختار بعناية الأطباء والمراكز الموثوق بها،
وتردف بالقول : " لكن كثيرمن ضعفاء النفوس أخذوا يمارسون المهنة، مستغلين جهل بعضهن، خصوصا أنهم يجرون العمليات بأسعار زهيدة ويستقطبون الناس نحو مراكزهم غير مجازة .

ويؤكد متابعون بأن أغلب تلك التدخلات الجراحية يجريها أشخاص غير مختصين أو مبتدئون، وانتقدوا استخدام مواد رديئة وغير فعّالة، مشيرين إلى أن غالبية الدعاوى المعروضة أمام المحاكم من مكتب المفتش العام لوزارة الصحة تتعلق بالأخطاء الطبية.

ناشطون ومهتمون بهذا الشان قالوا "أن هناك مستشفيات ومراكز تجميل لا تمت للخدمة الطبية بصلة، وهي توهم زبائنها بأن لديها الحل السحري لعلاج مشاكلهم لكنها في الحقيقة عبارة عن "قصابة بشرية"

نقيب الأطباء العراقيين جاسم العزاوي يكشف عن وجود اكثر من 400 مركز تجميل غير مرخص في العاصمة بغداد وحدها منها ماهو مرتبط بشخصيات سياسية. 

حادثة وفاة شابة عراقية في أحد مراكز التجميل في العاصمة العراقية بغداد،اثارت موجة واسعة من الغضب والجدل على منصات التواصل الاجتماعي بعد هروب الطبيب المسؤول وفريقه الطبي وغلق هواتفهم.

والشابة إيمان جواد والبالغة من العمر 25 عامًا كانت قد قصدت أحد مراكز التجميل لإجراء عملية شفط للدهون في  منطقة الأرداف لكنها خرجت جثة هامدة ،وقالت والدة إيمان ، بأن ابنتها دخلت عيادة التجميل وهي بصحة جيدة ولم تكن تعاني من أي أعراض، لكنهم فوجئوا بأن العملية استمرت 6 ساعات دون أن يطمئنهم أحد على الوضع الصحي لابنتهم ، ليكتشفوا بعدها أنه جرى نقل  إيمان إلى مدينة الطب دون علمهم بعد 3 ساعات من عمر العملية، حيث اختفى الطبيب المسؤول والكادر الطبي .

 

عمليات نحت الجسم وشفط الدهون من أكثر عمليات التجميل التي تسببت بوفاة الأشخاص

ويبدو ان قلب إيمان قد توقف خلال العملية، بعد ان وجد أن شيئا قد اخرق كبدها مع وجود كدمات كثيرة في جسمها ، واكد أشقاؤها بأن الطبيب أغلق هواتفه الخاصة وهرب ولا يملكون أي وسيلة تواصل معه منذ وقوع الحادثة، فيما طالبت شقيقتها وزير الداخلية بالتدخل لمحاسبة المسؤولين ،و عبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من تكرار حالات ضحايا عمليات التجميل التي تجرى في مراكز طبية غير معتمدة ودون رقابة مشددة من وزارة الصحة في العراق.

ومع تكرار حدوث وفيات أثناء إجراء العمليات الجراحية التجميلية أو بسبب مضاعفاتها في العراق، أثار متخصصون أرقاما صادمة عن مراكز التجميل غير المرخصة في البلاد.وكانت آخر هذه الحوادث وفاة المواطنة العراقية إيمان جواد، 25 عاما.

نقيب الأطباء العراقيين، جاسم العزاوي، علق على أسباب زيادة وفيات عمليات التجميل بالعراق، كاشفا عن وجود اكثر من 400 مركز تجميل غير مرخص في العاصمة بغداد وحدها، منها ماهو مرتبط بشخصيات سياسية، مشيرا الى انه تم إغلاق 190 مركز تجميل مخالفا في الربع الثاني من 2021.  

وبين العزاوي، جملة أسباب تقف وراء تزايد حالات الوفاة خلال عمليات التجميل، منها أن يكون الطبيب غير متدرب في هذا المجال أو لم يأخذ احتياطاته بشكل صحيح، أو أن يكون منتحلا لصفة الطبيب ، مضيفا أن مثل هذه العمليات هي خطيرة بحد ذاتها ومن شأن مضاعفاتها أن تؤدي إلى الوفاة.

خبيرة التجميل رشا الحسيني والتي فارقت الحياة بسبب كمية العقاقير التي تناولتها

وفتحت حوادث الوفيات جراء عمليات التجميل ملف ضعف الرقابة على  مراكز التجميل في العراق وغياب الضوابط الطبية الصارمة لتنظيم عملها ، في ظل انتشار العيادات والمراكز التجميلية الوهمية وغير المرخصة في البلاد، والتي يديرها من يفترض أنهم أطباء لكنهم قد يحملون حتى شهادات مزورة أو مشتراة، والربح المادي هو هدفها الأول.

