دفاع شرعي

09:27 - 2021-07-30
القاضي اياد محسن

الداعي نيوز / مقالات

 
العنف الذي تجيزه القوانين وتسمح للافراد ان يمارسوه والذي لا تعاقب عليه السلطات القضائية يسمى دفاعا شرعيا  او وبعبارة اخرى هو العنف الذي تسمح من خلاله القوانين للفرد بان يقتص من الاخر بنفسه في حال الاعتداء عليه بشروط منها  ان يكون الخطر الذي يتعرض له حال او وشيك  وغير مشروع وان يهدد النفس او المال وان لاتكون هناك فرصة للجوء للسلطات العامة لدفعه وان يكون الدفاع متناسبا مع الخطر ،  قضايا جنائية كثيرة تعرض على محاكم التحقيق والجنايات تكون فيها ظروف وشروط حالة الدفاع الشرعي مبهمة وغامضة وملتبسة بظروف اخرى قد لا يكون من السهل فك الالتباس فيها و الوصول للحقيقة ومن ثم تحديد ما اذا كان المتهم في حالة دفاع شرعي ام لا ومهمة تحديد ما اذا كانت ظروف وشروط حالة الدفاع الشرعي متوافرة للمتهم من عدمه تقع ضمن اختصاص محكمة الموضوع .

 
قانون العقوبات العراقي وفي المواد من ٤٢ لغاية ٤٦ تناول احكام الدفاع الشرعي بالتفصيل  الا ان القضايا التي تنظرها المحاكم على الاغلب تكون شائكة وغامضة فتحديدما اذا كان المتهم قد واجه خطرا حقيقيا ام لا وتحديد ما اذا كانت القوة التي استخدمها لدفع الخطر تتناسب مع الخطر ام انه بالغ في استخدامها وتحديد ما اذا كان بامكانه اللجوء للسلطات الرسمية لطلب الحماية ام لا  ، كلها ظروف موضوعية تستقيها محكمة الموضوع من افادات المشتكين والشهود واقوال المتهم والكشف على محل الحادث والتقارير الطبية والفنية ذات الصلة فاذا توصلت المحكمة الى توافر جميع شروط الدفاع الشرعي حينها يكون فعل المتهم مباحا ولا يشكل جريمة اما اذا لم تتوافر بعض الشروط وتوافر بعضها الاخر فيمكن الركون الى حالة تجاوز حدود الدفاع الشرعي كان يتعرض المتهم لخطر الا انه يستخدم من القوة لدفعه اكثر مما يتطلبه واقع الحال او اكثر مما يستخدمه الرجل المعتاد في مثل ظروف المتهم او اذا اعتقد وجود الخطر وكان اعتقاده مبني على اسباب معقولة  ،

وبهذا الصدد فقد قضت محكمة التمييز العراقية بقرارها المرقم ١٢٧/حق دفاع شرعي/٢٠٠٦ ان  اعتقاد المتهم انه في مواجهة خطر على حياته وانه يتعذر عليه تفادي ذلك الخطر الا بارتكاب جريمة وان هناك من الافعال ما تحمله على هذا الاعتقاد ويرتكب الجريمة لهذا السبب عليه يكون متجاوزا لحق الدفاع الشرعي  وتنطبق على فعله احكام المادة ٤٥ من قانون العقوبات وقد  صدقت محكمة التمييز بموجب هذا القرار الحكم الصادر من محكمة جنايات البصرة  بالبحس لمدة اربع سنوات على متهم احيل اليها وفق المادة ٤٠٦ /١ /ز من قانون العقوبات  لقتله احد الاشخاص وشروعه بقتل الاخر حيث كان بين المتهم والمجنى عليهم خلافات مستمرة وفي احدى المرات التي جمعته بهم وعلى اثر مشادة كلامية شاهد احدهم يركض نحو صندوق السيارة فاعتقد انه سيخرج منها سلاحا ليقتله به فباغتهم  المتهم باطلاق النار قاتلا احدهم ومصيبا الاخر بحروح فقررت محكمة الموضوع انه تجاوز حدود الدفاع الشرعي واخذت اعتقاده بوجود الخطر محمل الاعتقاد المشروع واستدلت بالمادة ٤٥ من قانون العقوبات وخفضت العقوبة الى الحبس وباعتقادي ان اثارة حالة الدفاع الشرعي ومن ثم استخلاصها من قبل محكمة الموضوع من المهام الصعبة والمعقدة التي تواجهها محاكم الموضوع الان انها ضرورية للوصول الى الاحكام العادلة والتي تمثل التطبيق السليم لنصوص القانون المصحوبة بنظرة انسانية وواقعية

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين