جرائم الإبادة في غزة

09:42 - 2023-10-29
القاضي اياد محسن

الداعي نيوز / مقالات

لا يمكن اختزال العدالة بقرارات تصدرها محكمة في قضية لا تتعدى طرفي نزاع، بل إن مفهوم العدالة يتسع ليشمل أوجهاً عدة من السلوكيات والتصرفات والمواقف التي يفرضها الضمير الإنساني الحي يوجب من خلالها أن يتبنى الفرد موقفا عادلا إزاء ما يشهده العالم من أحداث وقضايا تمس جوهر الإنسانية وصميمها.
المجازر الدموية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة مثلت اختبارا حقيقيا للشعارات التي تتبناها العديد من الأنظمة الدولية بخصوص قضايا حقوق الإنسان وكشفت بشكل لا يقبل الشك زيف تلك الشعارات وعدم صدق من كان يرفعها ويتبناها، إذ لم تكن العديد من المجتمعات الإنسانية عادلة في تبني مواقفها وآرائها بخصوص ما يرتكبه النظام الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، تلك المواقف وضعت الكيان الإسرائيلي موضع الضحية رغم المجازر الدموية التي يرتكبها يوميا بحق الفلسطينيين ووظفت لخدمة تلك المواقف محطات إعلامية كبرى وجيوش عسكرية مروعة.
سكت الضمير الإنساني عن المطالبة بمحاكمة قادة الجيش الإسرائيلي كمجرمي حرب للجرائم المرتكبة في غزة، فجرائم القتل والابادة والترحيل التي مورست ضد الفلسطينيين تندرج ضمن مفهوم الجرائم ضد الإنسانية وبعض الأفعال التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي تندرج كذلك تحت مفهوم جرائم الحرب، وأيا كان الوصف القانوني للجرائم المرتكبة فإنها قوبلت بصمت أممي خلافا لما اعتاد عليه المجتمع الدولي من مواقف في قضايا مماثلة، فخذ مثلا أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية اعلن عن فتح تحقيق في بعض جرائم الحرب المحتملة التي نسبت الى روسيا ارتكابها في أوكرانيا ولم يتبن أي موقف تجاه المجازر الدموية التي ترتكبها إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل رغم ان الهدف الأساس الذي شكلت لأجله المحكمة الجنائية الدولية هو لمعاقبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية إلا ان الانحياز في تبني المواقف يجعل العدالة الدولية غائبة وعاجزة عن انصاف الشعب الفلسطيني والوقوف معه في ما يتعرض له من جرائم قتل وإبادة وتهجير قسري.

تنويه: جميع المقالات المنشورة على موقعنا تعبر عن راي كاتبها

اختيار المحررين