السوداني يطلق حملة إعمار وتطوير الخدمات في كل انحاء البلاد

299 مشاهدة
11:29 - 2023-03-18
محلي


الداعي نيوز / بغداد


أعلن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، اليوم السبت، إطلاق حملة وطنية شاملة للبناء والإعمار وتطوير الخدمات في كل أنحاء البلاد، مشددا على حصر السلاح بيد الدولة.

جاء ذلك خلال مقال له هذا نصه:
تمرُّ علينا هذه الأيام الذكرى العشرون لسقوط النظام الديكتاتوري السابق، بما فيها من آلامٍ ومآسٍ وما حفَّتها كذلك من آمال بالخلاص من القهر والظلم والانطلاق نحو الانعتاق والازدهار. إنَّ سقوط النظام المدوي الذي وقع في مثل هذه الأيام قبل عشرين عاماً كان نتيجة لعقود متمادية من القمع والاستبداد وسوء الإدارة، والاستهتار بمقدرات البلاد والاستهانة بالإنسان العراقي وكرامته، كان نتيجة التخيلات الهوجاء ومحاولات التجاوز والاعتداء داخلياً وخارجياً. لقد كان سقوط النظام نتيجةً حتمية لأسلوب إدارة البلاد التي اتبعها، وفشله في تقدير قوته وقوة خصومه. 

وبدل أن تنطلق البلاد في نهضة كانت تنتظرها وتأخرت كثيراً، وقعت في سلسلة من الأحداث والمشاكل التي عادة ما تواجهها البلدان بعد خروجها من قبضة نظام استبدادي أهوج، إلى فضاء من الحرية والانفلات بلغت حد الفوضى أحياناً.
لقد أخذت هذه الظروف كثيراً من الوقت وذهبت بكثير من آمال الناس بالحرية والخلاص والتقدم. لقد آن الأوان لتضميد الجروح والانطلاق نحو مستقبل زاهر لشعب مقدام يستحق كل الخير. 

لقد صبر شعبنا كثيراً وضحَّى بأعز ما يملك وقدَّم قوافلَ الشهداء من أجل تحرير الإنسان والأرض وتطهيرها من رجس الإرهاب والاستبداد. واستطاع أن يصوغ لنفسه دستوراً جعل الإنسان العراقي (رجلاً وامرأة) محورَه الأساسي وهدفَه المركزي وضمن حقوقه في الحرية والكرامة والمساواة. 

لقد فتح الدستور الطريق أمام بناء دولة المواطنة المتساوية التي يجب أن تبقى هدفنا جميعاً، ونسعى إليها رغم الصعاب والتحديات. كما ضمن سيادة البلاد واستقلالها والمحافظة على وحدتها.


إنَّ شعبنا بانتظار النهضة التي يرى شروطها متوفرة في بلاده بأحسن حال. لا تعوزنا الموارد البشرية والكفاءات العلمية. ولا تنقصنا الثروات الطبيعية وغير الطبيعية، وهكذا الأرض الطيبة والنهران الخالدان؛ دجلة والفرات، والموقع الجغرافي، الذي يحتل أكثر المواقع استراتيجية وأهمية على خريطة العالم. كل ذلك جعل العراق يحظى بمكانة خاصة على مدى التاريخ وكان منارة العلم والأدب والمعرفة على مدى قرون يقصده العلماء وطلاب المعرفة من الأنحاء. لقد حان الوقت لأن نستحضر هذه المفاخر لتكون دافعاً قوياً نحو استعادة دور العراق كبلد يقف في صدارة بلدان العالم.

إن هذا ليس مجرد آمال تداعب الخيال، بل لا بد أن تتحول إلى واقع ملموس، وشعبنا قادر على ذلك بعون الله. إن ما ينقصنا هو وضع الخطط العلمية والبرامج العملية. والعمل على تنفيذها بشكل صارم وفي كل المجالات.

إننا نقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة نسعى أن تكون فاتحة خير وازدهار، ونعمل بكل جد على ذلك. لقد وضعنا برنامجاً متكاملاً لمعالجة أكثر المشاكل إلحاحاً. وتحركنا منذ اللحظة الأولى لإزالة العقبات التي تعيق حركة البلاد نحو الأمام وتمنعها من النهوض. وكان الفساد المالي والإداري أحد هذه الموانع الرئيسية. ولهذا بادرنا منذ الأيام الأولى إلى استهدافه وملاحقته، ضمن خطة متكاملة سنتابعها باستمرار، ونستهدف مراكزه وأدواته أينما كانت. وهنا أتطلع إلى مساعدة كل الخيرين في دوائر الدولة وخارجها، وكل الحريصين على أن يقفوا إلى جانب الدولة ومؤسساتها المخلصة في هذه المواجهة التي لا تقل خطورة عن الإرهاب.

نحن عازمون على إعادة بناء العراق ضمن رؤية واضحة المعالم، وخريطة طريق مرسومة ترتكز على عدة مراحل. وقد بدأنا المرحلة الأولى بحشد طاقات الدولة نحو البناء والإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفقر، كما أوضحناها في برنامجنا الحكومي الشامل الذي حددنا فيه الأولويات. 

والمرحلة الثانية هي التنمية الاقتصادية والبشرية والعسكرية والأمنية.

ورغم التحديات الكبرى التي تواجهنا على الصعيدين الداخلي والخارجي، فإننا نملك الإرادة الصلبة على مواجهة التحديات، وإن المشاكل والظروف الصعبة التي مرَّ بها شعبنا طيلة هذه الفترة جعلته أكثر وعياً وأشد معرفة بما ينفعه حقاً فيتمسك به، وما يضره من صراعات واختلافات لا تعود عليه إلا بالفشل والتراجع على كل المستويات.

إن المحن والمصائب التي واجهها الشعب العراقي بكل مكوناته الكريمة زادته إيماناً، إن هويته العراقية هي الرباط المتين الذي يجب التمسك به وصار واضحاً أن الهويات الفرعية مهما كانت كريمة ومحترمة، فإنها لا يمكن أن تكون بديلاً عن الهوية الوطنية والخيمة العراقية الجامعة. فلا عز إلا تحت هذه الخيمة، ولا كرامة لأحد إلا بأن يكون العراق كله كريماً مصاناً مرفوع الرأس بين الأمم.

العراق اليوم عراق متصالح مع نفسه مسالم مع الآخرين، لا يريد إلحاق الأذى بأحد كما لا يسمح لأحد بالتعدي عليه.

 

اختيار المحررين