لقد أصبحت العمليات التجميلية كابوسا ليس له علاقة بالجمال بسبب أخطاء طبية قد تبدو بسيطة إلا أنها تترك أثرا لا ينسى في الوجه، وربما يحتاج إلى مزيد من العمليات الجراحية لإصلاح ما أفسدته "عروض التجميل"

الأخصائي في  الجراحة التجميلية حسان علي الأسعد يقول انه "يمكن تبسيط شرح الخطأ الطبي في الجراحة وتحديده في شيئين: إجراء عملية جراحية لمشكلة غير موجودة، أو القيام بإجراء جراحي بطريقة تخرج عن الأسس الجراحية السليمة، وهما متعلقان تماما وبشكل كامل بالجراح الذي يتحمل مسؤوليته ،مشيرا الى ان هناك مضاعفات وتأثيرات جانبية خطيرة وكذلك طفيفة للعمليات الجراحية ومنها التجميلية والتي ترتبط بجملة عوامل متعلقة بالحالة الصحية للمريض، وهذا ما لا يتحمل وزره الأطباء الجراحون، لكن عادة ما يتم تحميلهم المسؤولية حتى عن مثل هذه المضاعفات من قبل ذوي ضحايا تلك العمليات " بحسب قوله .

لقد أصبحت العمليات التجميلية كابوسا ليس له علاقة بالجمال بسبب أخطاء طبية قد تبدو بسيطة، إلا أنها تترك أثرا لا ينسى في الوجه، وربما يحتاج إلى مزيد من العمليات الجراحية لإصلاح ما أفسدته "عروض التجميل".

القاضي عامر خلف، قال إن العراق شهد أخيرا تزايداً ملحوظاً في الأخطاء الطبية الناتجة عن عمليات التجميل، وأرجعها إلى انتشار مراكز التجميل غير المرخّصة في بغداد خصوصا، وبقية المحافظات، وممارسة المهنة من غير المختصين، رغم خطورتها والتي تسبب الوفاة أحيانا، مضيفا ، ان مسؤولية طبيب التجميل الجزائية والمدنية نتيجة الأخطاء لا تختلف عن مجالات الجراحة الأخرى، فيما اكد توجه المحاكم العراقية نحو تشديد العقوبة بحق جراحي التجميل عند وقوع الضرر، حيث أن التحقيقات في حوادث الوفاة بعمليات التجميل اثبتت استخدام مواد رديئة في الجراحات التجميلية، وإهمال الفحوصات التي يجب أن تنجز قبل العمليات، مشيرا الى ان  أبرز تلك  الأخطاء تتمثل في التشوهات، أو مضاعفات ما بعد العملية التجميلية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة، لاسيما عمليات "شفط الدهون".

الشابة ايمان ذات ٢٥ عاما إحدى ضحايا عمليات شفط الدهون

وتقول قاضية محكمة الجنح في الكرادة ، ذكرى جاسم، أن الأخطاء الطبية الناتجة عن العمليات الجراحية كثيرة، لكن شكاواها في العادة لا تصل إلى مرحلة المحاكمة، إذ يحصل تنازل في مرحلة التحقيق أو تسوية بين الأطراف المتنازعة قبل اللجوء إلى القضاء بسبب التدخل العشائري، مبينة ان عادات المجتمع العراقي بعدم المجاهرة بالأخطاء الطبية الناتجة عن العمليات التجميلية من أبرز أسباب عدم اللجوء إلى المحاكم، إضافة إلى قلة الوعي القانوني لدى بعض المواطنين.

جوسلين ويلدنستين المراة الشهيرة الملقبة بـ "المرأة القطة"

واوضحت جاسم، بأن معظم دعاوى محاكم الكرادة من هذا النوع يرفعها مفتش عام وزارة الصحة ضد مراكز التجميل، لان أن أغلبها تقع نتيجة فتح هذه المراكز أقساما طبية غير مجازة، وأن المحاكم العراقية تحاسب المخالف وفق أحكام المادة (240) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969، على اعتبار أن تلك المراكز افتتحت خلافا للموافقات التي يجب اتباعها.

نساء ورجال ،وفيات وتشوهات وكوابيس، هذا ماخلفته مراكز التجميل في العراق، فبدلا من ان تجمل شوهت وبدلا من ان يخرج من اجرى عملية جراحية تجميلية بابهى صورة يخرج جثة هامدة، وسط غياب واضح للدور الرقابي الحكومي ، وعلى مايبدو ان تلك المراكز ليست مجرد مراكز لاشخاص عاديين يديرونها ،بل يقف خلفها متنفذون او سياسيون ، وان استمر الحال على ماهو عليه فسنشهد المزيد من الوفيات وهروب الاطباء.. والصمت الحكومي .
  

اختيار المحررين